علــــي حســين دون التفتيش في نيات الدكتور حسن سلمان رئيس هيئة أمناء شبكة الإعلام وبكل الاحترام لشخصه ومكانته، فإن ما صرح به أمس لموقع السومرية نيوز يبدو أشبه بنكته قديمة لا تضحك لكنها تثير الأسى، فقد برر السيد حسن أسباب إقالة عبد الستار البيضاني من منصبة رئيسا لتحرير الصباح من أن "المجلس ثبت له عدم كفاءة البيضاني".المشكلة في تصريح رئيس هيئة الأمناء انه افترض الجهل بالآخرين فالكل يعرف أن تعيين البيضاني
 لرئاسة تحرير الصباح جاء بعد أن اثبت الرجل كفاءة في إدارة وتحرير مجلة الشبكة وبشهادة سلمان نفسه وأعضاء مجلس الأمناء الذين أدهشهم التطور الحاصل في المجلة وتحقيقها نسبة عالية من المبيعات، وللتذكرة إن المجلة كانت قبل هذا مهملة ومتوقفة ومخيبة للآمال.للأسف عانت شبكة الإعلام العراقي منذ تأسيسها من تدخلات الحكومة حتى أصبح الكثيرون يشيرون للشبكة على اعتبارها هيئة ناطقة باسم مجلس الوزراء، بالتأكيد أنا أتفهم حجم الضغوط التي يتعرض لها أعضاء هيئة الأمناء، ولكن الذي لا افهمه أن يحاول البعض منهم القفز على الوقائع، فقد نشرت العديد من المواقع والصحف ان السبب الرئيس لإقالة البيضاني جاءت بسبب مقالات  نشرتها جريدة الصباح في ما يتعلق ببناء ميناء مبارك الكويتي، فيما يؤكد رئيس هيئة الأمناء أن "الادعاء بأن القضية متعلقة بما كتب عن ميناء مبارك، فهذا الأمر لا أساس له من الصحة، إذ أن الصحيفة كتبت عن هذا الموضوع ولم يعترض المجلس على ذلك وحتى لا نكون متجنين على كلام السيد حسن، تعالوا معا لنقرأ الخبر الذي نشرته أمس جريدة الجريدة الكويتية على صفحتها الأولى وبعنوان: إقالة رئيس الصباح العراقية لإساءته العلاقات مع الكويت،  وجاء فيه "أصدرت هيئة الأمناء في شبكة الإعلام العراقي التابعة للحكومة قراراً بإقالة رئيس تحرير جريدة الصباح شبه الرسمية عبدالستار البيضاني لـ”نشره مواد صحافية تسيء إلى العلاقات العراقية – الكويتية، بشأن ميناء مبارك الكبير، وجاء قرار الإقالة بعد سلسلة اعتراضات تقدمت بها الكويت على مواد صحافية ومقالات سَمح البيضاني بنشرها من دون مراعاة للعلاقات بين البلدين، ورأت هيئة الأمناء أن تصرفات المُقال لا تنسجم مع توجهات الحكومة العراقية الهادفة إلى تحسين العلاقات مع الكويت وإنهاء الملفات العالقة بينهما". يعرف السيد حسن كما يعرف السادة أعضاء مجلس الأمناء أن جريدة الصباح جريدة ليست مملوكة للحكومة وهي ممولة من المال العام، وقد اخذ الدستور العراقي الدائم بهذه الفكرة فجعل شبكة الإعلام العراقي من الهيئات المستقلة المرتبطة بمجلس النواب، وهو الهيئة الدستورية التي تمثل العامة، وأخرجها من الارتباط بالحكومة، والخضوع لها، ومهمة الشبكة التثقيف وتقديم المعلومات عن مجموعة عريضة من القضايا المتنوعة والتطورات والأحداث والظواهر التي تهم معظم شرائح المجتمع العراقي، وتأتي قضية ميناء الكويت ضمن المعلومات التي يحتاج المواطن العراقي معرفة أسبابها والمبررات التي تقف وراء هذا العمل، ولعل من أول شروط المطبوع الناجح هو أن يتابع قضية تحظى باهتمام الرأي العام، وهذا ما فعلته الصباح والذي أغاض بالتأكيد جهات حكومية تجد أن مهمتها الدفاع عن مصالح دول الجوار أكثر من الدفاع عن مصالح العراقيين، فوجدنا المسؤول الحكومي الذي يجد الاعذار والمبررات لبناء ميناء مبارك مثلما وجدنا نوابا يقسمون بأغلظ الأيمان بان إيران لم تقصف القرى العراقية فيما منظمات الإغاثة توزع المساعدات على عوائل شردها القصف المدفعي الإيراني. لقد كتبت الصحافة الكويتية كثيرا عن موضوعة ميناء مبارك بل ذهب الشطط بالبعض منهم إلى أن يشتم العراقيين جميعا لانهم ابدوا اعتراضهم على الميناء، وقرأنا مقالات لكبير السحرة "احمد الجار الله" الذي تربى في احضان صدام يقول فيها "لم يعد الوضع يحتمل القول لنذهب الى كلمة سواء مع هؤلاء,- يقصد العراقيين - رغم إيماننا ان قدر الجغرافيا لا تبدله ممارسات تلك الزمر"، واستمعنا الى تصريحات نواب كويتيين وصفوا العراقيين بالمجرمين واللصوص، ولم تحرك الحكومة العراقية ساكنا ولم نرى الحكومة الكويتية أغلقت صحيفة أو فصلت صحفيا من اجل عيون العراقيين. إقالة البيضاني نموذج صارخ لعشوائية القرار في العراق، لان معظم القرارات والإجراءات التي تقوم بها الحكومة وتابعيها ومقربيها تأتي ضد ما ينتظره المواطن، أو للدقة فإنها تأتي استجابة لمصالح حزبية ضيقة.لا تعليق عندي لما جرى لزميلنا البيضاني، فالأمر يدخل ضمن المآسي الحكومية التي تلاحقنا ليل نهار.