TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق: في يوم "المدى"

سلاما يا عراق: في يوم "المدى"

نشر في: 3 أغسطس, 2011: 08:31 م

 هاشم العقابيكان الأستاذ حسن دواح، أول معلم أشركني في أول فرقة تمثيلية مدرسية. اسند لي دور أب ينصح ولده حول كيفية اختيار وتقييم أصدقائه. من بين ما أتذكره أنني في حواري مع "ولدي" استشهدت بالبيت الشعري: "عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي". لم أجد صعوبة في فهم المعنى رغم صغر سني لان التلميذ الذي كان يمثل دور الابن أمامي يوضحه حين يرد علي في سياق الحوار: "اعرف يا أبي انك تريد القول بان الطيور على أشكالها تقع". ولان "التعلم في الصغر كالنقش بالحجر"، إن صح ذلك القول تربويا، فلقد ظل ذلك البيت معيارا أحتكم إليه في تقييمي للآخرين.
واليوم حين وجدت انه من واجب الالتزام بروح الزمالة، ومن باب الوفاء وقول الحقيقة، أن أبارك "المدى" وآلها بيوم تأسيسها، حضر ذلك البيت في بالي. وللمرة الأولى أجد نفسي غير مقتنع به مثلما كنت افعل قبل نصف قرن تقريبا. ولا ادري هل لأن الدنيا قد تبدلت؟ أم لان الإنسان كلما كبر يزداد تجربة ونضجا فتتغير نظرته في الحكم على الأشياء. ربما. فكم من إنسان أو حدث أو قصيدة أو رواية أعجبنا بها في زمن ما، ثم نستغرب فيما بعد كيف أننا أعجبنا بها سابقا. صرت الآن مقتنعا بأنك  أذا أردت أن تتعرف على احد بشكل أدق وأعمق، فسل عن خصمه أو عدوه قبل أن تسأل عن قرينه. فإن وجدت انه يخاصم الثقافة فهو جاهل. وإن اتخذ من الحرية عدوا له فهو ظالم. ومن يعادي الحياة أو يكرهها فهو ظلامي لا بل وقاتل أيضا. وعودة للحديث عن تأسيس "المدى"، وجدتني ابحث عما يجدر أن أصفها به من دون تحيز. لم ابحث عن أقرانها أو عما  قاله عنها محبوها ، بل قصدت من يناصبونها الكره والعداء. وحتى لا اتهم بالتحيز، لأني من كتابها. ودرءا لتهمة "من يمدح العروس"، اترك لكم البحث عن تلك الأسماء والجهات. وبحمد الله ستجدون الكثير منهم وكأنه قد تفرغ لهذه المهمة. تمعنوا في عقليات وتاريخ وأسلوب المتهجمين والكارهين لمسيرتها واترك لكم الحكم على النتيجة.أما أنا، فلا أجد حرجا لو قلت أن فكرة البحث عن الخصم أو العدو كمعيار للحكم على جريدة "المدى" قد أحزنتني. حزنت أن أجد بالعراق من يعادي صحيفة لم تخف انحيازها لهموم الناس. حقا لا أجد تفسيرا منطقيا واحدا يدلني على الدافع الحقيقي الذي يدفعهم لمعاداة  صوت يرفع  شعار الحريات أولا. وفعلا احتار في وصف من يشن هجماته على مؤسسة مثل "المدى" وهي تشارك الشعب في صراعه المرير من اجل الإصلاح ومحاربة الفساد وتحسين الخدمات وتحقيق الأمن. لا أريد أن انتقص من أي احد حتى وان رفع راية العداء، بقدر ما أريد أن أقول له إني حزين عليه ولست متألما منه. يؤلمني أن أجد بعضا من العراقيين قد تخصص بالخبث وزرع النكد وخنق فسحة الحرية رغم شحتها بهذا الزمن الحزين. وعذرا إن كنت ملت الى الحزن في هذه اللحظة التي تفترض أن أشارك الزملاء في "المدى" فرحتهم بذكرى تأسيسها. شفيعي عندهم، وعندكم، هو ربما أني صرت لا أجيد الفرح. يبدو أنها حالة ستظل تلاحقني من اليوم الذي قلت فيه بإحدى قصائدي:طبع الناس من تحضر بحفلة عيد ميلادتفرح .. تركص .. تغني .. تضوي شموعتضحك .. تنطلق .. ما تظل ممنوعات  فقط يبقى الحزن والدمع ممنوعبس يمكن لأن آني عراقي  .. انسيت طعم الفرح من اسنينوصرْت ابأجمل اللحظات اصب ادموع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram