TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان :عندما يحترم النائب نفسه..

كتابة على الحيطان :عندما يحترم النائب نفسه..

نشر في: 31 يوليو, 2011: 10:19 م

  عامر القيسي في كل جولات التصويت داخل البرلمان يطلب رئيس البرلمان، عندما ينشب خلاف ما بشأن أي من القضايا المطروحة، أن يجتمع قادة الكتل السياسية خارج قاعة الاجتماع ليقرروا الموقف أو التوافق أو الاختلاف ثم العودة إلى القاعة للتصويت على ما مطروح أمامهم.
التوافق بين قيادات الكتل السياسية واحدة من خصائص أو خصوصية المشهد السياسي العراقي، وربما تكون فيه الكثير من الحسنات، لان استمرار الخلافات يعني تأجيل كل شيء حتى إشعار آخر! الذي نسأل عليه هو دور النائب، شخصيته، آراؤه الخاصة، تأثيره على القرار السياسي لقادة كتلته، وجهات نظره المختلفة حول المواضيع المطروحة. لا توجد إجابة عن هذه التساؤلات إلا في قاعة الاجتماعات عندما يتحمس الكثير للإدلاء برأيه حتى وان كان معارضا لرأي رئيس كتلته، لكن هذه الخصوصية تتبدد وتتلاشى بعد الاجتماع المغلق بين قادة الكتل ليذوب موقفه في رأي الفرد الذي يقرر فيصوت من بعده الرعية في كتلته. بالأمس اختلف السادة النواب على رسالة رئيس الوزراء بشأن الترشيق الحكومي، عندما سمعنا الكثير من الآراء في رسالة المالكي بين نقد وقبول وتعديل ورفض، مما اضطر رئيس مجلس النواب، وهو العارف الجيد ببواطن الأمور وأصول اللعبة داخل قاعة الاجتماع واحد المشاركين فيها "من بعيد لبعيد"، إلى الطلب من قادة الكتل الاجتماع خارج القاعة، أعطاهم مهلة ربع ساعة فقط، والعودة بقرار التصويت من عدمه!!بعد الاجتماع جرى التصويت دون ضجيج وتبدت صورة مجلس عن مجموعة قيادية تجتمع ثم تقرر وبعدها يأتي دور النائب ليرفع يده مصوتا بالسلب أو الإيجاب.حقيقة لا اعتراض لدينا على التوافق بين الكتل، لكننا نعرف ان النائب ليس تلميذا في الصف الأول الابتدائي  يتعلم القراءة والكتابة للمرّة الأولى، ومن المفترض أن يكون ممثلا للأصابع البنفسجية التي انتخبته، وهذا لم يحصل لان معظم النواب جاءوا عن طريق أصوات قائد الكتلة الانتخابية.الخلل هنا إذن ، إننا امام نواب الغالبية العظمى منهم لم ينتخبها الشعب ولا يعرف عنها شيئا ولم يلتق بها الا من خلال شاشات الفضائية، ولا يعلم كيف وصلوا إلى كراسي مجلس النواب.هنا تكمن الكارثة في أننا أمام نواب جاءوا "بفضل القائد" وبالتالي عليهم أن يردوا الدين من خلال الطاعة العمياء!! بعض النواب شذوا عن هذه القاعدة واتخذوا مواقف متفردة وخاصة تعبر عن قناعاتهم بهذه القضية أو تلك، بل وانشقوا عن القائمة نفسها، وبذلك انتصروا  لكرامتهم وشخصيتهم واحترامهم لأنفسهم، وحتى للأعداد المتواضعة التي أشرت على أسمائهم في قوائم الانتخابات، والأجدى أن يكون هذا النوع من النواب مثالا جيدا لبقية النواب لان يخرجوا من عباءة التبعية المطلقة لقائد الكتلة أو مؤسسها. لا ندعو للتمرد، لكن كلامنا موجه للذين لا يرون ولا يسمعون ولا يتكلمون، ويتعاملون مع مركزهم على طريقة "موافج" الخمسينية. ان النائب الحقيقي هو الذي يدافع عن وجهة نظره ويجبر الآخرين على احترامها وان اختلفوا معها، وان يكون قادرا حتى على تغيير وجهات نظر سائدة في البرلمان مدافعا عن القسم الذي اقسمه أمام الله والشعب. هذا هو النائب الحقيقي الذي يحظى باحترام الشعب ووده ومحبته، وليس النائب الذي يجلس على مقعده النيابي وعينه على الامتيازات التي يخاف أن يفقدها لو انه تجرأ وقال "لا" في قضية لا يقتنع بها!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram