TOP

جريدة المدى > سينما > طــريــــق الـمـجـــد يـمــر عـبـــر الـعـائـلــــة

طــريــــق الـمـجـــد يـمــر عـبـــر الـعـائـلــــة

نشر في: 20 يوليو, 2011: 08:14 م

فراس الشاروط المخرج ديفيد .أو .راسل حاول جاهدا –ونجح إلى حد ما- أن يصنع فيلما على غرار فيلم المخرج الكبير (مارتن سكورسيزي) المهم والذي يعد واحدا من أفضل (100) فيلم في تاريخ السينما ، وأهم فيلم لعقد الثمانينيات من القرن المنصرم على الرغم من عدم حصوله على جائزة الأوسكار لعام 1981
وأقصد فيلم (الثور الهائج)، والذي كان يدور ليس حول عالم الملاكمة بل حول الإنسان خلف ذلك الجسم الممتلئ وقفازات الضرب ،الانسان الذي يتحطم شيئا فشيئا ويحطم كل من يحبه لينتهي وحيدا، مكسورا، ضائعا.هكذا أراد (راسل) لفيلمه أن يكون صدى لفيلم سكورسيزي الناجح ،فكان فيلما عن العائلة والتضامن والوحدة خلف قناع الملاكمة ،فيلم عن الرجولة وعن استعادة التوازن والذهاب بعيدا نحو القمة ،عن الأخوة ،عن المدينة والناس حين تتنكر لأبنائها في لحظة ضعفهم ،فأدخلنا منذ البداية بقوة أداء شخصياته في الحدث حين نرى فريق عمل تلفزيوني يوثق بكاميرته يوميات حياة الشقيقين الملاكمين ( مايكي وديكي) لإعداد فيلم عن مسيرتهما بصفتهما بطلين من منطقة شعبية ويحظيان بكثير من الشهرة في مدينتهما الصغيرة.وبما أن فيلم (المقاتل) يستند في مرجعياته الى حكاية حقيقية ،فان مشهد البداية يشي بسرد الحكاية روائيا بمرجعية وثائقية ،من هذا المنطلق حاول المخرج أن يوحي للمتلقي ويقربه من مصداقية الحدث /الحكاية التي بنيت بسيناريو محكم ،وبناء درامي مكثف وحيوي جعلته ليس مرشحا ومنافسا قويا على جوائز الأوسكار (2010) بل واحدا من أفضل أفلام السنة.الممثل مارك ويلبيرغ أنتج الفيلم عن سيناريو معبر كتبه ( سكوت سلفر وباول توماسي) ،واضعين فيه حبكة تراجيدية متجسدة إخراجيا بالانتقالات الدرامية من حدث لآخر دون الإشعار بحدة هذه الانتقالات ،ورغم أن حكاية الفيلم عن العائلة ووحدتها ودورها في صنع مستقبل أبنائها والإيمان بموهبتهم ،ألا أن التركيز جاء على شخصية ديكي (كرستيان بيل) رغم ثانويتها على حساب الشخصية الرئيسة مايكي (مارك ويلبيرغ) ،مستعرضين تفاصيل حياته كملاكم سابق مدمن على المخدرات يحاول جاهدا أن ينظم حياته وأن يعود ثانية لسابق ايام مجده ولكن هذه المرة بشكل آخر محاولا أن يؤدي دور المدرب لأخيه الأصغر.مايكي هو الآخر بدا حائرا بين أخيه الغارق بالمخدرات عند عائلة آسيوية مهاجرة يعاشر ابنتهم متخذا منها خليلة، هاملا طموحات أخيه وتدريباته الجدية وطموحه بالمجد ،وبين سعيه لايجاد مدرب حقيقي يأخذ بيديه لتحقيق الحلم وحصد ألقاب الملاكمة العالمية ،عبر هذين الخطين /الأخوين ،ندخل أجواء العائلة وتتشابك العلاقات وتتفرع الخطوط ،نضوج الاخ الاصغر ليغدو ملاكما بحق تتزامن مع انتهاء حياة الأخ الأكبر مدمنا خلف زنزانات السجن.(المقاتل) فيلم استثنائي يتجاوز حدود عالم الملاكمة ليغوص عميقا في حيوات عائلة أرتبط مصيرها برياضة العنف ،حيث وصل الأمر بالأم (ميليسيا ليو) لان تدير عالم الأخوين وتنسق للأصغر نزالاته متخذة من نفسها مديرة لأعمالهم فيما بناتها يقمن بدور المشجعات ،لقد سكنت هذه الرياضة عالم البيت وأصبحت مصدر رزقهم وقوت حياتهم.حين تظهر شارلين (آمي آدمز) عاملة الحانة في حياة مايكي كان من اللازم أن تقف العائلة ضدها كونها خطرا يهدد مصالح البيت الاقتصادية ،خصوصا أن شارلين بدأت ترسم لمايكي طريقا مختلفا عن طريق العائلة الذي لم يثمر سوى الانكسارات المتعددة مادامت مصلحة وكينونة وجود هذه العائلة فوق هدف الفوز .(المقاتل) قراءة في مصير أناس يضاربون بحيوات الملاكمين وقدراتهم ،وتجربة ديكي هي صورة لبطل أسطوري في عيون أهالي مدينته الصغيرة ،وكيف تتحول هذه الأسطورة الى دمية تافهة ،مجرد ذكرى طيبة ،حين تتحول الى كائن عادي ممسوخ ،لا يجد إزاءها –ديكي- سوى الصراخ رافضا حتى ذلك الفيلم الوثائقي الذي صور عن مسيرته ،وليقف متأنيا أمام صورته الممزقة خجلا محاسبا وواعدا إياها بالعودة الى لحظة الحقيقة ،هذه المواجهة بين الذات الحقيقية/ النفس وبين الذات المصنوعة/ الفيلم ،هي التي قررت لحظة الصحو والعودة ليأخذ بيد أخيه نحو بطولة العالم.الجميع بلا استثناء قدموا أدوارا أخاذة وبشكل رائع ،مارك ويلبيرغ ،ميليسيا ليو ،آمي أدمز، ولكن مثلما أبهرنا روبرت دي نيرو في تحفة سكورسيزي الثور الهائج متوجا مسيرته بجائزة الأوسكار ،يبهرنا حقا هنا في فيلم المقاتل الممثل كرستيان بيل في دور الأخ الأكبر الملاكم السابق والمدمن على المخدرات ،الذي حمل ليس هم العائلة وكيفية تدبير شؤون حياتها بل حمل كاهل الفيلم على كتفيه مؤديا دورا لن يمحى بسهولة من ذاكرة عشاق السينما بسهولة ليتوج مسيرته هو الآخر بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد (ثانوي)ويحسب للمخرج راسل أن فيلمه مثل فيلم سكورسيزي ترشح لجوائز الأوسكار ولكنه كان اسعد حظا منه ولم يخرج خالي الوفاض فقد كسب جوائز التمثيل للأدوار الثانوية (ميليسيا ليو وكرستيان بيل) إضافة لجوائز أخرى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

أثار اهتمامي موضوع زوجات مقاتلي داعش فجسدت دور ربيعة

الفائزون في الدورة الـ75 لمهرجان برلين السينمائي الدولي

مقالات ذات صلة

سينما

"بغداد تثور"... مشاهد سينمائية ديناميكية من ساحة التحرير

قيس قاسم تطرح مُشاهدة "بغداد تثور" (2023)، للعراقي المقيم في النرويج كرار العزاوي، كغالبية الأفلام الوثائقية الراصدة حدثاً دراماتيكياً آنياً، السؤال الإشكالي نفسه: أينبغي التريّث والانتظار لتوثيقه، ريثما تنضج في ذهن السينمائي، المعني برصده،...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram