اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مرآوية الحكاية الشعرية فـي نص "بجعات تل جهنم"

مرآوية الحكاية الشعرية فـي نص "بجعات تل جهنم"

نشر في: 31 يوليو, 2011: 07:15 م

قراءة: شاكر مجيد سيفو حين يطلق الشاعر محمود النمر نداءه الابتدائي في بنية الاستهلال النصي يحيل القارئ إلى صورة سياحية شعرية تتعالق الملفوظات في ثيمات سياحتها البصرية والرؤيوية ( ـ أيها النهر كن مطلقاً ـ الأسماك تلتهم نجوم الفضة الطافية / تضع القمرَ على العرش القصبي / تتقافز في الانعكاس )
ترى الذات الشاعرة في غواية شعرية الملفوظات البنائية لعمارة النص خوضاً وانغماساً وفتوحاتٍ في ترتيب النسق البصري للصورة الشعرية التي تتراكم على مساحة النص في اشتغاله على التوالد الصوري والدلالي، يستثمر الشاعر الخزين الذاكراتي الشخصي لحرق مؤولات المادة الشعرية وإذابتها في بانوراما هيكلية النص الشعري الذي أسماه " بجعات تل جهنم" حيث يرى  تفاصيل تاريخانية زمكانية حادة في إشارته الذكية إلى العلامة "تل جهنم من اليشن السومرية المغمورة بمياه الأهوار" يحيل منطوق العلامة في أعلاه إلى حرق مناخ شعري ذي طبيعة بيئوية يشعرنها الشاعر بقوة الجهاز اللغوي ومخيلته الضاجة بمخلوقات المكان وسيميائيته الطافحة بميتاجماليات حسيّة لكائنات تتزاحم في مشهدية المكان وطبيعته الساحرة ويتلمس الشاعر ذاكرته الشعرية من القيمة الحسية والتخيلية لمشهدية المكان ،إذ يحيل هذه المجموعة من المشاهد والصور واللقطات والحكاية الشعرية إلى منظومة شعرية ذكية بارعة في اشتغاله على تقانة العتبة ، عتبة النص التي تتشظّى في فضاء التصدير بأداة النداء، إذ يستدرج قارئه (( أيّها النهر كُن مطلقاً / البجعات يتركنَ هذا المسجى / مراكب تل جهنم تسكنها الأشباح . . عُرس ليل / ورقصة نهر . . )) تتّصل مشهدية النص في إحالات العلامات النصية من رؤى وتصورات ومشاغل الذات الشاعرة وجماليات الإرسالية التصويرية وفضاء التشكيل البصري ، تتصل هذه المكونات والعناصر الإيحائية بفضاء علائقي بين نصّ الصورة واللغة وتكمن سحرية العلاقة اللغوية بين مكوّنات النص في كثافة الجهد الدلالي والسيميائي من طرف، والأشكال والرؤى الكاشفة لمحتويات الحكاية الشعرية من طرف ثان (( آسبحي أيتها البجعة / الفضة يتبعن بجعة القمر / الأسماك يبتهجن في الضوء / حلبة الرقص تتسّع . . )) ترشح القيمة الشعرية في سيولتها المتشظية وعنقودية الصورة الممتلئة اذ يلج الشاعر الى متنها العميق بمعامل التخييل والروي فالصورة المرآوية تفيد من الفضاء التشكيلي وتستعير مركزها الشعري المزوّق في الأبهار التصويري، حيث تؤطر لها تمظهرات التصويرية بعنفوان منظومة الملفوظات ذي الطبيعة الستراتيجية التحولية بالتوغل في استثمار طاقة القصّ : (( أدركني أيها النهر / المرآة إمرآة عارية في الضوء / والمياه تخلع قميص الفضة / بتعجب . . / المرأةُ والمرآة تبتهجان / في أمتثال النهر للبجعة / في مركب الأهوار في النياسم . . )) يَشتغل نصّ ـ بجعات تل جهنم ـ على الأحالة المكثفة في درامية الصورة الشعرية وحكايتها المتعددة والمتنوعة وتبئيرها في تداخل الأجناسِ للأنموذج الأدبي الحديث من المحيط الذاكراتي الى كشوفات المخيلة الشعرية الناشطة (( التاريخ نائم على أسرّة اليشن / والصدفات يبرقن للضوء / بأنعكاسات أخرى يكشف الشاعر عن طاقة تشغيل الحكي أو القول الشعري، فالحكاية الشعرية تتمظهر جمالياتها في سياقات استعارية بأنفتاحها على مشهدية المكان والزمان وفضاء الأفق التصويري : (( الأشباح يأكلون حروف التاريخ / بفضة القمر )) إنّ الخطاب الشعري يستمد طبيعته وتحولات مكوناته الشعرية من تداخل وتزاوج  معطيات القصّ وفواعل التشكيل الحكائية المتجذرة في ذاكرة الذات الشاعرة وتمثيل هذه السياقات والرؤى شعرياً : (( في العالم السفلي / ذريعة أخرى / نحو الأبدية / في العالم السفلي / وهذه البجعات تصيح كل ساعة / تدور كلّ ليلة / تقضم في رتابة التاريخ . )) يستدعي الشاعر كائنات النص الى تدوين خياراتها لفعالياتها عبر بلورة العقل الشعري لحركية الفواعل النصّية الراسخة في ذاكرة النص وذاكرة الذات الشاعرة، حين تبحث الذات عن شعرية لنصّ ثرّي بصوره من خلال مراقبة نقاط المشهد الرؤيوي للذات والرؤيا ، اذ تقتضي حركة النص وفواعله هنا، ذلك الجدل وحراكه المستمر، الجدل الذي يمثل صرخة الشاعر أو ندائه المتعلّق بحرارة الفكر والجمال : (( اكتبي أيتها البجعة / الأهوار واليشن والضوء / والنهر سارق الفضة / أمثولة أخرى الى العالم السفلي / في تل جهنم . . )) كنت أتمنى على صديقي الشاعر محمود النمر في خاتمة نصّه الجميل هذا، استثمار وتفجير طاقة الجملة الفعلية، كي لا تجنح الأسماء الى رتابة تدوين القول الشعري، بل الى استنطاق فعالياته وفاعليات أفعاله في جدل التأمل والتخييل والتأمل والتصوير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram