TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين:ربــح وخســـارة

عين:ربــح وخســـارة

نشر في: 31 يوليو, 2011: 09:32 م

 عبد الخالق كيطان لا أدري كيف يبرر السيد رئيس مجلس الوزراء تكرار مفردتي "ربح" و"خسارة" في معرض حديثه عن إلغاء وزارات مما سيفقد بعض الكتل نفوذها داخل الوزارة! الأمر بسيط للغاية: قوائم انتخابية رشحت لكي تقوم بخدمة الناس. ولكن الواضح أن تلك الكتل لم ترد شيئاً غير الحصول على "حصة" في الكابينة الوزارية،
والحصة معناها جزء من غنيمة، "كعكة" كما يفضل كثيرون القول. ولذلك لجأ المالكي إلى إشراك جميع القوائم الفائزة في حكومته، ووصل عدد الوزارات إلى رقم قياسي صارت معه التجربة مثار تندر وسخرية ليس داخل العراق فحسب بل وخارجه. اليوم يريد مجلس النواب، وتريد المرجعية الدينية، ويريد السيد المالكي، ويريد المجتمع العراقي، وتريد الصحافة والرأي الحر... الخ.. كل هؤلاء يريدون ترشيق الوزارة، وهو أمر حسن ولا شك، ولكن ذلك يقود بالضرورة إلى الإطاحة بوزارات، وخروج وزراء، الأمر الذي دفع السيد المالكي للحديث الصريح مع وسائل الإعلام عن "خسارة" كتل معينة و"أرباح" كتل أخرى، وهو أمر مؤسف للغاية أن يحصر الموضوع في زاوية الربح والخسارة.والثابت أن الوزارات العراقية اليوم هي مصدر دخل جيد بالنسبة لكثيرين رشحتهم كتلهم لهذه المناصب بعيداً عن أي ملامح مهنية أو علمية أو ما شابه، بل الأصح القول أن الأمر تم بطريقة توزيع الحصص. الوزير الجديد يتفاهم مع الكتلة التي رشحته على أمور كثيرة، بعضها لا يمت بصلة إلى مكانة الوزارة والخدمات التي تقدمها للمواطنين الأمر الذي دفع أكثرها لتكون مجرد مقاطعات محسوبة لهذه الجهة أو تلك، لهذه الجماعة أو غيرها. ومن المؤكد في هذه الحال أن الخروج من الوزارة معناه خسارة حقيقية لسلسلة لا تنتهي من المكاسب والامتيازات.الترهل الذي شكل الملمح الأبرز لوزارة المالكي الثانية كان مخجلاً. عدد كبير جداً من الوزراء الذين لا عمل لديهم حقيقة سوى مشاهدة القنوات الفضائية واستلام رواتب ضخمة وميزانيات هائلة تستنزف خزينة الدولة بشكل مؤس، ناهيك عن البطالة المقنعة لجيش من العاملين في تلك الوزارات الوهمية. كان العراق بحاجة إلى وزارة صغيرة للغاية تمثل ما يمكن تسميته بخلية عمل تنقذ البلاد والعباد من سيل الأزمات التي نعيش في ظلها، حكومة رشيقة للغاية يسهل حصر الفساد في دوائرها، ويسهل رصد ما تقوم به من عمل سواء أكان عملاً مثمراً أو مجرد أكاذيب وادعاءات، ولكن الذي حدث أن الجماعة أدخلونا في متاهة وزارة لا أول لها ولا آخر، وبالتالي أمضينا الشهور ونحن نلهث بحثاً عن منجز يتحقق على الأرض دون جدوى.كثيرون "خسروا" بلغة السيد المالكي في مؤتمره الصحفي، ولكن لو نعدّ الرابحين من هذه الصفقة لوجدنا أنهم أبناء شعبنا كلهم. والمهم في هذه الصفقة ليس الإعلان عنها، ولكن العمل بسرعة بالغة على إتمامها. لم يعد مجدياً أبداً ذلك الترهل الذي تعاني منه الوزارة، ولم يعد ممكناً الركون إلى حلول ترقيعية. المطلوب عمل حاسم، من قبل السيد رئيس الوزارء والبرلمان على السواء لوقف هذه القصة الحزينة جداً، والشروع بمرحلة جديدة يكون الهدف فيها تحقيق شيء على أرض الواقع، وذلك من خلال الترشيق الفوري للحكومة، وبناء حكومة لائقة في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ البلاد. أما الحديث عن "أرباح" و"خسارات" بالنسبة للكتل والقوائم الانتخابية والوزراء وذويهم فهو حديث لا يمت بصلة إلى جهود بناء دولة حديثة. الربح الوحيد يجب أن يكون في صالح الشعب المتعب المنهك وليس في صالح الفئات التي سرقت كل شيء ولم تترك للناس غير الأحلام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram