اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الثورات العربية وغياب البوصلة

الثورات العربية وغياب البوصلة

نشر في: 23 يوليو, 2011: 08:11 م

حسين علي الحمداني هل تعيش الثورات العربية مرحلة انعدام القيادة ؟ وكيف يمكن أن تكون مسارات الثورات العربية ؟ وهل تجاوزت هذه الثورات مرحلة الخطر؟ يمكننا تسمية الفترة الحالية بأنها فترة الثورات العربية أو عصر الثورات العربية،حيث إن الشعوب العربية تحولت إلى صناعة الديمقراطية بعد أن ظلت عقوداً طويلةً لا تنتج سوى ديكتاتوريات بغيضة.
ولعل التضحيات الكبيرة التي قدمتها الشعوب العربية منذ انتفاضة تونس وحتى يومنا هذا جسيمة وكبيرة ولكنها لم تكن تضحيات غير مبررة لكونها أزاحت نظماً استبدادية لا يمكن إزاحتها بسهولة ودون تضحيات .وهذه التضحيات لشرائح مختلفة من المجتمع جعلت البعض من المفكرين يطلق تسمية الثورة الشعبية،وهذا ما يجعلنا نفكر ملياً  بنوع الثورات التي قامت بها الشعوب العربية. الثورات ثلاثة أنواع:ثورة تحصد شهداءها وتبني بذكراهم تاريخها الجديد وتسير نحو المستقبل المشرق،وثورة تأكل أبناءها وتطحن رموزها فتضيّع مستقبلها،وثورة تنتج الشهداء، وتمنح ثمارها للآخرين من الذين عادة ما يقفزون لهرم السلطة من جديد تحت مسميات عديدة وهويات جديدة وأيديولوجيات ظلوا يتنقلون في ما بينها حسب ما تقتضيه مصالحهم .ووفق هذه التوصيفات فإن ما يحدث الآن في مصر وتونس في مرحلة ما بعد إزاحة النظامين يمثل قمة القفز على  الثورتين من خلال بروز تيارات وقوى وشخصيات تحاول جاهدة توظيف الحدث الثوري الشعبي لها من خلال ما تخطط له في جر الشارعين المصري والتونسي معا للتصادم والتناحر والتقاطع، فوجدنا في مصر مثلاً التناحر الطائفي بين الأقباط والمسلمين ورغم إن هذا التناحر ليس وليد اللحظة الحالية ولكن نجد بأن إثارته في الوقت الحاضر لا يصب بالتأكيد في المصلحة الوطنية للمصريين،وحتى محاكمة رموز النظام السابق في مصر تحت وطأة ضغط الشارع الشعبي لا يمكن أن تكون هي المخرج الحقيقي للأزمة التي تعيشها مصر والحال ينطبق أيضاً على تونس التي تراجعت وارداتها الاقتصادية بنسبة  51% في الأشهر المنصرمة نتيجة هروب السياح والاستثمارات السياحية معاً،فضلاً عن تعطيل الكثير من المرافق العامة . ومن يتابع سير الأحداث وتسلسلها الزمني في مصر ويقارنها بما كان سائداً في العراق بعد عام 2003 سيجد بأن هنالك تشابهاً كبيراً جداً في التعامل مع التحولات الديمقراطية المطلوبة وما يصاحبها من تحولات اجتماعية واقتصادية ولكن ما يختلف به العراق عن تونس ومصر يتمثل بتوفر الموارد المالية نتيجة استمرار تدفق النفط مهما كانت كميته التي من شأنها أن تدعم أي تحول ديمقراطي منشود وتوفر على الأقل موارد تشغيلية تؤمن رواتب الموظفين بشكل أو بآخر.لهذا نجد اليوم بأن شعب تونس ومصر يعانيان  البطالة التي تتفاقم وفرص العمل تتضاءل وميكانيزمات الاقتصاد تزداد هشاشة، ورأس المال يكشف عن جبنه اللامحدود عبر هروبه للخارج خاصة وإن أحدث التقارير الاقتصادية تؤكد بأن أكبر مشكلة تواجه اقتصاد تونس ومصر يتمثل بهروب رأس المال، والسياسة تتحول إلى خبز يومي يقتات منه المتحزبون، ويلفظه الفقراء رغم حاجتهم إليه، ويتعقد الوضع الأمني الهش والذي يهتز من ( هبة ريح ) أياً كان مصدرها حتى وإن كانت شائعة، وهذا ما يجعل المواطن هناك يعيش حالة ضبابية للمستقبل الذي ينتظره .وتبقى الأسئلة وحدها تغذي مخيلة الشعب ولا تجد من يجيب عليها سواء من الحكومة الانتقالية في كلا البلدين أو من العسكر الذي تعهد بحماية الثورة أو من الأحزاب التي تتطلع بشراهة للقفز على السلطة أو حتى من الإعلام الذي تكاثر وتناسل لدرجة بات غير قادر على إثبات مرجعيته هل هو مع الثورة أم في منطقة اللاقرار؟ ويزداد الغموض غموضاً آخر حين يتم تأجيل الانتخابات وكأن الغاية المرجوة إبقاء الحال على ما هو عليه حتى إشعار آخر، هل هو الخوف من الديمقراطية  أم اعتراف ضمني بأن الشعب غير مهيأ لأداء المهمة الديمقراطية  أم إن الأحزاب بكل مشاربها لم تستعد بعد لتجربة جديدة كهذه ؟وهل يعني هذا بأن الثورات العربية تعيش مرحلة التخبط  وقد تفشل في إدارة الدولة وفق مفاهيم الديمقراطية التي قامت من أجلها ؟ لكن الهاجس الأكبر الذي ينتاب المواطن العربي يكمن بأن الأحزاب الموجودة في الساحة الآن سواء في مصر أو تونس هل قادرة على أن تكون أحزاباً وطنية  أم سنجدها تعزف على وتر الهويات الثانوية وقد تقود البلدين معاً لحالة من التناحر الطائفي والجهوي والمناطقي من أجل أن تحقق هذه الأحزاب مصالحها الضيقة جداً والتي لا تتعدى كرسياً ومقعداً في البرلمان والحكومة؟ هذه المخاوف تؤرق أبناء تونس ومصر وهم يرون حالة الهستريا والتشظي التي تعيشها النخب السياسية وحجم التقاطعات الكبيرة في ما بينها في مختلف المجالات. ثم هنالك ما هو أخطر من هذا وذاك ويتمثل كما قلنا بالعزف على وتر الطائفية سوى داخل الدين الواحد كما حصل بتصريح الدكتور والمؤرخ التونسي محمد الطالبي ضد الرسول الأكرم وصحابته، هذا التصريح الذي لا يمكن لنا أن ندرجه ضمن حرية التعبير والرأي، أو الحق في التفكير،بقدر ما انه يمثل عود كبريت في بلد قابل للاشتعال في أية لحظة،وبالتالي فإن تصريحات كهذه من شأنها أن تمهد الطريق لحرب أهلية وطوفان كبير تظل تأثيراته باقية لعقود قادمة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العدل تعلن اعداد النزلاء المطلق سراحهم خلال شهر تموز

القضاء يحكم بالاعدام والسجن المؤبد بحق 30 تاجر مخدرات

السوداني يحذر من خطورة الاستخفاف بسيادة الدول

ميسي ضمن التشكيل المثالي لكوبا أميركا

أسعار الدولار في بغداد.. سجلت ارتفاعا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram