لا يجب على العراقيين الآن، السفر آلاف الكيلومترات إلى إيطاليا لمشاهدة الشوارع المائية في البندقية، أو السفر مئات الكيلومترات إلى الناصرية لمشاهدة المنازل العائمة في "الجبايش"، فمجرد الخروج من المنزل في أغلب المناطق، كاف "للتمتع" بمنظر المياه التي تفصل البيوت عن بعضها، وإذا لم تكن من سكان المناطق "المحظوظة"، فبإمكانك ركوب السيارة إلى مدينة الصدر، "فينيسيا" بغداد حاليا كما يسميها أهاليها الغارقون بماء المطر.
مطالبات بزوارق صغيرة.. وفرح بتأجيل امتحان الأحياء
أبو مهند مثلا لم يخرج إلى المنزل ، الأربعاء، ليس لأنه قرر التمتع بمنظر الماء وهو يعبث بأثاث منزله، ولكن لأن جهود تفريغ المنزل من ماء المطر والمجاري التي دخلت إليه، والتي استمرت طول الليل، أنهكته إلى درجة لم يعد يستطيع حراكا في اليوم التالي.
وإذا كان أبو مهند حبيس الفراش فإن ابنه مهند، 30 عاما، قرر البقاء في المنزل لأنه "يحتاج إلى زورق صغير كي اذهب إلى عملي اليوم"، كما يقول.
ويعرب مهند عن شكره لأمانة بغداد لأنها مكنته "من رؤية الحياة في البندقية (فينيسيا) بدون ان يضطر للسفر إلى إيطاليا"، ويتساءل مهند ""الحكومة اعتبرت اليوم عطلة رسمية لأنها وأمانة بغداد عاجزة عن تأهيل شبكات الصرف وتصريف مياه الأمطار، لكن ماذا لو ضربنا إعصار هل سيعطلون الدوام لأجل غير مسمى".
الإمطار تسببت كذلك بغرق نقطة التفتيش الرئيسة في مدخل مدينة الصدر ليقوم الجيش بإغلاق المدخل كليا، فيما تابعت الصهاريج المخصصة لمياه الشرب، والتابعة للجيش العراقي، بسحب مياه المطر والمجاري المتجمعة في الشوارع محاولة تخفيف كمياتها.
ومع هذا فإن للمطر والغرق جانب إيجابي، على الأقل بنظر "الكسالى" من طلبة المدارس، الذين يقول احدهم وهو يخوض في الماء فرحا بلعبة على شكل زورق، "إذا اعتبرت الأيام الممطرة عطلة فسأدعو لأن تكون كل الأيام ممطرة كي لا أذهب إلى المدرسة"، مضيفا "أنا سعيد لان امتحان الأحياء تأجل بسبب المطر".
الأمطار أغرقت فيسبوك
المطر فتح كذلك باباً للسخرية بين الأصدقاء، فالشاب وسام مقداد (24 سنة)،كتب على صفحته في فيس بوك "سيارتي فورد 2008 بحاله جيده جدا.
إذا اكو احد يراوسني بمشحوف أكون ممنونا"، (يبادلني بزورق صغير سأكون ممتنا له).
ويقول وسام أيضا "شكرا لأمانة بغداد على هذا الدلال للمواطن، وأبشركم، هم نروح ننتخب غصبا على المي"، في ما يبدو سخرية من الدعوات للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة.
اتهامات لأمانة بغداد.. والجيش يساعد عوائل مدينة الصدر على ترك منازلها
وتحمل المجالس البلدية أمانة بغداد مسؤولية المشكلة، ويؤكد رئيس لجنة الخدمات في المجلس البلدي لمدينة الصدر أن " المجلس قام صباح اليوم بجولة في أنحاء مدينة الصدر وتوقف في محطة المجاري في منطقة الحبيبية والتي هي السبب الرئيسي في غرق الشوارع في المدينة".
وأضاف عطية أن " المجلس أرسل أكثر من مرة كتبا إلى أمانة بغداد بضرورة إدارة المحطة التي تخدم منطقة الشعب ومدينة الصدر وأن تكون إدارتها بيد دائرة مجاري بغداد حتى تكون هي قريبة من إدارة هذه المحطة لكن لم يؤخذ بكتبنا".
وأكد عطية أن "خلال جولتنا اليوم وجدنا محطة الحبيبية عاطلة والكهرباء منقطعة وفقط أربع مضخات تعمل بالديزل واتصلنا بدائرة الكهرباء وتم تشغيل الكهرباء وتم تشغيل سبع مضخات من أصل عشر فبدا الماء بالرجوع إلى المحطة لان المضخات الموجودة في الغدير والرستمية ليس لها القدرة على استيعاب الماء الذي تدفعه من مدينة الصدر والشعب".
واتهم عطية "أمانة بغداد بعدم أخذ احتياطاتها لمثل هذه الأمطار على الرغم من تأكيدنا لأكثر من مرة وفي أكثر من مؤتمر على دائرة مجاري بغداد بان تأخذ دورها في حل مشاكل مدينة الصدر"، مبينا أن " هناك مناطق في المدينة من دون المطر تطفح فيها مياه المجاري".
وأكد عطية أن هناك "أعدادا كبيرة من العوائل تركت منازلها بسبب غرقها بمياه الأمطار"، مبينا أن "الجيش يساعد تلك العوائل ويخليها من المنازل".
وكانت أمانة بغداد أعلنت الشهر الماضي أن شوارع العاصمة ستغرق كلما هطلت الأمطار بسبب قدم خط زبلن الناقل وتوقف العمل في الخط الآخر بسبب التجاوزات.
يذكر أن شوارع بغداد غرقت في موسم الشتاء الحالي أكثر من مرة بسبب قدم شبكات الصرف الصحي فيما تحاول أمانة بغداد تصريف المياه بواسطة سحبها بآلياتها الخاصة دون صيانة الشبكات.
محافظ بغداد يحمل على الأمانة ويخصص مكانا لإيواء "مشردي المطر"
وتنضم محافظة بغداد إلى لائمي الأمانة، فمحافظ بغداد صلاح عبد الرزاق يؤكد في حديث إلى (المدى برس) أن "من حق المواطن ان يعتب على الجهات المسؤولة"، مؤكدا أن المحافظة ليست جهة بلدية، لان أمانة بغداد بكل ميزانياتها وكوادرها وآلياتها وصلاحياتها هي المسؤولة عن ذلك، ونحن جهة ساندة للأمانة، وقد قمنا بمتابعة الحالات الأخرى من خلال جهود الدفاع المدني".
وأضاف عبد الرزاق، أن "هناك منازل تهدمت والمحافظة أعدت بدورها مركزا للإيواء عبارة عن بناية مسقفة داخل محافظة بغداد، وذلك بالتعاون مع الهلال الأحمر، كما قمنا بمتابعة الحوادث المتفرقة للوفيات، الذي كان بعضهم بصواعق الكهرباء والبعض الآخر بتهدم منازلهم".
وأعلنت وزارة الصحة العراقية، الأربعاء، عن وفاة تسعة أشخاص بينهم ستة أطفال في مختلف مناطق العاصمة بغداد جراء سقوط الأمطار الغزيرة في العاصمة، فيما أشارت إلى أن ثلاثة من هؤلاء توفوا نتيجة تعرضهم لصعقات كهربائية.
وأكد محافظ بغداد، أن المحافظة طالبت مسبقا برصد مبلغ حتى لو كان من ضمن ميزانيتها لمعالجة حالات الطوارئ، لكن وزارة المالية كان جوابها أن ذلك ليس من صلاحياتها.
وتعرضت البلاد في 20-11-2012، إلى أمطار غزيرة تسببت بانهيار غرق عدة منازل لمواطنين ومسؤولين في عدد من محافظات العراق، بينما تواجه المجالس المحلية في تلك المحافظات انتقادات شديدة لعجزها عن إكمال مشاريع الصرف الصحي.
أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الثلاثاء، اعتبار يوم الأربعاء عطلة رسمية في محافظة بغداد بسبب نزول الأمطار المتواصل.