اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مراد ميخائيل رائد الشعر المنثور بالعراق

مراد ميخائيل رائد الشعر المنثور بالعراق

نشر في: 24 يوليو, 2011: 08:01 م

صلاح نيازي كان الأديب سمير النقّاش أوّل مَنْ نبهني قبل سنوات، إلى ريادة مراد ميخائيل للشعر المنثور (وهو المصطلح الذي استعمله الرصافي عام 1922)، بالعراق، وأرسل لي فصلاً من أطروحته عنه. لم أستفدْ من الفصل لأنه كان مرقوناً بماكنة طباعة قديمة لم تـتبيّنْ معها الحروف.
مع ذلك عرفت أن الرصافي أثنى برسالة إلى محرّر إحدى الصحف، على الشاعر، وصعبت عليّ بقية الرسالة، مما زاد في فضولي.بعد ذلك طُبعت "الأعمال الشعرية الكاملة" لمراد ميخائيل عام 1988. وتيسرت لي نسخة. رأساً إلى رسالة معروف الرصافي. مما يبعث على العجب والإعجاب معاً أنّ شاعراً نمطيّاً كالرصافي يهزّه في ذلك التاريخ ، الشعر المنثور فيبعث برسالة إطراء إلى محرّر الصحيفة. (يجد القارئ هذه الرسالة منقولة بكاملها في ما بعد). ماذا لو ان الرصافي حاول هو نفسه كتابة هذا النوع من الشعر، أما كان قد تغير مسار الشعر العربي؟على أية حال، لم يقف الرصافي موقفاً عدائياً من الشعر المنثور، وهذا هو المهم. والأغرب هو ما جاء في مقدمة قصيدة : "نحن الشعراء". فقد ألقى ميخائيل مراد هذه القصيدة ببغداد في مهرجان مبايعة احمد شوقي أميراً للشعراء عام 1927 واشترك فيه : معروف الرصافي، وجواد عليّ، ورفائيل بطّي، وعبد الكريم العلاّف وجميل صدقي الزهاوي، ومحمد مهدي الجواهري، وأحمد حامد الصرّاف، وعبد الرحمن البنّا. ألا يدلّ وجود قصيدة من الشعر المنثور، وفي مهرجان عامّ، بين أهم الأصوات الشعرية النمطية في ذلك الوقت، على اعتراف به أو قبول؟ليس من هموم هذه المقالة العجلى،  بحثُ أية فنيّة في شعر مراد ميخائيل ، وإن تميّزت قصائده عموماً بكثرة أسئلتها الوجودية أوّلا،ً  وبنهاياتها الحائرة القلقة. أي أنّ مراد ميخائيل لم يكنْ شاعراً يقينياً، وهذه خصلة لم تكن شائعة في الشعر العربي.  قد يكون من المفيد أن نذكر أنّ التبشير بكتابة الشعر المنثور  باللغة الإنكليزية بدأ - أوّل ما بدأ كما يبدو- حينما أدرك إزرا باوند بالذات وبعض مجايليه،  بأن الشعر ما انفكّ ينحسر أمام  تسوّد النثر  منذ صدور رواية :" الأحمر والأسود" عام 1830 لستندال (1783 –1842)، فقرّرا قراراً غريباّ، يقضي بقراءة النثر  قراءة متمعنة، واستنباط  أوزان جديدة  منه، من النثر نفسه، لا من الشعر. وهكذا كان.الشيء بالشيء يذكر، يبدو أن الشعر المنثور العربي في بداياته تأثّر بالشعر المنثور المكتوب باللغة الإنكليزية، كالريحاني ورفائيل بطي، وحتّى في مرحلة متأخرة فقد تأثر الماغوط كما يقول البروفيسور  سامي موريه بإليوت ولا سيّما بأحد مقاطع قصيدة  أغنية حبّ  جيْ. ألفريد بروفروك.   من إمارات استحواذ النثر على اهتمام القرّاء بأوروبا هو لجوء الكتّاب المسرحيين لكتابة المسرح النثري مثل بيراندللو، وإبسن، وتشيخوف، وجيمس جويس.  قد يكون من المفيد تقديم المثلين التاليين للتدليل على الأهمية التي تميز بها كذلك، النثر في اللغة العربية، وما المؤثّر الأول الذي حدا بمراد ميخائيل لكتابة الشعر المنثور. يقول :" وقع نظري على مجلة تسمى "النفائس" التي كان يصدرها طانيوس عبده، على ما أتذكّر. وحينما تصفحت عدداً منها وجدت كلّ عدد منها يحتوي على رواية بوليسية من تأليف كونان دويل. وكان في كل هذه الروايات شخصية أطلق عليها المؤلّف جان ملتون.  وفي صغري كان أحد أقاربي يقصّ علينا في ليالي الشتاء قصصاً لهذا الكاتب. فاشتريت  المجموعة بأكملها وأخذت أطالعها بنهم شديد. وهذه المجموعة جرّت إلى مطالعاتي   في اللغة العربية، ومن روايات بوليسية إلى روايات ذات موضوعات أخرى". هلْ أثّرت هذه القراءات النثرية في أسلوب مراد ميخائيل الشعري؟ وفي طريقة معالجته موضوعاته؟ يذكر " الباحث العراقي عبد الإله أحمد في كتابه "نشأة القصة وتطوّرها في العراق" الصادر 1969 "أنّ أوّل قصة فنيّة في تاريخ الأدب العراقي الحديث هي قصة "شهيد الوطنية وشهيد الحبّ" التي ألّفها مراد ميخائيل ونشرتها له جريدة "المفيد" البغدادية في نيسان 1922وهو في السادسة عشرة من عمره".لكنْ كيف استدلّ مراد ميخائيل على الشعر المنثور؟ يذكر هو نفسه، الحكاية الطريفة الآتية عن طاغور أو كما يسميه تاغور :"طالعت جميع كتبه والتقيت به ببغداد عام 1932 وسمعته منشداً قصيدة صوفية باللغة البنغالية وقدّمت له بنفسي قصيدة من الشعر المنثور باللغة الإنكليزية كتبتها بالأسلوب التاغوري وما زلت أطالع كتبه ولاسيّما كتابه البستاني، وقد تعرّفت على هذا الشاعر عندما كنت موظفاً بسيطاً في السكة الحديدية في شمال العراق وكان مدير المحطة بنغالياً من ريف تاغور يحسن الضرب على آلة شبيهة بالكمنجا ويغنّي فكنت أجلس في غرفة مجاورة لسماع أغانيه التي صادفت هوى في نفسي. وسألته عن هذه الأغاني فأخذ يحدّثني عن هذا الشاعر، وأعارني كتاب "البستاني" لتاغور فاشتريت جميع مؤلفات

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تركيا.. إقرار قانون لجمع الكلاب الضالة

تقليص قائمة المرشحين لخوض الانتخابات مع كامالا هاريس

وزير التعليم يخول الجامعات بمعالجة الحالات الحرجة في الامتحان التنافسي للدراسات العليا

اليوم..مواجهة مصيرية لمنتخبي العراق والمغرب

تعرف على الأطعمة التي تحفز نشوء الحصى في الكلى

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram