TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق: انهم يزرعون الشر

سلاما يا عراق: انهم يزرعون الشر

نشر في: 27 يوليو, 2011: 09:15 م

 هاشم العقابيإن كان قول "من حفر حفرة لاخيه وقع فيها"، يتعلق بالجانب الاجتماعي، فان من يحفر حفرة في بناء الدولة فسوف لن يقع فيها، حسب، بل وسيوقع معه البلد والشعب في بئر مظلم قد لا يخرج منه سالما أبدا. وهنا لا اظن اني بحاجة الى التذكير بالثمن الذي دفعته امريكا، فيما بعد، حين سلحت ابن لادن وكذلك فعلت حين ساندت صدام حسين وحزبه. أو بالخيبة التي عادت على مصر حينما جاملت الاصوليين في التسعينيات. وكذلك بالسعودية وما جرت على نفسها وعلى العالم حين دارت مشاعر ونزعات السلفيين.
كنت قد كتبت عن ضرورة فصل العشيرة عن الدولة كخطوة لفرض القانون الذي من دونه لا يمكن حماية حقوق المواطنين وحرياتهم. لم اكن اتحدث عن حالة عابرة. بل عن ظاهرة خطيرة اذا لم تعالج فانها ستغرق العراق في بحر من ظلمات التخلف والفوضى.كان الملك فيصل الاول قد كتب في العام 1931 خطابا لحكومته قال فيه: "كيف نبني دولة وبنادق العشائر أكثر من بنادق الحكومة؟". والآن لم تسال حكومتنا نفسها هذا السؤال، بل العكس لاذت بالعشائر لتزودهم بالعصي والسكاكين لقمع المتظاهرين الذي مارسوا حقا دستوريا مشروعا في ساحة التحرير، وقبلها كانت قد زودتهم بالاسلحة تحت مسمى مجالس الاسناد وغيرها.  لم يكن ما دار في ذلك اليوم المشين خرقا دستوريا لباب الحريات، فقط، بل وللفقرة الثانية من المادة 45 التي تمنع استخدام الاعراف العشائرية التي تتنافى مع حقوق الانسان. كنا نتمنى ان يتوقف مجلس النواب كثيرا عند ما حدث بساحة التحرير في العاشر من حزيران الماضي. اقل ما كان يجب عمله هو استدعاء رئيس الحكومة واستجوابه للكشف عمن اشار عليه بهد العشائر يتقدمهم وزير دولة ضد المطالبين بحقوقهم طبقا للدستور، رغم ان اغلبهم مثلنا  يعرف صاحب الاشارة والاستخارة.واليوم ها هي الاخبار تتناقل تبعات ما جنته الحكومة بتسليطها العشائر على رقبة الدستور ومؤسسات الدولة. فالاطباء الذين في كل الدول وعلى مر العصور ينظر لهم على انهم حملة اهم رسالة نبيلة لها علاقة بحياة الانسان، الذي هو اثمن مخلوق عند اهل الارض والسماء معا، يعانون من حرب متخلفة وارهابية تقودها العشائر ضدهم. فقبل يومين لا اكثر عقدت نقابة الاطباء بالبصرة مؤتمرا هدفه كما جاء على لسان نقيب الاطباء: " لمنع تكرار حالة الاعتداء العشائري واخذ مبالغ (الفصل) من الأطباء في المحافظة". وحتى الرياضة، خاصة  كرة القدم، لم تسلم هي الأخرى من "هدات" العشائر وصولاتهم. فقبل اسبوع طالعتنا الاخبار بان العشائر تهدد ادارة نادي الطلبة وتعطيهم "عطوة" اسبوعا واحدا لصرف مستحقات ابنائها والا فانها ستستخدم طرقا أخرى. وقبلها كنا قد سمعنا تدخل العشائر بنتائج الامتحانات الدراسية وتهديدها المكشوف للمعلمين والمدرسين الذين لم ينجحوا اولادها بالامتحانات.واضح ان ما اقدمت عليه الحكومة بساحة التحرير قد فتح الطريق أمام عودة الاحتكام للأعراف العشائرية البالية. انها، وبفعلتها تلك، قد اقدمت على  خطوة متخلفة اعادت العراق عقودا الى الوراء. لقد انتهكت الحكومة  واحداً من اهم  القرارات المدنية والمتحضرة التي اتخذتها  وزارة عبد الكريم قاسم في العام 1958 حين الغت نظام الدعاوى العشائرية  باعتباره عقبة أمام تطبيق حكم  القضاء وتوحيد الولاء للوطن بدلاً من العشيرة.كرة عينج يا حكومة فقد سويتيها واستوت. واقول لرئيس الوزراء، ان لا تتفاجأ لو انك اقدمت على تنفيذ وعدك بالترشيق ستجد عشائر المرشقين عند بابك "دكاكة". ومن يدري؟ فقد ياتي يوم نجد به شيوخ العشائر يمنحون مجلس النواب "عطوة" لاعلان عفو عن الفاسدين والقتلة، اسوة باخوتهم المزورين. انها حوبة الجياع والعاطلين عن العمل الذين الهبت الحكومة ظهورهم بعصي وسكاكين و "عكل" أهل العشائر. يمهل ولا يهمل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram