TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عين: المناصب الخاصة

عين: المناصب الخاصة

نشر في: 3 أغسطس, 2011: 09:06 م

 عبد الخالق كيطانبالكاد تنفسنا الصعداء ونحن نسمع، مجرد سماع،عن نية برلماننا الموقر البدء بترشيق الحكومة حتى خرج علينا من يقول أن الوزراء الذين سيشملهم الترشيق سيعينون بمناصب ودرجات خاصة، وهذا معناه، وباختصار شديد: مناقلة الاسماء نفسها من موقع إلى آخر مع استمرار الامتيازات المهولة التي يتمتعون بها جراء التصاقهم بمناصبهم، سواء أكانت وهمية أو... وهمية!
نواب أعلنوا بصوت عال احتجاجهم على هذه الإجراءات، ولكن أين ستنتهي أصواتهم؟ ستذهب إلى أشرطة محفوظة في الفضائيات أو أراشيف الجرائد، لأنهم يصرحون كثيراً للإعلام ولا يتقدمون خطوة واحدة على الأرض، لأنهم لو تحركوا هذه الخطوة لما وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم. كلنا ندرك: الوزراء والنواب والصحافة والناس أن الدولة العراقية تعاني من ترهل مريع سببه ما لا عد له من مناصب صممت واستحدثت لغايات غير نزيهة، أولها المحاصصة ومحاولة استرضاء الفرقاء كلهم بغض النظر عن "استحقاقهم الانتخابي" أو حجم تمثيلهم أو قدرتهم على البذل. والعالم المختلف إنما يصمم المناصب بسبب الحاجة التي توفرها استبيانات واستطلاعات رأي، وبسبب التماس المباشر بحاجات الناس في هذا القطاع أو ذاك. ولكن الذي يحصل في العراق أن المناصب تصمم لاسترضاء أعضاء الطبقة السياسية فقط. ولعلنا نتذكر جيداً أن المرجعية الدينية، التي يصرح ساستنا ليل نهار أنهم يحترمون آراءها ويقدرونها، ضربوا بتحذيراتها عرض الحائط عندما اصطدمت بمصالح أعضاء مافيات السلطة. عندما يصل الحديث إلى المصالح الضيقة للنخبة السياسية فإن الكثير من الثوابت تنهار وتتهدم، فما يهم بالنسبة لهؤلاء في الأخير هو استمرارهم في تلقي هبات وأموال المنصب التي لا تقدر بثمن، تاركين لنا التشكي وللناس في الشوارع الجوع والحاجة.والناس ليست بحاجة إلى دليل جديد لكي تعرف أن النخب السياسية كلها تبحث عن مصالحها الضيقة في أشد الأوقات حراجة. فهذه النخب تتجاوز عن عمد ملفات كبيرة واستحقاقات أكبر في كل لحظة، وتذهب إلى تكريس وقت وجهد ومال من أجل بحث قضية استرضاء الجميع. ولكن المشكلة أن هذه النخب هي نفسها التي عمدت إلى تخويف العراقيين من بعضهم البعض في أكثر من مناسبة حتى يستمر تسلطهم، ويستمر بقاؤهم على كراسيهم، فلا نحلم بيوم انتخابي جديد تتغير فيه الوجوه وتتبدل. أي محنة هذه؟ولو قررنا اليوم أن نذهب إلى الصندوق الانتخابي لوجدت هذه الوجوه تطل من جديد، وربما تحصد أصواتاً أكثر بكثير من تلك التي حصدتها في الانتخابات السابقة، وذلك لأن برنامج هذه الأحزاب القائم على فرضيتين فقط ما زال مستمراً، وهذه الفرضيات هي: الاستمرار بتخويف الناس من بعضهم البعض بحجج ومسميات مختلفة وكثيرة، والاستمرار بمسك مفاصل السلطة التي توفر المال والقوة اللازمين لانجاح أي تغيير يطالب به الشعب. نتيجة ذلك واضحة تماماً: أن لا تغيير مرتقبا، وللأسف الشديد!ها نحن الآن نستدرك فرحنا، نقول له ابتعد، لأن الجماعة لن يرشقوا الحكومة وإنما سيزيدون ترهلها بإجراءات جديدة تثقل كاهل الدولة وميزانيتها، وتزيد من النقمة، غير المهمة بالنسبة لهم، بل وتزيد من غضب الناس، المهم جداً لأي تغيير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram