TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المرحلي والاستراتيجي في عمل الأحزاب السياسية

المرحلي والاستراتيجي في عمل الأحزاب السياسية

نشر في: 22 يوليو, 2011: 07:20 م

أحمد جويد أصبح وجود الأحزاب في الحياة السياسية لدى الدول التي تتمتع بالديمقراطية ضرورة ملحة لتحقيق التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة، بل ان الاحزاب تمثل جوهر الديمقراطية، لأنها تسير نحو ايجاد حالة كبيرة من التوازن والاستقرار السياسي وتحافظ على عدم ترجيح كفة جهة على أخرى عبر توزيع القدرات وعدم تمركزها.
 فهي تُعَدّ إحدى الظواهر البارزة في المجتمعات المتقدمة لما تفرزه من تنافس ايجابي على السلطة وتجسد مبدأ المشاركة السياسية، إضافة إلى التعبير عن إرادة المجتمع بكافة أطيافه ومصالحه، بينما في الدول التي تدعي الديمقراطية أو حديثة العهد بها فهي أقرب إلى الشكل دون المضمون في أغلب الأحيان بحيث تكون هنالك خشية من استئثار حزب معين في السلطة تحت ذريعة الوصول إلى الحكم عن طريق الشرعية الانتخابية وبالتالي سوف يستغل أكبر قدر من مقدرات الدولة لصالح مشروعه السلطوي. فما هو الحزب السياسي؟ وبماذا يتميز عن غيره من التنظيمات الأخرى؟ وكيف يحافظ على ديمومة وجوده في الحياة السياسية؟ الحزب؛ كلمة عربية تعني: فريقاً أو مجموعة من الناس الذين لهم تفكيرٌ واحد وهدف واحدٌ، وجمعُ كلمة (الحزب) هو (الأحزاب)؛ وتوجد في القرآن الكريم سورة باسم (الأحزاب)، يقول الله سبحانه وتعالى( وَلَمَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَهُ وَرَسُولُهُ) آية21سورة الأحزاب. ويمكن تعريف الحزب السياسي على انه: تنظيم يضم مجموعة من الأفراد بنفس الرؤية السياسية وتعمل على وضع أفكارها موضع التنفيذ وذلك بالعمل في آن واحد على ضم أكبر عدد ممكن من المواطنين إلى صفوفهم وعلى تولي الحكم أو على الأقل التأثير على قرارات السلطات الحاكمة.وعرّف الكاتب البريطاني "إدموند بيرك" الحزب السياسي بأنه "مجموعة من الأفراد اتحدت بجهودها الذاتية لترقية المصلحة الوطنية على أساس مبدأ معين متفق عليه بين المجتمع"، وعرفه آخرون على أنه مجموعة من الأفراد تسعى للوصول إلى السلطة للاستفادة من ثمارها. تُعَرِّف الموسوعة البريطانية الحزب السياسي على أنه؛ مجموعة ضمن مجموعات أخرى في النظام السياسي، تحاول إيصال مرشحيها إلى المناصب العامة للسيطرة على الحكومة أو التأثير على سياساتها، ويرى موريس دوفرجيه أن الحزب (مجموعة طوائف أو اجتماع مجموعات صغيرة تنتشر في البلاد، ترتبط في ما بينها بنظم تنسق عملها للوصول إلى الحكم عن طريق الانتخاب). أما التعريف الجامع لمعنى الحزب السياسي هو ما ذهب إليه د. سمير عبد الرحمن الشمري، باعتباره: جماعة اجتماعية تطوعية واعية منظمه ومتميزة من حيث الوعي السياسي والسلوك الاجتماعي المنظم ومن حيث الطموحات والآمال المستقبلية ولها غايات قريبة وبعيدة ،وتهدف هذه الجماعة إلى الاستيلاء على السلطة (إذا كانت في المعارضة وإلى تغير سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وحياتي يتساوق مع قناعتها واتجاهاتها).وما نود التأكيد عليه في هذا التعريف هو عبارة (الطموحات والآمال المستقبلية ولها غايات قريبة وبعيدة)، فالمستقبل هو غاية التنظيم الحزبي، أما القريبة تعني المرحلي والبعيدة تعني الاستراتيجي، ولابد لكل حزب يرغب بالديمومة والاستمرار في العمل الحزبي والوصول إلى السلطة حتى لو خرج منها أن يضع نصب عينيه الغايات البعيدة والعمل على تعزيزها من خلال الغايات القريبة أي المرحلية، إذ يجب أن تكافح الأحزاب نظاماً معيناً مـن أجل تأمين المصلحة حسب ما تراها وتسلم السلطة وتطبيق مسلكها العقائدي وزعامة الطبقة الخاصـة التي يمثلها هذا الحزب على ساحة الصراع الاجتماعي.  فقوة الأحزاب في البلدان الغربية هي في اطِراد نظراً لإقبال الناس على هذا النوع من المدارس السياسية، حتى باتت الحكومات غير قادرة على البقاء في السلطة أو في سعيها للسلطة دون دعم ومساندة من الأحزاب، فالحكومات التي جاءت إلى السلطة بدون دعم حزبي لم تدم طويلاً فسقطت في مواجهتها لأقل مانع أو مشكلة، وقد وصل الأمر إلى حد أن الأحزاب السياسية أصبحت في المجتمعات الغربية من مستلزمات الديمقراطية الحديثة.والحزب السياسي يختلف عن غيره من التنظيمات؛ فهناك تنظيمات عدة تشترك مع الحزب في العناصر مثل الجمعيات الثقافية والنقابات المهنية وجماعات الضغط التي هي كلها عبارة عن مجاميع من الأفراد يجتمعون على بعض المبادئ وقد توجد روابط تنظيمية بينهم، ولكن ما يميز الحزب عن هذه التنظيمات هو أن هذه المجاميع لا تسعى للوصول إلى السلطة، فهذه الجمعيات تسعى لنيل حقوق شريحة معينة مثلا كما هو الحال في النقابات المهنية، أو تسعى لحل بعض المشاكل والأزمات الآنية، وعليه فإن المعيار الوحيد للفرق بين الحزب السياسي وغيره من التنظيمات هو الهدف السياسي وهو الوصول إلى السلطة.  وليس المهم تأسيس الأحزاب وكثرة عددها بقدر أهمية فاعليتها على الساحة السياسية واستطاعتها الوصول إلى السلطة لعدة مرات حتى مع فقدانها السلطة لدورة أو دورتين انتخابيتين، وذلك بالاستناد إلى القواعد الشعبية التي تحافظ على ديمومتها في الحياة السياسية متفاعلة مع قضايا الأمة الجوهرية والإستراتيجية بشكل تنظيمي، فتكون كما وصفها المرجع الديني الراحل الإمام السيد محم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram