علاء حسنمنذ زمن بعيد استخدمت معظم الدول الإسلامية مدفع الإفطار ، وكان العراق واحدا من تلك الدول ، لكنه في السنوات القليلة الماضية تخلى عن هذا التقليد ولأسباب معروفة ، فالعراقيون ليسوا بحاجة لسماع صوت المدفع، لأنهم ملوا أصوات الانفجارات بكل إشكالها وأنواعها، والجهات الرسمية ماعادت تهتم بالموضوع ، فغاب مدفع الإفطار ولا احد يسأل عنه ، او يرغب في استخدامه.كان موقع مدفع الإفطار في الجانب الأيسر من جسر الجمهورية من جهة الكرخ ،
وقبل لحظة انطلاق قذيفته في نهر دجلة يتجمع حوله الأطفال والشباب ، والقناة التلفزيونية العراقية هي الوحيدة آنذاك كانت تعرض شريطا مسجلا مصورا عن انطلاق قذيفة المدفع والبدء بالإفطار ، مع حلول موعد آذان المغرب ، الذي يختلف موعده بين فئة وأخرى بعدة دقائق ، وربما كان الاختلاف في الموعد سببا في التخلي عن مدفع الإفطار ، ونسيانه ودخوله ضمن المظاهر العراقية المنقرضة.من أسباب اختفاء المدفع أن قواتنا المسلحة التي غيرت ستراتيجيتها من الهجومية الى الدفاعية ما عادت تستخدمه في عملياتها العسكرية ، ودخول هذا النوع من السلاح يتطلب موافقات الأطراف المشاركة في الحكومة، وإبرام صفقات مع الدول المنتجة لتزويد الجيش بمدافع جديدة ، ومثل هذا التوجه لم يحسم بعد، ومازال خاضعا للتداول ليكون احد المدافع للإفطار ، وفي حال الاتفاق على الموضوع سيكون موقع المدفع في غير مكانه السابق القريب من المنطقة المحصنة ، وربما يوضع خارج العاصمة .قضية مدفع الإفطار ليست مسألة سهلة كما يتصور البعض وبحسابات الأوضاع السياسية الحالية الاستغناء عنه أفضل من استخدامه خشية سيطرة المجاميع المسلحة والميليشيات الخارجة عن القانون على المدفع بوصفه غنيمة ، فيعزز قدراتها القتالية ، فيحصل خلل واضح في موازين القوى ، ولاسيما ان القوات المسلحة ، لم تستكمل تجهيزاتها ومعداتها بعد ، ووصول أسلحتها المتطورة ومدربيها يحتاج الى المزيد من الوقت ، وقبل هذا وذاك لابد من تحقيق اتفاق سياسي لحسم هذا الملف الشائك كما تصفه بعض الأطراف المشاركة في الحكومة .بإعلان رئيس الحكومة رغبة العراق في إبرام اتفاق لاستيراد طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة ، طالب الشركاء بالرجوع الى مجلس النواب ، واخذ موافقته لإبرام الصفقة ، والحلفاء أعلنوا رفضهم الاستعانة بمدربين أميركيين ، ولوحوا بأنهم سيقفون ضد هذا التوجه ، داعين الى الاستعانة بخبرات دول أوروبية وإقليمية لتزويد العراق بالأسلحة اللازمة لتعزيز القدرات القتالية لقواته المسلحة ، ومدفع الإفطار هو الآخر دخل في هذا السجال ، ولحين تحقيق الاتفاق بمعجزة او بمبادرة جديدة ، واجتماعات ومفاوضات ينتهي شهر رمضان من دون أن يسمع العراقيون مدفع الإفطار .والخلاف حول أهمية تسليح الجيش العراقي لا ينطلق من مصلحة وطنية ، وإنما من فقدان الثقة بين الإطراف السياسية ، وخشيتها من استحواذ طرف معين على المؤسسة العسكرية العراقية التي لا تمتلك اليوم مدفع إفطار ، وبرغم ذلك يؤكد الجميع ضرورة ان يمتلك العراق وسائل دفاعية متطورة لمواجهة التحديات الإقليمية المحتملة .الجيل الجديد من العراقيين سيفقد فرص الاستماع لصوت مدفع الإفطار ، وفي بلد يشهد يوميا عشرات الانفجارات يصبح مثل هذا المدفع مصدرا لإثارة الرعب، واستخدامه في الوقت الحاضر سيثير المشاكل وسيفقد صفته بأنه احد طقوس شهر رمضان ، لان الاختلاف في تحديد مواعيد آذان المغرب سيجعل كل طرف يستخدم مدفعه الخاص ، وربما يلجأ آخرون الى الكاتيوشا وهاونات ثمانين ملم والقاذفات والرمانات الهجومية والدفاعية . لذلك فان استعادة مدفع الإفطار يتطلب تشريع قانون جديد وقبل إقراره لابد من تحقيق توافق بين الكتل النيابية لتحديد موعد انطلاق المدفع ، وبحسم هذه النقطة الخلافية سنتجاوز كل الأزمات السياسية ، ويأهل السطوح تنطونة لو نروح؟
نــص ردن: مدفع الافطار
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 3 أغسطس, 2011: 09:15 م