TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > دور التنمية الاقتصادية فـي الدعم السياسي طويل الأجل

دور التنمية الاقتصادية فـي الدعم السياسي طويل الأجل

نشر في: 24 يوليو, 2011: 05:31 م

علاء خالد غزالة لعل ابرز ما كان متوقعا للاقتصاد العراقي بعد تحرره من نير الطغيان هو التحولات الجذرية نحو اقتصاد مفتوح غير خاضع لسيطرة الدولة. اقتصاد تكون فيه المنافسة الحرة والعادلة هي العنصر الدافع للإنتاج، وتتغلب فيه الحاجة الى تلبية الطلب المحلي على المنتجات بطريق الاكتفاء الذاتي على الرغبة في اللجوء إلى الأسواق العالمية، حيث تصعب السيطرة على النوعية بالاضافة الى التأثيرات الوخيمة لزيادة الاعتماد على الاستيراد على حساب المنتج المحلي.
غير أن أوضاع العراق الشاذة منذ الغزو الاميركي في نيسان 2003، بدءا من التداعيات الامنية لذلك الغزو، مرورا بالقرارات السياسية المتعجلة في ما يتعلق بالاقتصاد المحلي وطريقة توزيع واردات الدولة الهائلة، وليس انتهاء بالحزبية الضيقة التي يتميز بها وقتنا الراهن والتي أصبحت العامل المحرك لكل فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بسبب هيمنتها على تلك  الفعاليات بدون منازع، كل هذا قاد الى عكس مسيرة النمو الاقتصادي وتراجع أداء الاسواق في ما يتعلق بالميزان التجاري الوطني.التركة الثقيلةلنلق نظرة على وضع اقتصاد العراق قبل عام 2003، حينما كان القرار يصنع في دائرة ضيقة جدا، وبأمر مباشر من "القائد الضرورة". كان العراق يرزح تحت وطأة العقوبات الدولية، التي لم تكن تعني شيئا بالنسبة للنظام أكثر من تفويض السيطرة على مقدرات البلاد النفطية الى الامم المتحدة في ما يعرف ببرنامج "النفط مقابل الغذاء". أي ان هذه العقوبات في الواقع كانت سياسية، الغرض منها منع حاكم العراق وزمرته من استثمار ثروات العراق في اعادة بناء برنامجه العسكري سيىء الصيت. لكن النظام لم يحوّل واردات النفط تلك الى ما يخدم مصلحة الشعب إلا بالنزر اليسير، ما انعكس سلبا على الوضع المعيشي لعموم الشعب، وتسبب في معاناة دائمة من نقص الخدمات الاساسية، وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل خطير. هذه هي، بطبيعة الحال، البيئة التي يزدهر فيها الفساد ويرسخ أسسه في جسد الدولة ومفاصلها، ويجد له مبررات اجتماعية تجمل وجه أدعيائه على الرغم من قبح الفعل الذي يقدمون عليه.توطن الفسادوهكذا فما آن تغير النظام حتى وجدت عصابات الفساد الإداري والمالي نفسها أمام احتمالية الكشف والمحاكمة او الهروب والنفي. فبدأت هذه الزمر، التي كانت ما تزال تمسك بزمام الدولة من مواقع متوسطة او متدنية، في تعطيل عجلة الإصلاح التي كان يمكن ان تسحقها في غضون سنوات قليلة، لو توافرت النية المخلصة للقضاء عليها. ومما ساعد على بقاء هذه الطبقة الفاسدة في مواقعها غياب ثقافة مكافحة الفساد على المستوى الاجتماعي، بالاضافة الى انشغال الدولة بالامور السياسية والامنية الى حد إهمال متابعة هذا الشأن الخطير، الذي كان تأثيره في نهاية الامر اكبر من كل التبعات الامنية التي مر بها العراق خلال السنوات الثماني الماضية. و أوضح دليل على ذلك اليوم  تردي وضع الخدمات الاساسية من ماء وكهرباء وطرق وصرف صحي وخدمات بلدية، يضاف اليها فشل النظام التربوي، وتخلف النظام الصحي، وتضخم نسب البطالة وشيوع المحسوبية وشراء الوظائف الحكومية، وغير ذلك من المظاهر الفتاكة لتردي وضع الاقتصاد في بلد لا تعوزه الثروات المادية والبشرية لكي يكون في مصاف الدول المتقدمة، او على الاقل ان يكون بمستوى اقل الدول تمدناً في محيطه الإقليمي.كما ادى نقص الخدمات الاساسية الى تعطيل الصناعة المحلية على بساطتها، وتهالك القطاع الزراعي مقابل ازدهار وقتي للقطاع التجاري الذي كان مجرد بوصلة تشير الى اتجاه واحد: الاستيراد من خارج العراق دون ان يعبأ القائمون على التخطيط الاقتصادي بتعديل الميزان التجاري ولو بنسبة بسيطة، من خلال تشجيع التصدير وتقديم حوافز وإغراءات للمستثمرين في هذا القطاع، مع وضع ضوابط جمركية على حركة الاستيراد لحماية الصناعة المحلية والمستهلك على حد سواء.  ومن ناحية اخرى، فان المصالح الحزبية قد وجدت سبيلها الى دوائر الدولة من خلال التعيينات المستندة الى الانتماء السياسي وغير المبنية على الكفاءة، ما ادى الى عرقلة الحركة الطبيعية للتطور واستبدال العناصر السيئة بأخرى جيدة من خلال الفرز والتمحيص على اساس الاداء وليس الانتماء.قرارات متعجلةمن بين القرارات التي اتخذتها الدولة دون نظر كاف في العواقب قرار زيادة رواتب الموظفين بشكل كبير. فعلى الرغم من كون شريحة الموظفين هي من الشرائح الكبيرة في المجتمع الا انها ليست الشريحة الوحيدة او الاوسع. وقد عمد النظام السابق، في الفترات السابقة للحصار الاقتصادي، الى منح زيادات في الرواتب بين الحين والآخر ظهرت آثارها واضحة في إحداث تضخم اقتصادي كبير عجزت الدولة عن تخفيضه لاحقا والقي بظلاله الى الوضع المعيشي العام. لذلك توقفت الدولة عن الاستمرار في زيادة الرواتب على الرغم من تيقنها بان مثل هذا الامر كان سيحقق لها نوعا من الدعم السياسي في اوساط المنتفعين، لان النقمة المتولدة بين المحرومين كانت ستكون اكبر واشد تأثيرا على النظام وأمنه وديمومته.ولكن الحكومات التالية للنظام السابق لم تقرأ هذه التجربة كما ينبغي، فعمدت الى تقديم رواتب ضخمة لموظفين لم يكن للكثير منهم من عمل اكثر من التوقيع على سجلات الحضور والانصراف. ولم نشهد زيادة في إنتاجية معامل القطاع العام او حتى توفرها في الاسواق المحلية بعد تلك الزيادات لكي تك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram