هناك نجوم قلائل يصمدون في ذاكرة الناس على مدى طويل من الزمن، لكونهم تركوا أثراً طيباً خلفهم من خلال البصمات العديدة التي يقدمونها فوق المستطيل الأخضر وكافأتهم الجماهير بالخلود الطويل في ذاكرة الجمهور الرياضي.
(المدى) تحاول الغور في مسيرة نجوم المنتخبات العراقية السابقين الذين ترفض ذاكرة جمهورنا مغادرتهم لها حيث صمدوا في البقاء فيها برغم مرور عقود عـدة على اعتزالهم اللعب حتى أن قسماً منهم ابتعدوا عن الرياضة برمتها أو غادروا العراق إلى بلدان أخرى.
زاوية (نجوم في الذاكرة ) تستعرض في حلقتها 155 مسيرة حارس مرمى فرق صلاح الدين والشرطة والكرخ والقوة الجوية والزوراء والمنتخبات الوطنية السابق إبراهيم سالم، وُلـِد عام 1969 ولعب أكثر من"15" مباراة دولية حيث سيجد فيها القارئ الكثير من المحطات والمواقف المهمة والطريفة.
بـداياتـه
بدأ الحارس إبراهيم سالم ممارسة لعبة كرة القدم منذ الطفولة في فرق المدارس ثم الفرق الشعبية، حيث كان لتأثره الشديد بالحارسين الكبيرين رعـد حمودي وكاظم شبيب هو الذي دفعه للوقوف بين الخشبات الثلاث للدفاع عن المرمى أمام محاولات مهاجمي الفرق المنافسة، وبعد أن وجد في نفسه المؤهلات اللازمة التي تساعده على التطور أراد أن يجرِّب حظه مع فرق الفئات العمرية في الأندية المحلية، لذلك انضم إلى مدرسة حراس المرمى في الكرة العراقية "نادي الشرطة"، لأن خيرة حراس المرمى في الكرة العراقية قد تخرجوا من بوابات هذه المدرسة الكبيرة، وبالفعل خاض اختبارات تحت إشراف النجمين الكبيرين دوكلص عزيز ومظفر نوري، حيث منذ البداية أكد أنه يسير في الطريق الصحيح.
وبرغم أن نادي الشرطة يمتلك في صفوفه الحارس الأول في العراق في بداية تسعينيات القرن المنصرم وأعني هنا الحارس الكبير عماد هاشم، إلا أن إبراهيم سالم كان واثقاً بقدراته ولم يـرَ انه بوجود هذا الحارس الكبير لن يحصل على فرصته في الوقوف بين خشبات مرمى فريق الشرطة، بل أنه خاض أول مباراة له في دوري الكبار في بداية تسعينيات القرن المنصرم مع الشرطة ضد فريق الخطوط الذي كان يضم في صفوفه الكثير من اللاعبين المعروفين حيث نجح في الحفاظ على شباكه عذراء حتى نهاية المباراة التي انتهت بالتعادل السلبي.
وبعد ذلك واصل إبراهيم سالم تواجده مع نادي الشرطة كحارس مرمى احتياط لعماد هاشم، إلى أن جاءته الفرصة المناسبة ليقدم بطاقة اعتماده للجميع كحارس مرمى قادم للدفاع عن ألوان المنتخبات الوطنية حيث تمثلت هذه البطاقة بمباراة الشرطة والزوراء والتي دافع فيها عن مرماه ببسالة وأنقذ الكثير من الكرات الخطرة من أمام مهاجمي الزوراء وتعزز هذا التألق بنجاح زميله المهاجم يونس عبد علي في تسجيل هدفين جملين في مرمى الزوراء الذي كان يحرسه الحارس عامر عبد الوهاب حيث جعلت هذه المباراة إبراهيم سالم حارساً مؤهلاً للذود عن شباك مرمى المنتخب الوطني الذي كان يستعد للمشاركة في المرحلة النهائية من تصفيات كأس العالم التي جرت في الدوحة عام1993 ، إذ استدعاه مدرب حراس مرمى المنتخب الوطني فتاح نصيف مع زميله في فريق الشرطة عماد هاشم للدفاع عن ألوان المنتخب الوطني في تلك التصفيات وهي حالة نادرة جداً أن يتم اختيار حارسين من فريق واحد!
التألق الدولي
في تلك التصفيات ابتسم الحظ لإبراهيم سالم بشكل كبير جداً، حيث أدى اهتزاز مستوى زميله عماد هاشم في مباراتي المنتخب الوطني أمام المنتخبين الكوري الجنوبي والكوري الشمالي ودخول شباكه خمسة أهداف في تلك المباراتين إلى قيام اللجنة التدريبية التي كُلفت بقيادة المنتخب خلفاً للمدرب عدنان درجال والتي تألفت من شيخ المدربين الراحل عمو بابا وأكرم احمد سلمان ويحيى علوان بإعطاء الثقة للحارس الشاب إبراهيم سالم الذي كان عند حسن ظن الجميع في مباراة المنتخبين الوطني والإيراني التي انتهت لصالح منتخبنا بهدفين مقابل هدف واحد، حيث تألق إبراهيم سالم بشكل كبير جداً وذاد عن مرماه ببسالة، ما جعله الحارس الأساس في بقية مباريات التصفيات المذكورة.
