اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > دراماتوجيا التأليف فـي مسرح عقيل مهدي

دراماتوجيا التأليف فـي مسرح عقيل مهدي

نشر في: 26 يوليو, 2011: 07:58 م

أ.د. يوسف رشيديؤكد د. عقيل مهدي من خلال (جمهورية الجواهري ومسرحيات أخرى) اجتهاده المعهود في التأليف كما هو في الإخراج، الى جانب مجهوداته التنظيرية المهمة في الفكر الجمالي للمسرح، والتي جعلت منه شاخصاً تنويرياً مهماً في الثقافة المسرحية العراقية، إذ هو مؤلف من القلائل الذين يتعاملون مع المسرح فلسفة وفكراً وجمالاً بقصدية بليغة وبشعرية عالية، وهو يرى فيه ميداناً تأملياً يستدعي من متلقيه أن يكون حذراً في تفعيل أدواته التأويلية للتعرف على طبقات النص المسرحي واستبطان البنى العميقـة فيه، لذا فهو ناقد حاذق يؤسس، رؤاه النصية من منطلقاته النقدية في المزاوجة بين الكتابة الأولى ودراماتورجيا التأليف التي برع فيها إلى جوار إمكاناته الأخرى. مخرجاً وممثلاً من الجيل الأول في الريــادة المسرحيـة الآن.
فهو كاتب محكم البناء كما هو محكم الدفاع عن منجزه – وهذه سمة لم يتوافر عليها إلا كاتب وناقد، سمة لاتسمح لمن يتلقى منجزه على نحو تأويلي أن ينفذ بسهولة إلى ما يمكن أن ينطوي عليه من معنى كامل في فجوات النص وثغوره الجماليــة والفكرية. صانع شخوص مسرحية ومؤلف (مجتمعات نص) من طراز فريد، ومستحضر لبنى علائقيـة بين عناصر النص وشخوصه، بشكل يرشحه لأن يكون بين أهم كتابة السيرة تميزاً في المسرح العربي. ولما كان المسرح (كما يؤمن به د. عقيل) ميداناً محتدماً بالحراك والفاعلية على المستويين الجمالي والفكري، فإن (جمهورية مسرحياته) هذه تبدو كحقل للتعبير عن الفرادة في تجسير العلاقة التواصلية وإغناء مستويات الحفر بين مرحلتي الإرسال ومستقبلات التلقي، حيث أدرك (د. عقيل) تلك المهمة واشتغل عليها في نصوصه التي تراوحت مابين الواقعية الجديدة وأدب السيرة بمنظوره الجديــد . (يوسف العاني يغنّي) – (السياب  – (جواد سليم) – (الجواهري) – (الحسين الآن) – (المقامة الواسطية) وأعمال أخرى . حيث يمركز اهتمامه في معدات الإرسال ووسائل الاشتباك مع المتلقي بدراية العارف بصياغة وسائل البث الإعلامي، والمستشعر بالذائقة النقدية ومثيرات الاستجابة في هذه اللحظة من النص أو تلك، فهو يعمل بانسيابية في بث شفراته الضمنية والتخمينية في كيان المسافة الجمالية مثلما بمقدوره أن يُضَمن المكامن التأويلية بقصدية واعية، فضلاً عما يقوم كمؤلف ودراماتورج في آن معاً، من اشتغال على بنية  الفكرة ومنطلقاتها نحو التسيد في البنية النصية، ومروراً بالإنجاز التصويري المتخيل للإخراج الفني وحتى مرحلة التلقي ومجساتها، فالتعابر عند عقيل مهدي دائم السريان في كتاباته (مؤلفاً – مخرجاً – ناقداً) ولعل هذا ما سيبدو لك عند قراءة (جمهورية مسرحياته) .. مؤلف هضم بنية المسرحية وخبر فنونها بأستاذية عالية ليتجه إلى التجريب في كتابة النص بعد أن أدرك أن الحراك التنافسي الإبداعي بين المنجز والقراءة النقدية له قد بلغ أشده، وبوصفه واحداً من أهم المعنيين بحركة المسرح العراقي فقد صار يعنى بتقديم الدرس الأكاديمي الذي من شأنه أن يرتقي بالمنجز النصي إلى المستوى الحداثوي المنشود في تشكيل بنيته الجديدة .. فاجترح لنفسه طريقاً خاصاً ومميزاً في كتابة السيرة المسرحية برؤيـة معاصرة وعلى المستوى العربي عندما قدم (السيــاب) في مهرجانات القاهرة وتونس، وتأثر به الفلسطينيون فنسجوا على منواله تماماً مسرحية (محمود درويش في غرفة الإنعاش)  التي قُدّمتْ في مهرجان قرطاج المسرحـي بتونس قبـل ثلاث سنوات .    لم يكتب د. عقيل مسرحية السيرة بدواعي القراءة الأرشيفية والوثائقية المجردة وإنما عهد إلى التصدي للسيرة برؤية تجريبية وبقراءة نقدية – ففي مسرحية (علي الوردي وغريمه) والتي اشتملت عليها هذه المجموعة مثلاً تجده يجتهد لتحقيق معادلته في قراءة الشخصية في النص عبر (ماضٍ) قد وقع بصفته (حاضراً) ومستقبل متوقع بصفته حاضراً .....  فكان (علي الوردي وغريمه) جدل أضداد لإذكاء عنصر الصراع الذي تتمحور حوله الدراما ولكن بطريقة جعل فيها من الثاني تأكيداً للأول من حيث الحضور والفاعلية وربما عمد إلى ذلك في مسرحيته (الحسين الآن) أيضاً . ثم تتســع موجهات السيرة إلى خارج دائرة الفردانيــة الشخصية لتؤسس لكل نص من نصوصه اشتراطات موضوعيـة ، ولهذا فهي فعلاً كما يسميهـا (السيرة الافتراضية) من خلال عرضها لتعالقات الذات الشخصية بوصفها مراكز موازية للشخصية في فضائها الأيدلوجي ومستقبلها الذي يتجاوز تلك الحدود في التصدي، (هنا – الآن) من الهم الجمعي العراقي، فلم تكن السيرة في أعماله مجرد مسرحية ذاتية، بمعنى سيرة الذات في المجتمع وإنما هي مسرحية لسيرة الحيــاة والمجتمع عبر الـذات . ولعل من معطيات (دراماتورجيا التأليف) التي اتسمت بها (جمهورية نصوص عقيل مهدي) هو التصدي لأكثر من سيرة شخصية بالمغايرة والاستحداث والاستبدال أحيانــاً وذلك ماعمد إليه في مسرحية (الإسكافي) من قصديـة في المجاورة والجمـع بين شخوص لايمكن أن يكون بينها أي رابط في الواقـــع أي خارج دائرة الدراما المسرحيـــة، ولكنها تلتقي في (جامع الشخوص) عند عقيل مهدي، فقد استضاف وبذكاء توصيفي شخوصاً مثل (الإسكافي) من باب الاقتران المعنوي للسلوك وليس الوظيفـة، ذلك العدواني الذي يمثل أداة للإبــادة بتصريح من (بريمر)، ورجل الدين المتنور (الشيخ عمار) (ورجل المخابرات تنت)، بينما نجده من باب التنوع يؤكد اشتغاله في نصوص أخرى على استلهام التراث عندما وظف مثلاً مقامات الحريري وأعد عنها بوعي أكاديمي وبحرفية عالية في الكتابة (المقامة الواسطية) أو (ابو زيد السروجي) كأنموذج للقراءة المعاصرة لل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram