حسين علي الحمداني المواضيع التربوية هي أكثـر المواضيع تداولاً في الحياة اليومية بسبب إن نسبة عالية جداً من العوائل العراقية لديها تلامذة وطلبة في المدارس المتوزعة في عموم البلد ،وبالتالي فإن الهموم التربوية تكاد تكون مشتركة بين الجميع وأولها موضوع دورات التقوية والدروس الخصوصية وهو موضوع يشغل مختلف شرائح المجتمع العراقي ويؤشر حالة يعانيها المجتمع ماديا ولو نظرنا بعمق لهذه الظاهرة فإننا نجدها ذات مردودات ايجابية للطالب والعائلة من حيث الحصول على الدرجات العالية.
والدروس الخصوصية في نفس الوقت تؤشر حالة سلبية في أداء مدارسنا وخاصة المتوسطة والإعدادية وهذه الحالة تتمثل في تقاعس البعض في أداء واجباتهم بالشكل السليم والصحيح والمستوى المتدني للكثير من المدرسين والمدرسات ،وهذا المستوى المتدني غير مؤشر في سجلات التربية لأنها تتعامل مع المُدرس والمُدرسة وفق نسب النجاح وغالباً ما تكون نسب النجاح عالية ليس بفضل جهود المدرسين الذين درسوهم في المدارس بل بسبب الدروس الخصوصية,وهذا معروف للجميع حيث يأخذ المدرس الخصوصي أتعابه المادية فيما يحصل المدرس أو المدرسة الأصلية في المتوسطة أو الإعدادية على كتب الشكر والتقدير دون وجه حق، وهذا يقودنا إلى البحث عن الحلول، والحل لا يكمن كما يتصور البعض في إلغاء الدروس الخصوصية ودورات التقوية أو حتى الحد منها لأن هذا ليس علاجا شافيا بقدر ما هو إجراء إداري تتخذه وزارة التربية وتعممه على المدارس ،ولكن أجد من الضروري أن نكون صريحين في تقييمنا الواقع التربوي والتعليمي وهل إن المدرس والمدرسة غير قادرين على الإبداع وإيصال المعلومة لطلبتهم كما يوصلها المدرس الخصوصي ؟؟ بالتأكيد لا ولكنهم غير مجتهدين وربما يسأل البعض كيف ؟ ونقول مهنة التدريس تحتاج إلى التواصل وأهم شيء فيها باعتقادي هو الإلمام بأحدث طرائق التدريس الحديثة وعدم الاكتفاء بطريقة واحدة أكل الدهر عليها وشرب ورفضتها استراتيجيات التربية الحديثة منذ عشرات السنين، وبالتالي فان واحدا من أهم واجبات مديريات الإعداد والتدريب في المديريات العامة هو تدريب منتسبيها من المدرسين والمدرسات على أيدي المدرسين الذين يقومون بالتدريس الخصوصي والأخذ بأيديهم للرقي والتقدم ،والحل الآخر الذي يفكر به البعض ويخشى من طرحه لأسباب عديدة هو اللجوء إلى المدارس الأهلية طالما إن ولي أمر الطالب يدفع للدورات والدروس الخصوصية مبالغ طائلة فلم لا يدفعها للمدرسة الأهلية التي هي بالتأكيد لن تكون ملزمة بالمدرسين والمدرسات غير الجيدين بل تختار الأكثر كفاءة لينتسب إليها ووفق معايير إدارية ورواتب أعلى، وبهذا فنحن سنخلق مبدأ التنافس بين المدارس وهذه المدرسة, أما الآن فلا يوجد تنافس بين إعداديات وثانويات المحافظة وعموم العراق لأن الأغلبية من الطلبة والطالبات منخرطون في دورات تبدأ من العطلة الصيفية وبهذا تفتقد المدرسة الرسمية واجبها الأساسي ،فالطالب مهما تلقى فيها من معارف وعلوم فهو يرنو صوب المدرس الخصوصي . وبصراحة الثقة بالمدرس الخصوصي أكثر وبنسبة عالية جدا، وهناك حلول كثيرة ممكن أن تطرح وتناقش وأقترح أن يصار إلى دراسة هذه المقترحات دراسة متأنية وأخذ المناسب منها بعين الاعتبار ومحاولة تأسيس نظام تعليمي جديد في العراق يمنح الجميع فرصاً متكافئة . بقي شيء واحد علينا إن نذكره وهو ان التدريس الخصوصي غايته وهدفه الرئيسي هو نجاح الطالب،أما مدى بقاء المعلومة في ذاكرته فهذا صعب تحديده لأن اغلب الذين دخلوا دروساً خصوصية ونجحوا وأصبحوا مهندسين وأطباء لا يتذكرون شيئاً عن الفيزياء والكيمياء بل حتى لا يتذكرون مدرسيهم أو مدرساتهن إذا كن طالبات ولكنهم لم ولن ينسوا معلميهم في الابتدائية ،أما لماذا فلأن معلميهم ومعلماتهم في الابتدائية كان لهم هدف أسمى من المال ألا وهو الحرص على تنشئتهم نشأة صحيحة وسليمة.
التدريس الخصوصي وتأثيراته
نشر في: 22 يوليو, 2011: 07:18 م