TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة:الدولة المدنية وسلطة العشيرة

على هامش الصراحة:الدولة المدنية وسلطة العشيرة

نشر في: 2 أغسطس, 2011: 09:42 م

 إحسان شمران الياسري (2) لقد كانت العشيرة إحدى مراحل تكوّن المجموعات البشرية عبر التأريخ.. وهي المرحلة الوسيطة من البناء المجتمعي بين شكل الدولة الحديثة والنموذج البدائي الأول لإدارة الحياة.. وسادت في مرحلة العشيرة نماذج السلاطين والأمراء وزعماء المناطق.. وحتى زعماء الحرب..
وعندما تداخلت مرحلة العشيرة مع مراحل بناء الدولة الحديثة، انتفعت مما جاءت به تلك المرحلة من منجزات، ولكنها لم تُعط بالمقابل إلا القليل.وإذ يغلب الظن إن العشائرية توطّنت في مناخ الشرق، بينما نحت شعوب أوربا وشعوب أخرى منحى آخر، لست معنيا به الساعة، فقد استمرت العشيرة في شرقنا، تتزاحم مع الدولة والقانون.. فيقوى نفوذها تارة، ويضعف أخرى.وفي العراق، ثمة فصل جديد من تأريخ الدولة العراقية تبنيه تقاليد عشائرية لا فائدة من الكثير منها، يُطرح فيه القانون جانباً، وتنهض نواميس تُقيدّه، وتحطّ من قدره أحياناً. لذا فمنظمات المجتمع المدني مدعوة الى ان تتبنى موقفاً واضحاً من الأُسس الجديدة التي يحاول البعض من منسوبي العشائر العراقية فرضها على السلوك الاجتماعي للعراقيين. وإن مجلس السلم والتضامن العراقي مدعو الى ان يتبنّى ادارة حوارات وطنية واسعة لكبح جماح الغلواء العشائري الذي يتمدد يومياً في يد غُلاة المجتهدين والطامعين والسماسرة والتي تؤدي الى الضغط والابتزاز على من يقع في مشكلة اجتماعية قد تكون عارضة وغير مقصودة.. وهي مشاكل وضعَ القانون لها أُطراً واضحة، وأحكاماً عادلة.وقد عزز هذا الشأن المُشوّه من نمط التعايش الاجتماعي، تَمدّد الطاقات السُلطوية الخارجة على أجنحة الشرعية الرسمية، وقوة البعض من الحركات السياسية والدينية على حساب قوة الدولة وهيبتها. فضلاً عن استرخاء الذراع التنفيذية للدولة لصالح الحركات سالفة الذكر..والعشائر التي يتبارى بعضها بقوتها المستمدة من قوة أصابعها الممتدة في الدولة والحكومة وأجهزتها، تؤسس اليوم لخراب الدولة، ولعذاب أبنائها، فتنهدم بشكل منظم أُسس دولة القانون ويعرضُ الناس عن القانون الوضعي الذي يتعطّل في أي احتكاك له سمات (عشائرية)، ابتداءً من التنازع على سعر حبّة (البطيخ)، وصولاً الى التهديد والتقاضي العشائري ضد أي موظف حكومي يؤدي واجبه الرسمي مع سارق أو مهمل أو فاسد. ويتعرض الموظفون العموميون الى شتى أنواع الضغط والتهديد والترهيب في أداء مهامهم الاعتيادية، فضلاً عن أية إضاءات إبداعية قد تُقدم هذا وتؤخر ذاك.ولم تَعُدِ الذائقة الاجتماعية تستسيغ الاستماع الى المفردات ذات البُعد النفسي الضاغط مثل (الفصل، النهوة.. الخ) لأنها تمثل في ذاكرتهم ومعلوماتهم تعسفاً في استخدام سلطة العشيرة، وفرصة لجمع المال وسبباً لإذلال من وقع ضحية أو قُل فريسة.ولا يفوتني القول بأن عشائر محترمة (بكامل أبنائها) تُدين هذهِ الممارسات وتربأ بنفسها عن الخوض في ممارسات تغييب القانون، وتسعى لتضمين ممارساتها في اطار القانون وتحت خيمته.. أما بعض الاشخاص، وبعض العشائر، فهي محترمة بالتأكيد ولكنها اجازت لنفسها ولأبنائها تبديد حرمة القانون وولايته، وهذا الجزء من مجتمعنا هو الذي نرجو أن ينصهر في الجزء الأول.وللحديث بقية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram