عباس الغالبي أثار إعلان البنك المركزي العراقي عددا من ردود الأفعال المتوجسة حيال عملية حذف الاصفار التي ستدخل حيز التنفيذ بعد إقرارها من قبل مجلس الوزراء وبعده مجلس النواب كسلطة تشريعية .وقد يكون مبعث التوجس ناجم عن أزمة الثقة الموجودة بين المستهلكين والعملة المحلية بسبب التراجع الذي شاب مسيرتها خلال العقود الاربعة الماضية نتيجة السياسات الاقتصادية والمالية المتخبطة للحكومات السابقة التي ألقت بظلالها بشكل سلبي على قوة ونفاذ العملة المحلية .
وحيث ان البنك المركزي العراقي سعى خلال الاربعة أعوام الماضية الى انتهاج سياسة نقدية متشددة سعياً للجم جماح التضخم و خلق حالة من الاستقرارية لسعر صرف الدينار العراقي تجاه العملات الاجنبية ، فإن ذلك لم يحد من حجم الكتلة النقدية الهائلة الموجودة في الاسواق والتي تخلق كثيرا من المشاكل اثناء فترة التعامل اليومي المستمر ، ماجعل هذا المسعى احد أهم أهداف عملية حذف ثلاثة أصفار من العملة ، فضلاً عما يوفره تقليص العملة من انسيابية تدفق ونقل العملة بين المصارف . ولكن توجس المستهلكين من الاقدام على مثل هذا الاجراء لابد أن يبدد من قبل البنك المركزي وبمساندة ومعاضدة الجهات الحكومية الاخرى سعياً لاعادة وتعزيز ثقة الجمهور بهذه العملة التي انتابتها خلال الفترات الزمنية الماضية حالات من التراجع والاخفاق وصلت في أحايين كثير ة حد الانهيار بسبب تراجع الاداء الاقتصادي وزيادة مستويات التضخم وارتفاع الاسعار ، مع الاشارة الى أهمية البدء بحملات توعية اعلامية تستهدف الجمهور بمختلف اتجاهاته ومستوياته الثقافية والعلمية سعياً لتبديد الهواجس التي تلازمه .ويمكن للبنك المركزي ومعه مجلس الوزراء ان يسعى للبدء بخطة اعلامية تتضمن حملة واسعة ومختلفة الجوانب ومن خلال التنسيق مع المؤسسات الاعلامية المتفاعلة والمراقبة والمتابعة لهذا الحدث الاقتصادي ، مع الاخذ بنظر الاعتبار الجهد المبذول من قبل النخب الاقتصادية الاكاديمية في الجامعات العراقية والتي يمكن ان تكون جهات ساندة مؤثرة باتجاه انجاح عملية حذف الاصفار .كما ان هذا التوجس فيما إذا بدد ، فان ذلك يعني اعادة الثقة بالعملة وتعزيز عملية التداول والادخار بها ، بعد ان كان التعامل السائد ولعقود طويلة يشتغل عند منطقة الدولار والذهب بصفة غالبة ، ولكن لابد من التعامل مع هذا التوجس على انه معطى واقعي مؤثر من الضروري جداً أن يؤخذ بالحسبان ، لان المستهلكين لهم تأثير كبير في مدى نجاح أو فشل عملية حذف الاصفار .ولكن تبقى عملية حذف الاصفار تندرج في إطار عملية هيكلة العملة واعادة ترتيب تواجدها ومديات تأثيرها المعنوي والاقتصادي بضوء المتغيرات والحاجة الملحة التي تبرز اليوم لاعادة هيكلة العملة وامتصاص الزخم النقدي وجعل العملة مصدر توجه المستهلك واهتمامه والابتعاد عن العملات الاجنبية قدر الامكان .
في الواقع الاقتصادي :حذف الأصفار وتوجس المستهلكين
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 2 أغسطس, 2011: 10:15 م