إلا أن تألق إبراهيم سالم هذا لم ينفعه كثيراً، لأن المنتخبات العراقية لم تكن لديها فرصة واسعة في المشاركة في البطولات الخارجية بسبب الحظر الخليجي والعربي والآسيوي المفروض عليها لكن إبراهيم سالم بقي متألقاً في الدوري المحلي وبات من الأسماء المهمة فيه بالرغم من وجود حراس كبار من المخضرمين ومن أبناء جيله.
تألق مع المنتخب الأولمبي
في عام 1995 استدعى المدرب أنور جسام الحارس إبراهيم سالم إلى صفوف المنتخب الأولمبي الذي شارك في بطولة لال نهرو الدولية بالهند وقد تألق سالم مع المنتخب المذكور وأسهم في فوزه بالبطولة المذكورة التي شاركت فيها فرق قوية إلا أن هذا التألق ذهب أدراج الرياح، لأن عمره لا يسمح له بالمشاركة في التصفيات الأولمبية لكن جسام اختاره لأنه كان يرى أن الكرة العراقية وبعد الحصار الطويل الذي تعرضت له بحاجة إلى فوز يُعيده إلى الواجهة من جديد وهذا الفوز لا يتم إلا بوجود حارس مرمى مجرب.
وبعد هذه البطولة لم يسمح المدربون للحارس إبراهيم سالم التواجد مع المنتخب الوطني بالرغم من أنه كان في عام 1999 في قمة مستواه الفني والبدني وخصوصاً عندما مثـَّل نادي الطلبة في بطولة الأندية الآسيوية ضد نادي السـد القطري، حيث تجاهله المدربون ما أدى إلى فتور عزيمته وانكسار نفسيته في مباراة الإياب التي خسرها الطلبة.
تجارب أخرى
خاض إبراهيم سالم تجارب كثيرة مع الفرق المحلية في تسعينيات القرن المنصرم حيث لعب لفريق الكرخ ثم تألق مع فريق صلاح الدين ومثـَّل القوة الجوية، إلا أن تجربته مع هذا الفريق لم تكن جيدة، كما لعب لفريق الزوراء موسماً واحداً ثم عاد لفريق الشرطة الذي اعتزل فيه وهو في قمة مستواه الفني والبدني في بداية القرن الحالي.
أجمل مبارياته
خاض إبراهيم سالم العديد من المباريات الجميلة التي ما زالت خالدة في أذهانه وأيضاً في أذهان أغلب من شاهدها ، ومن هذه المباريات مباراة الشرطة والزوراء في عام 1993 ومباراة المنتخب الوطني ضد المنتخب الإيراني في تصفيات كأس العالم ومباراة الطلبة والســد القطري في البطولة الآسيوية.
مميزاته
يتميز الحارس إبراهيم سالم بالطول الفارع وضخامة الجسم والقدرة على التقاط الكرات العالية من أمام رؤوس المهاجمين والتصدي للكرات الأرضية وفرض هيمنته على منطقة الجزاء حتى أن الكثير من المهاجمين يخشون الاقتراب منه أو الالتحام معه، لأنهم يقرون بتفوقه عليهم، لكن ما يعاب عليه هو أنه أنهى مسيرته بشكل مبكر، حيث كان بإمكانه الاستمرار لمدة أطول، فضلاً عن بعض المشاكل التي حدثت له مع بعض إدارات الأندية والتي أثرت على مسيرته الكروية.
ابراهيم الهداف
بالرغم من أن الحارس إبراهيم سالم مهمته الأساسية هي منع هز شباك مرماه، إلا أنه ذهب بالاتجاه المعاكس تماماً عندما تحوَّل إلى هدَّاف في مرمى الفرق الأخرى، حيث يحتوي سجله الشخصية على أربعة أهداف سجلها لفريقي صلاح الدين والكرخ اللذين مثلهما في تسعينيات القرن المنصرم من ركلات الجزاء.
أبرز المدربين
دوكلص عزيز، مظفر نوري، عبد كاظم، لطيف شندل، باسم قاسم، أيوب أوديشو، عمو بابا، أنور جسام،عدنان درجال، عدنان حمد، اكرم سلمان ، يحيى علوان، فتاح نصيف، احمد جاسم وقاسم أبو حمرة.
نجوم في الذاكرة:إبراهيم سالم.. يمنع الأهداف عن شباكه ويسجلها في مرمى الآخرين!

نشر في: 25 ديسمبر, 2012: 08:00 م