حتى في أسوأ الأوقات، أيام الجثث مجهولة الهوية، كانت هناك في مطار بغداد سيارات أجرة، تاكسيات. لكنها اختفت. لم تعد هناك اليوم تاكسيات في مطار بغداد. وهذه سابقة اولى من نوعها. ما سرها؟ الله يستر! دردمت وأنا في المطار أمس الأول. انتحيت بشرطي جانبا، وسألته: خبرني لماذا منعوا التاكسيات. لم يقصِّر الرجل. تفاعل وتدفق في الجواب: حرامية! التسعيرة الرسمية لأجرة التاكسي حددتها سلطات المطار بـ 25 ألف دينار. يأخذ السائق ايصالا من المكتب بالسعر، ويسلِّمه للزبون ويستلم.
قلت نعم. أذكر ذلك. فماذا حدث؟
- الناس اشتكت. السائق يقول للزبون انه دفع للمكتب اربعين أو خمسين ألفا لكنهم يسجلونها في الوصل 25 ألفا. وأحيانا يزيد فيطلب من الراكب فوقها اكرامية. وحتى يحلوا المشكلة منعوا التاكسيات. عمَّ السواق بذلك على أنفسهم. ووفرت الحكومة باصات مجانية للركاب من المطار الى ساحة عباس بن فرناس، حيث توجد تاكسيات.
قلت مع نفسي: على راسي. هذا هو ما كان هتلر قد سمَّاه "الحل النهائي". كانت لديه" وجهة نظر سلبية" في اليهود فأوعز بتصفيتهم بالغاز. ان مفعول "الحل النهائي" فوري. لكن النتائج التي تترتب عليه وخيمة دائما، وقد تصبح مزمنة. فلولا عملة هتلر ما كانت قضية فلسطين قد ولدت. فمن رماد الملايين من جثث اليهود الذين أحرقهم بُعِثت اسرائيل. وهذه فقط واحدة من نتائج "الحل النهائي". وهي أَولى من غيرها بالذكر لأننا نعرفها حق المعرفة، فقد كنا ومازلنا نحن العرب ضحاياها.
وليست نتائج "الحل النهائي" الذي ابتكرته وزارة النقل لمشكلة تسعيرة تاكسيات المطار على هذه الدرجة من الخطورة. ولكن كل نتائجها سيئة أيضا. فهي أولا أضرَّت بالمطار، وهو واجهة البلاد، عندما ألغت منه خدمة معتادة وضرورية في كل مطارات العالم. جعلته نشازا.
وهي ثانيا رفعت كلفة النقل على المواطنين وزادت من عذابهم. فبين "حْمالَةْ" حقائبي مرتين، واحدة في المطار، وأخرى في ساحة عباس بن فرناس، وبين أجرة التاكسي، دفعتُ 45 ألف دينار. أي تضاعفت الأجرة تقريبا. فوق هذه الزيادة هناك "الحمل النفسي" الذي يمثله فرْق راحة التاكسي على غَّلَبَة الباص، والسيارة الواحدة بدل الاثنتين. وجَدَّتْ حاجة لم تكن الى حمالين، وظهرت تفاصيل أخرى مزعجة.
بعد تضرر المطار والزبون هناك ضرر السوّاق، أو الساقة اذا شئتم، فهؤلاء قُطعت أرزاقهم فقط لا غير! وهناك ضرر بالغ آخر وقع عليهم وهو قطع الثقة بهم أو بإصلاحهم. والقَطْعان، المادي والمعنوي، مريعان. انهما عقوبتان ظالمتان. فسحب الثقة من فرد أو جماعة معينة انما هو حكم بالفساد بلا استئناف. وهذه ليست طريقة طبيعية في إصلاح أعمال البشر. فالفساد قي هذه الأعمال انما يواجه عادة بالتطوير والمحاورة والمراقبة والمتابعة، وبتدرجات الثواب والعقاب، لا بالطريقة الفظة لـ "الحل النهائي" الذي لا يحل شيئا بل يصنع مشاكل. التعليم، مثلا، عندنا سيء في جميع مراحله. فهل الواجب تحسينه أم الغاؤه على طريقة "الحل النهائي"؟ وقل مثل ذلك في جميع الخدمات عندنا وكلها ورد!
الدولة، رابعة الأطراف، تضررت كذلك بهذه العملية، ففي تخصيص باصات حكومية هدرٌ في المال العام، وهدر في الجهد والوقت اللذين يتطلبهما تشغيل وادارة وادامة هذا النقل المجاني.
إن خلاصة هذا العمل هي الإساءة لمنشأة عامة وتعذيب مواطنين وقطع أرزاق كادحين وهدر في المال والجهد العام. فلم كل هذه المشاكل؟ اتركوا هذا العمل الخائب رجاءً، وأعيدوا تاكسي المطار!
تاكسي المطار
[post-views]
نشر في: 25 ديسمبر, 2012: 08:00 م
جميع التعليقات 4
Suha
جيد انت محظوظ وجدت باصات مجانية وزعلان لو حدث معك مايحدث مع الالاف غيرك ماذا كنت لتفعل ياسيدي المحترم انت حظك عالي لايوجد باصات دائما انما المتوفر في الاعم الاغلب عصابة لصوص الدفع الرباعي تسليب تحت انظار الشرطة والجيش والخ من القوات الامنية التي تحمي المط
كلمة حق
السلام عليكم اخي احمدالمهناارجو من حضرتكم نقل الحقائق وكلمة الحق فيما يخص تكسي المطار انه شركه حكوميه هي شركة نقل المسافرين والوفود وهي الشركه التي تعمل على ارض المطار من عام 2004 وقد قدمو الشهداء والتضحيات وصانو الامانه وان الاجور التي تؤخذ هي 1-اجور الن
Suha
جيد انت محظوظ وجدت باصات مجانية وزعلان لو حدث معك مايحدث مع الالاف غيرك ماذا كنت لتفعل ياسيدي المحترم انت حظك عالي لايوجد باصات دائما انما المتوفر في الاعم الاغلب عصابة لصوص الدفع الرباعي تسليب تحت انظار الشرطة والجيش والخ من القوات الامنية التي تحمي المط
كلمة حق
السلام عليكم اخي احمدالمهناارجو من حضرتكم نقل الحقائق وكلمة الحق فيما يخص تكسي المطار انه شركه حكوميه هي شركة نقل المسافرين والوفود وهي الشركه التي تعمل على ارض المطار من عام 2004 وقد قدمو الشهداء والتضحيات وصانو الامانه وان الاجور التي تؤخذ هي 1-اجور الن