اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الثورات العربية الأصوليات والأسئلة المفتوحة

الثورات العربية الأصوليات والأسئلة المفتوحة

نشر في: 30 يوليو, 2011: 06:21 م

علي حسن الفوازليس غريبا أن تثار الكثير من الأسئلة حول طبائع القوى الاجتماعية والسياسية التي تتصدى لما يسمى بـ(ربيع الثورات العربية) وخصوصية ماتحمله من هواجس قد تتعلق بوعي تعقيدات هذه الثورات أولا، ومنظورها الثقافي والقانوني والشرعي لمفاهيم الدولة والمجتمع والحريات والحقوق، خاصة حقوق مكونات المجتمع الاثنية والدينية والطائفية ثانيا، فضلا عن منظورها للعلاقة الإشكالية مع الآخر الاستعماري والاستشراقي والدولي بالتوصيف السياسي ثالثا، فهل ستظل هذه(المنظورات)حمالة وجوه كما يقول الفقه التأويلي، أم أنها تعبير عن إنتاج بواعث للاغتراب المفاهيمي إزاء الثورات التقليدية، والقوى والنخب التي اعتادت أن تصنع  المظاهر العائمة للثورات والانقلابات، وان تمثل فيها قوة التاريخ الذي يمشي على قدمين؟
هذه الأسئلة تضع العقل الثقافي أمام مقاربة معقدة لتوصيف هذه الثورات، والتعريف بمضامينها ورسائلها، وطبيعة الجمهور الذي يمكن أن يتعاطى مع شفراتها وتوجهاتها، ويستجيب لإرادتها ومحمولاتها، إذ كشفت هذه الثورات عن أزمة حقيقية في الوصف العام، وفي تقبّل جميع الآخرين المختلفين، وقدرتها على التعاطي مع احتياجات هذا(الجميع)على وفق نظرة حقوقية تشرعن لفكرة الدولة العادلة، وتؤنسن قيمها وهويتها، وتضع هذه الدولة في سياق تاريخي تتفاعل فيه قيم الحداثة مع التاريخ، ومع الجماعات، وبالشكل الذي يجعل الدولة بمثابة القوة الأخلاقية التي تعيد إنتاج التاريخ بعيدا عن أزمة وعقد المركزيات القديمة، وأنماط جماعاتها التقليدية، ونظرتها الغائمة للحكم والدولة والمواطنة والحريات العامة والخاصة، بما فيها حريات الرأي والتعبير والتظاهر واعتناق الفكر والتعبير عن الخصوصيات والطقوس، فضلا عن حريات المرأة والطفولة والحقوق الاجتماعية والأحوال المدنية وغيرها، بعيدا عن الأوهام الكبرى التي شيعت لها أنماط الثقافات التقليدية، خاصة مايتعلق برؤيتها الضيقة لظاهر التجديد، والتي كثيرا ما تكون مصدرا لإثارة الخوف والاستلاب إزاء توحش العولمة والعلاقة المرعبة وغير المتوازنة مع الآخر، والإيهام بموت الخصوصيات وقتل الثقافات الفرعية وإذابة الهويات، فضلا عن تعميتها في  توصيف بعض القوى المحافظة والأصولية، تلك التي وضعت نفسها كقوى إنقاذ، أو قوى افتراضية لها مسؤولية استعدادية  لإنتاج منظور مغلق لمفهوم(الحاكمية) وبما يجعل صناعة الدولة جزءا من استيهامات خطابها الأزموي، وعنوانا مضخما للتعبير عن قوتها المسكوت عنها.rnالثورة المصرية..النموذج والأسئلةما حدث بالأمس في تظاهرات ميدان التحرير في مصر يعكس في وجه من وجوهه أزمة مستقبل هذه الثورات، وطبيعة ماتواجهه من تحديات، إذ حاول البعض من مريدي القوى السلفية فرض مواقف استباقية في التظاهرات من خلال تعميم مواقف معينة وشعارات بعينها، باتجاه  العمل على تحديد توجهات مسار التحولات السياسية والاجتماعية في مصر، وتهديدها للقوى الأخرى، بما فيها حركات اليسار الثوري، وتجمعات الشباب، و(ثوار الفيسبوك)كما تقول بعض أدبيات ثورة 25 يناير، بوصفها قوى علمانية مناهضة لجوهر الخطاب الإسلامي، وكأن هذا الإعلان هو التعبير الرمزي لإعادة إنتاج قوى مركزية جديدة، تملك أدوات الرعب والتهميش، ولها القابلية على إجهاض روح الثورة الشعبية، والاستعداد لصناعة أعداء جدد، وبالتالي إعادة العجلة إلى العربة القديمة، عربة البطل والحشد، والتمثل إلى عصابية صناعة الأوهام الكبرى من جديد.ثنائية الصراع بين القوى الأصولية والقوى الجديدة تتجوهر أساسا في صراع ثقافي يعبر عن أزمة المواقف والانتماءات، إذ ترى هذه القوى الأصولية، رغم وعي الكثير من جماعاتها بطبيعة التحولات التاريخية في مصر ما بعد الثورة، إن العودة إلى المحافظة وشرعنة الإسلام السياسي، هو الحماية الحقيقية  و الهوية الشرعية للجماعات، وإبراز روح رسالتها المغيبة، تماهياً مع هوية المجتمع الذي يشكل المسلمون أغلبه، وهو ما يمثل- من وجهة نظرها- طبيعة الرسالة الإصلاحية التي ينبغي أن تتصدى لمسؤولياتها القوى الشرعية في المجتمع، وهو عكس ما تراه القوى الجديدة ذات المرجعيات المتعددة من أتباع العلمانية والليبرالية والماركسيين، وقوى المجتمع المدني والتجمعات الشبابية، والتي ترى أن الثورة هي مسؤولية الجميع، وان مشروعها هو التغيير وبناء الدولة المدنية التي يحكمها القانون، والتي تتعزز فيها الحريات والحقوق والقيم المجتمعية الحرة، وتنظيم العلاقات بين الناس بصفتهم مواطنين وليس أتباعا، مثلما هو العمل بنوع من المسؤولية والتكافل على تجاوز التصورات الضيقة والمحدودة للتدين والقومية والطائفة، إذ يجب أن يعزز الدين بروحه التسامحية النظرة الإنسانية الشاملة إلى الآخرين، مقابل الدعوة المتواصلة إلى الإخاء والمحبة والسلام.. هذه المعطيات وتعقيداتها تضع الثورة في مسار خطير، وتهدد هويتها، وبالتالي فإنها ستكون مصدرا لتفجير صراعات عميقة بين مكونات المجتمع الذي ظل محكوما بنوع من المركزية العسكرية لأكثر من نصف قرن، إذ تعبّر هذه الصراعات عن غياب القوة العاقلة في الثورة، وغياب الأفق الذي تستشرفه، وتفتح بابا لبروز صراعات ثاوية بين (الهويات المقتولة) كما يصفها أمين معلوف، والمحكومة تاريخيا من المركز العصابي القديم المسؤول عن إنتاج أنظمة الدكتاتوريات الوطنية.شرعنة صناعة الدولة الجديدة هي أكثر التحديات إثارة، ليس لان هذه الدولة المدنية هي نقيض للدولة الشرعية كما يصفها الفقه التقليدي، بقدر ما أن هذه الدولة تمثل الإرهاص الحقيقي للتحول التاريخي، وان شعارات الحرية والديمقراطية والتعددية والحقوقية في سياق معطياتها هي الصورة المثالية التي تؤشر رؤية مفهومية مفارقة لنمطية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram