TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > مقوّمات بناء المجتمع المدني العراقي

مقوّمات بناء المجتمع المدني العراقي

نشر في: 31 يوليو, 2011: 07:22 م

حسين علي الحمداني كلما شعرنا بأننا تقدمنا خطوة في بناء الدولة العراقية وفق أسس المواطنة والحداثة وحقوق الإنسان، وجدنا أنفسنا نتراجع خطوة أو أكثـر من خلال تمسكنا بالهويات الثانوية والفرعية والتي من شأنها أن تذيب الهوية الوطنية ومعها الدولة.
والدول المتحضرة والساعية للتحضر والتقدم،هي تلك الدول والمجتمعات التي تسعى لصناعة مجتمع مدني متجانس لا فرق فيه بين هذا وذاك على أسس عرقية أو جهوية أو عشائرية. ورغم إن بعض علماء الاجتماع يعتبر المجتمع العراقي مجتمعا قبليا،إلا إن الواقع يؤكد أن مقومات بناء مجتمع مدني راق جداً متوفرة في البيئة الاجتماعية في العراق أكثر مما هي متوفرة في بلدان عربية أخرى بحكم إن المجتمع المدني العراقي له جذور تاريخية قوية تمتد لبداية تكوين الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي،وقد يقول البعض بأن بدايات بناء المجتمع المدني العراقي تبلورت أكثر بعد زوال النظام الشمولي عام 2003 وحالة التغيير الكبيرة التي حدثت في البلد،وهذا الرأي مقبول فيما لو تم بناء المجتمع العراقي من قبل القوى السياسية في البلد على أسس صحيحة غير متشعبة وحاملة للهويات الفرعية والتي لا يمكن إدراك مخاطرها إلا من خلال رؤيتنا لما ستؤول إليه مسارات الأمور في المستقبل القريب، ويمكن لنا أن نشخص بوادر خنق المجتمع المدني العراقي وفعالياته بشكل كبير من خلال تركيز الكثير من القادة السياسيين في البلد على تهميش دور المجتمع المدني والتركيز على الهويات الثانوية والفرعية على غرار ما تم طرحه من فكرة تكوين أقاليم على أساس طائفي ،أو من خلال محاولة تسييس العشائر العراقية ومحاولة جعلها هوية جديدة تضاف لمجموعة الهويات التي يحاول البعض الاستناد إليها بدلاً من هوية المواطنة الحقيقية، بل إن البعض يطرحها بديلاً عن المجتمع المدني وفعالياته التي ظهرت بشكل بارز في التظاهرات الشعبية في وبعد 25 شباط الماضي وما شكلته من قوة ضغط كبيرة ليس على السلطة التنفيذية فقط بل حتى على السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان.لهذا فإن التركيز على الهويات الثانوية والفرعية لن يقودنا لبناء دولة متكاملة بقدر ما يجعلنا نسعى لصناعة كانتونات لكل مُكوّن من مُكوّنات المجتمع العراقي وبالتالي نجد أنفسنا جزءاً من مشروع يقودنا لنهايات غير مرغوب فيها ويجعل من البلد ساحة مفتوحة لصراعات غير محسوبة العواقب .وهذه الأجواء لن تستطيع صناعة الديمقراطية التي ننشدها ، ولا يمكن لها -في نفس الوقت- أن تكون مرآة عاكسة للمجتمع العراقي ، بقدر ما تكون منحازة أكثر لعنوانها الفرعي الذي قامت لأجله.وقد يقول البعض بأن التخندق الطائفي في سنتي 2006- 2007 وما بعدهما قد جعل البعض يرتكز على عناوين أخرى، وأولها القبيلة أو العشيرة ،وقد تكون هذه العناوين أخف من الطائفية المقيتة لكنها بكل تأكيد وجه آخر لإذابة هيبة الدولة ، هذه الهيبة التي لا يمكن أن تظهر وتتكون وتأخذ أبعادها ومدياتها دون تفعيل المواطنة والابتعاد عن كل ما يقلل من فرص ترسيخها، إذ أن وجود مجتمع مدني فعال يعني وجود دولة حقيقية شاملة للمكونات كافة دون تمييز لأنها ستعتمد معايير المواطنة الصحيحة والتي سيكون أول مخرجاتها مجتمعا فعالا وصحيحا يعرف واجباته ويدرك حقوقه.وإذا نجحنا في تفكيك عرى الطائفية ورفض مفاهيمها وممارساتها من أجل أن نتجاوز عقدها، علينا اليوم وخاصة السياسيين أن يتجاوزا الهويات الثانوية في عملهم ويقتربوا أكثر من طموحات الشعب العراقي الذي لا يمكن له أن يظل يتنقل بين الهويات الفرعية وحسب ما تقتضية مصالح القوى السياسية التي -على ما يبدو- إنها تتحرك وفق مصالحها الضيقة والتي تتقاطع بالتأكيد مع مصلحة الشعب العراقي، ناهيك عن إن السعي لتعزيز الهوية الوطنية المشتركة لأبناء الشعب العراقي يؤكد صمام الأمان لترسيخ الديمقراطية في هذا البلد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram