قالت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، "إن أمس الثلاثاء كان آخر يوم كامل يقضيه مكوك الفضاء (أطلانتس) في محطة الفضاء الدولية، وذلك في إطار برنامج مكوك الفضاء الأمريكي الذي بدأ قبل 30 عاما ليكون بذلك قد قام برحلته رقم 135.وانتهى رواد المكوك الأحد، من تعبئة طنين من المعدات القديمة والمخلفات من محطة الفضاء الدولية في مستودع شحن لإعادتهما إلى الأرض، وقد تم تحميل مستودع الشحن الإيطالي الصنع بالمكوك الاثنين قبل مغادرته للمحطة الدولية أمس الثلاثاء لينهي بذلك رحلته الأخيرة إلى الفضاء - التي استمرت 13 يوماً - ليهبط على الأرض غدا الخميس القادم في مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا.
يذكر أن (أطلانتس) هو مكوك الفضاء الرابع في أسطول ناسا وقد وصل إلى الفضاء لأول مرة في أكتوبر من عام 1985، وقد حمل المكوك أتلانتيس طاقما مكونا من أربعة أفراد إضافة إلى أغذية وإمدادات حيوية أخرى إلى محطة الفضاء الدولية.وكانت (ناسا) أعلنت في وقت سابق أن برنامج الرحلات الفضائية المأهولة لن يتوقف بانتهاء برنامج مكوك الفضاء (أتلانتس)، حيث أوضح مدير (ناسا) تشارلز بولدن، أن الوكالة تخطط في الوقت الراهن لإعادة تركيز جهودها على الانتقال من المركبات التي يمكنها الوصول إلى مدارات منخفضة إلى مركبات أخرى يمكنها سبر أغوار أعماق تاريخ مليء بالمفاجآت والمآسي. انطلق من مركز كنيدي الفضائي مئات من رواد الفضاء الأمريكيين، كما أن آلافا آخرين عثروا هنا على فرص عمل مختلفة. لكن مع الانطلاق الأخير لأتلانتس يوم السبت الماضي سينتهي عصر مكوك الفضاء الذي دام ثلاثين عاما، وسيتحول المركز الفضائي المذكور إلى مجرد متحف.«هل تعرف كم كانت ميزانية وكالة ناسا بأكملها؟ مثل ميزانية أربعة أيام من الحرب في أفغانستان»، قال ذلك مرشد سياحي في المركز دون أن يتمكن من إخفاء ضيقه وحزنه. ولا يمكننا استغراب ذلك حتما.«أعمل لأجل مركز كنيدي الفضائي منذ 25 عاما تقريبا، وهذا العام هو الأكثر حزنا بالنسبة لي. كل تلك الاكتشافات التي جلبها مكوك الفضاء الى البشرية... أما الآن، فسنضطر للاعتماد على الروس للذهاب الى الفضاء». ويستطرد ساخرا «لكن هؤلاء بالطبع رفعوا السعر ليصل الى 50 مليون دولار لقاء كل مسافر، وبشكل غير متوقع». وبينما أخذت الحافلة التي تقلّنا تقترب من أول محطة من رحلتنا، شغّل لنا المرافق فيلما وثائقيا قصيرا. كل ذلك، بالتناسق مع منظر المحيط الكاشف لطبيعة فلوريدا التي يتم الاعتناء بها بشكل دقيق، يرسم أمامنا الفسيفساء الباهرة التي يتشكّل منها مركز كينيدي الفضائي.rnمركز جون اف. كنيدي الفضائيعلى جزيرة ميريت بالقرب من فلوريدا تمتد على الأرجح أشهر قاعدة لإطلاق الصواريخ الفضائية في العالم. من هنا انطلق جميع الرواد الذين ساروا ذات يوم فوق سطح القمر. من هنا، ومع انطلاق كولومبيا، تم تدشين عصر المكوك الفضائي في عام 1981، وهو العصر الذي سينتهي هذا العام بعد خمسة وثلاثين عاما و135 بعثة. بعد ذلك ستقتصر المهمة الرئيسية للمركز على مجرد التثقيف والسياحة. يمتد مركز كنيدي الفضائي على رقعة يصل طولها الى 55 كلم وعرضها الى 10 كلم، بمساحة اجمالية قوامها 567 كلم مربع. هنا يوجد مجمّع الانطلاق (ال سي - 39)، المبنى الإداري المركزي، الحظائر الضخمة ومركز القيادة.خلال الرحلة تتوقف الحافلة أحيانا لكي يلفت المرافق السياحي انتباهنا الى أعشاش النسور أو التمساح القريب الذي خرج لتوه من البحيرة للتمتع بدفء الشمس. (تعيش هنا عشرات من أنواع الطيور النادرة، التماسيح، وكذلك الخنازير البرية. فالتماسيح تعشق تلك الخنازير)، يضيف مرافقنا ضاحكا مؤكدا عدم رغبته في الافصاح عن اسمه. وكما يبدو، فان المرافقين السياحيين هم في الوقت الحاضر الوحيدون من بين الخمسة عشر ألف موظف الموجودين حاليا في مركز كنيدي الفضائي، الذين يمكنهم ضمان بقائهم في وظائفهم. فالآلاف من الموظفين الآخرين سيتم صرفهم أو نقلهم الى مواقع أخرى ضمن وكالة «ناسا». «أخاف من احتمال فقدان جيل كامل من الاختصاصيين. في الماضي كان الجيل السابق يعلّم الجيل اللاحق». في الوقت الذي نقترب فيه من مجمّع انطلاق الصواريخ، نتعرف على قصّة من كواليس الطيران نحو القمر. هل تعرف لماذا كان جميع الذين ساروا فوق سطح القمر يقودون سيارات من نوع شيفروليه كورفيت؟ يجيب مرافقنا قائلا «كان ذلك بمنزلة خطة متكاملة للتسويق. فقد كان بإمكان هؤلاء الروّاد استئجار تلك السيارات الفاخرة مقابل دولار واحد في العام. بعد ذلك كان البائع يحقق أرباحا كبيرة لقاء بيعه السيارات الرياضية التي كان يستعملها رائد فضاء حقيقي». وقد نجح بول فيشير مع قلمه الفضائي بوضع خطة تسويق مماثلة.rnمكوك الفضاء من حظيرة الطائرات الى ما بعد الهبوطفي إطار الرحلة الاستكشافية الى مركز كينيدي الفضائي يرى الزائرون جميع الأماكن المهمة المرتبطة بانطلاق وهبوط مكوك الفضاء. كل مكوك من أصل أربعة أصلية كان ينتظر فرصته في مبنى شيّد خصيصا لذلك، ويعتبر رابع أكبر مبنى في العالم.من هنا يتم نقل المكوك في وضع مستقيم الى منصة الاطلاق على حافلة يصل عرضها حتى 34 مترا. وبالرغم من أن هذه الحافلة تسير بسرعة لا تتجاوز 1.5 كلم في الساعة وتتحرك فوق «سكّتين» من الحجارة (عرضها 12 مترا، وبعيدة عن بعضها البعض بمقدار 15مترا)، الا أن السائقين يتبادلون القيادة خلال هذه الرحلة أكثر من مرة. فقيادة هذا العملاق تتطلب تركيزا بالغا.بعد ذلك
بعد ثلاثين عاما في الخدمة الفضائية اطلانتيس نهاية عصر
نشر في: 19 يوليو, 2011: 06:05 م