مثل البضائع على رفوف الدعاية، تبدو أزماتنا السياسية للعرض فقط ولا أحد يرغب في المضي بها بعيداً، بل لا أحد يرغب بتنفيذ الصفحة الأخيرة من تهديداته، ومثل كل أزمة يتصايح فيها ديكة السياسة،تنتهي إلى تسوية سرية غير معلنة مصحوبة بقدر كبير من تبويس اللحى.
الذين قالوا قديماً إن الفرج بعد الشدة ،أظنهم لم يقصدوا أبداً هذا المعنى.
يعني بصراحة العراقيين، لن تنسحب "العراقية"من أي منصب استأثرت به في دولة المحاصصة ولن يخرج صالح المطلك من مكتبه الحكومي ،فالشوق إلى الحكم فوق الميول والاتجاهات.
ومن جهة أخرى،لن تقدم الحكومة على إعدام أي من ضباط الهاشمي فضلاً عن تمنياتها القلبية بعدم عودته،لأنها بالأصل لا تنوي القبض عليه.
لن ينسحب أحد من منصب ولن يتبرع به أحد ولن تعاني العملية السياسية أي نوع من الشغور لأنها بالأصل عبارة عن مائدة تغالب بشع بعنوان السياسة.
لكن هناك من يجتهد في محاولة فهلوية لجعلنا نصدق أن هذا السيرك الذي نتفرج عليه يومياً والذي يعمل تحت عنوان أزمة هو"الحياة الديمقراطية "التي نسمع عنها.
الفاعلون بهذا النشاط الدعائي قبيل الانتخابات عليهم أن يعلموا انه بات مملاً للغاية لأن الممثلين فيه غير جادين تماما حتى في تلبية طلبات الجمهور.
تقول الحكومة إنها تنفذ القانون أياً كانت مكانة "المُجرم"أو منصب من يعده النص القانوني مُتهماً وهي تنفذه على كائن من كان،لن يقف في وجهها أي اعتبار،لا طائفة ولا مليشيات ولا شراكة سياسية.
كما يقول معارضوها داخل"خيمة السيرك"إنها تستهدفهم لأسباب سُلطوية وطائفية في محاولة للتحشيد مرّة أخرى لذات العرض الممل المألوف وبذات الدعاية الطائفية المستهلكة، لكن الغريب في دفاعهم وكيل اتهاماتهم إلى الحكومة أنهم يزبدون بذات اللغة ، طائفي يقول لطائفي أنك طائفي فيما هو يحتمي بالطائفة ويتهم طائفة الآخر بمحاولة محو طائفته!وتقليل فرص وجودها بدليل أنهم يستهدفون منصبه الطائفي!
مرّة أخرى يريد الأقزام في طوائفهم أن يظهروا بمظهر العمالقة الممثلين للطائفة حتى بعد أن امتلأت الأفواه دماءً من ضحايا الطائفة نفسها فيما لم تمتلئ جيوب هؤلاء من نعم السلطة بعد.
لكن الطرفين لا يعلمان أنهما أصبحا "طرفا ً واحداً"في عين الناس.
لم تعد الثقة متوافرة ولم تعد الطائفة (المسروقة بالأصل)تحت الطلب كلما تحدثت الأجهزة الأمنية عن تورط حمايات هذا المسؤول أو ذاك في أعمال إرهابية،لأن أداء المسؤولين(الطائفيين بالضرورة والتحاصص)بالأصل يعود بنتائج هي مساوية للإرهاب في كارثيتها وعلى طوائفهم أولاً.
كما أصبح سخيفاً للغاية وصف الحكومة بأنها"غاشمة"وتخرق القوانين فقط عندما يتعرض هؤلاء"الأعدقاء"إلى ضغط أمني أو يزج بحماياتهم بالسجون.
الآن فقط أدركت حواسكم أنها تخرق الدستور ولا تتصرف تحت ظله !
ماذا كنّا نكتب ونؤشر منذ الجلسة المفتوحة سيئة الصيت والى الآن؟
لماذا صممتم آذانكم عن تظاهرات الناس المعبّرة عن مطالب وطنية واليوم تدفعونهم دفعاً للتظاهر تحت راية الطائفية التي،كما تقولون،يمثلها عشرة من الجندرمة في حماية العيساوي؟
الآن تفكر"العراقية"بالانسحاب من العملية السياسية، لكنها لم تتذكر ذلك أبداً حين أمسكت السكين مسلّحة بالطمع والشراهة ورفضت أن تتحول إلى معارضة وطالبت بكل غنائمها من مشروع النهب المسمى تحاصصاً.
ضاعت الفرصة تماماً في أن ينتج هؤلاء وحكومتهم مجتمعاً سياسياً من أجل المستقبل،لكن لدينا أن نستبدلهم،نمنع عنهم الثقة ،نحرمهم، نعاقبهم ...بأصواتنا إن أحسنّا استخدامها.
الكرة في ملعب الناخبين، وفي الحقيقة هي دائماً كذلك، إذا ما أحسن الناس صياغة رأي واقعي وصورة صادقة عن أداء هؤلاء ، وأن يشرعوا بغسل اعتباراتهم الطائفية في التعامل مع هذا السيرك،وقتها سينسحب هؤلاء المهرجون مدحورين وتبدأ الحياة الكريمة بالظهور ..لن يحصل الناس على الكرامة التي يتوقعون في حين هم يهدرونها بالجري وراء مطلب طائفي تافه يزرعه في مخيلتهم سياسي تافه لكنه يحسن الاستغلال.
أزمة للعرض فقط
[post-views]
نشر في: 25 ديسمبر, 2012: 08:00 م
يحدث الآن
بغداد ترحب بـ"هدنة لبنان" والفصائل ترفض وقف التصعيد وتهدد واشنطن
تقرير امريكي يتحدث عن "السيناريو الأسوأ": جر العراق إلى "عين العاصفة الإقليمية"
المالية النيابية: تعديل الموازنة الاتحادية يفتح المجال لتغيير فقرات غير فعّالة
فرنسا تشهد أول محاكمة لدواعش من رعاياها اعتدوا على إيزيديين
مجلس الخدمة الاتحادي: نحتاج لأكثر من 5 مليارات دولار شهرياً لتمويل رواتب الموظفين
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...