TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل: مفهوم المواطنة: رعية أم مواطنون؟

قناديل: مفهوم المواطنة: رعية أم مواطنون؟

نشر في: 30 يوليو, 2011: 06:15 م

 لطفية الدليمييقول المفكر علي حرب شارحا معنى المواطن : (إن مصطلح "المواطن" اختراع إغريقي جسّد بلغة مفهومية ولادة الحيز العمومي والمجال السياسي في المدينة/ الدولة لدى اليونانيين القدماء. من هنا فإن كلمة "مواطن" ليست مشتقة من كلمة "وطن"، كما في العربية، بل من كلمة مدينة Polis باليونانية، أو Cité بالفرنسية. وهي تحيل إلى معانٍ من مثل حرية، حقوق، حاضرة، دولة، حضارة.)
نطلق مجازا كلمة ( مواطن  )  على كل فرد من أبناء البلاد ، ونحن نعيش حالة من انهيار مقومات المواطنة ، فمفهوم المواطنة  في حقيقته  يتقاطع مع التطبيق الواقعي في بلادنا  ، وهو مفهوم  انحدر  إلى عصرنا من الإغريق و الرومان  في تحديدهم سمة المواطن في مدينة الديموقراطية  و تبنت  الديموقراطيات الغربية الحديثة  مفهومات عديدة في عصر التنوير ، وكان أولها  مفهوم المواطنة الذي طورته الممارسات الديموقراطية الحقيقية عندهم  ، ثم جئنا و اقتبسنا المفردة  كتوصيف شكلاني حسب . وبقينا في واقع الأمر مجرد ( رعية) خاضعة  لأحكام ولاة الأمر الذين  يموهون  فرديتهم  وقصورهم السياسي -  بالاحتكام إلى دستور هش -سرعان ماينقضون  مواده ويلتفون على مضامينها ..إذن كانت استعارتنا كلمة مواطن في غير محلها عندما نسبناها للوطن واستخدمناها  بعيدا  عن إحالاتها التي قصدها المخترعون الأوائل للمفردة ،( فمواطننا)  لايملك الحرية المضمونة له في مواد الدستور  ، ولا يتمتع بالحقوق التي  نصت عليها  القوانين ، وليست مدينته حاضرة  تأخذ بأسباب الحضارة والمعاصرة من وسائط نقل متطورة ودور سينما ومسارح ومدارس حديثة  ( في كوريا الجنوبية  هناك جامعة ودار أوبرا لكل منطقة بلدية في سيئول العاصمة بواقع 26 جامعة ومسرحا )، ومدننا  بلدات مجروحة  تهاوت علائم مدنيتها القليلة  وتسربلت  بالنزعات العشائرية والطائفية  وتهاوت بناها  التحتية وتفككت هيكليتها الاجتماعية ، ودولة مواطننا المسكين  ليست دولة بالمعنى المفهومي للدولة  بل هي حكومة تحاول أن تدير البلد على وفق أهواء شخصيات تجتهد  لإيجاد  تأويلات وتفاسير للدستور والقوانين  تناسب مراميها ، وتطوع القوانين على وفق نظرتها الخاصة للحريات والحقوق ، وفي هذه المدن الهالكة المتربة الظلماء ليس للمواطن نصيب من معطيات الحضارة العالمية التي يتمتع بها مواطنو المدن الحديثة - فالملايين ممن نسميهم مواطنين  تجاوزا - لايزالون يعيشون كأسلافهم في القرون الوسطى  بين  الحرمان وفقدان خدمات الدولة وبؤس الأمكنة وانعدام الحقوق السياسية ألتي تتضمن الترشح للوظائف العامة لجميع  مواطني الدولة !! يقول علي حرب (  من اليونان انتقل المصطلح إلى الغرب الحديث وبلدان العالم، شأنه شأن مصطلحات أخرى، مثل الجمهورية، الديموقراطية، الفلسفة، المنطق، العلمنة، وسواها من المفاهيم والمجالات التي ساهمت في تكوين الفضاء العقلي في الحضارة الإغريقية، وباتت تشكّل رأسمالاً فكرياً هو مُلك البشرية جمعاء تستعيده وتستثمره في غير مجال من مجالات الحياة والاجتماع، وخصوصاً في المجال السياسي. بالطبع، اتسع مفهوم المواطنة في المجتمعات الغربية الحديثة، عما كان عليه أيام الإغريق، إذ كان يقتصر على مدينة، بل على شريحة من مدينة يستحق أفرادها لقب المواطن دون غيرهم، فصار هذا الحق يشمل المجتمع بكل فئاته وطبقاته. )ويضيف على حرب  شارحا  متى تكاملت وتكونت ( المواطنة ) وتطور تطبيقها في المدينة – الدولة 🙁 لقد تكوّنت المواطنة مع علمنة اللغة والرؤية، بمعنى أن المواطن هو من يعيش في مجتمع دنيوي لا يستمد مشروعيته من مرجعية خارجية عليا، لاهوتية أو غيبية، بل يحمل المسؤولية عن نفسه فيصنع نفسه وينظّم شؤونه بما يصوغه من التشريعات والقوانين أو القيم والمعايير.لا يعني ذلك غياب الدين الذي كان موجوداً في المجتمع الإغريقي، كما هو موجود وفاعل في كل المجتمعات القديمة والحديثة. لكن المهم موقع الدين  وكيفية عمله أو اشتغاله. ومن المعلوم أن سقراط قد حُكم عليه بالإعدام في المدينة/ الدولة بتهمة "إنكار الآلهة". وهذا مثال تاريخي يشهد على أن الدين استُخدم كاحتياط أو سلطة رمزية ضد حرية المواطن في التعبير. وما أكثر ما استخدم الدين على هذا الوجه السلبي أو الاستبدادي)، لقد عززت النظم الديموقراطية الليبرالية  المواطنة بإضافة (المواطنة الحقوقية ) التي تتضمن مكونات ثلاثة، أولها المواطنة المدنية  التي تقر بحقوق المواطن المدنية و تشمل حرية التعبير وحرية الفكر والحرية الدينية ، كما  أقرت الديموقراطيات الحديثة  مبدأ المساوة  أمام القانون ، وهو من المبادئ التي يستحيل تطبيقها في النظم الطائفية والشوفينية ونظام المحاصصة  وواقع تزوير الشهادات المسكوت عنه كجريمة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram