TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > المدى.. الرؤية

المدى.. الرؤية

نشر في: 3 أغسطس, 2011: 10:21 م

مشـــرق عبــاس*يوم انبثقت "المدى" من ركام الخراب العراقي المزمن عام 2003 كان الحدث يتزامن مع ظهور صحيفة أخرى لا يتذكرها الكثيرون اليوم هي "النهضة" التي تشرفت بالعمل فيها من يوم تأسيسها حتى اغتيالها في قمة عنفوانها.
"المدى" و"النهضة" كانتا عنوانين عريضين لما نتمنى وما نحلم، كانتا ملاذاً وخندقاً أمام هجوم الخطاب ذي النبرة الطائفية المريضة يوم تسلل كوباء من صدور السياسيين الى مقاعد المثقفين وأفكارهم واندس تحت الجلد وفي كأس الخمر حتى، فأصاب الوعي العراقي بالذهول. اغتيلت "النهضة" عندما أخضعها القائمون عليها إلى بورصة السياسة، واستمرت "المدى" تبحر عكس الريح وفي متناول الاعتداءات والهجمات عندما أصر المبدع فخري كريم على أن يحتفظ المحايدون طائفياً والمستقلون سياسياً بخندق أخير.لست بمعرض امتداح المدى ومن يقف خلف متاريسها الصحافية والأدبية والإبداعية، لكن المشهد من داخل هذا الصرح يغري بالمديح.فالصحيفة التي أصرت على البقاء والاستمرار، لم تكن مجرد جريدة ورقية تعاند الإرباك الذي تواجهه صاحبة الجلالة في العراق بحثاً عن الهوية.منتدى المدى بأصبوحاته المنيرة وسط شارع المتنبي بمثابة نفحة هواء بارد نقي في صيف بغدادي يزداد اشتعالاً , الزميلة غادة العاملي تحتضن طفلة وتشكيلية مبدعة رعتها المدى وكرمتها تسألني بفرحة من عثر على كنز وسط كومة خراب: "هل ترى المستقبل في عينيها؟" ويتحرك الزميل المتألق علي حسين بنشاط اعرفه عنه قبل التحاقه بأسرة المدى ينظم كل شيء ويرحب بالقادمين إلى الاصبوحات بحفاوة صاحب البيت الحريص عليه.في مكتبه يستل احد امثولات الزمن العراقي الجميل علاء المفرجي سيجارة من علبته ويدفعها إلي خلسة بضحكة لطالما اشتقت إليها: "دخن.. الإدارة تمنع التدخين لكنني أدخن هنا من دون علمهم".عائلة المدى لا يمكن إلا أن تكون مثالية في علاقات أفرادها وتكاتفهم وصدق نياتهم. في كل زيارة اشعر بصلابة هذه التجربة وألخصها بمصطلح "الرؤية".في مكتبه المتخم بالكتب، يصر فخري كريم وهو يقرأ مقالة ضمن سلسلة نشرها بعنوان "مئة يوم من الإذلال" إن "مثقفي بغداد لن يسمحوا بأية حال بتسليمها إلى التخلف".قال لي احد الأصدقاء يوماً إن كريم صعب المراس, صلب, ومهاجم, وعنيد في الدفاع عن قناعاته, لكنني كنت أخشى وانا من صنفه ضمن فئة "صناع الملوك" القلائل المتوارين عن صدارة المشهد السياسي أن يلتهم السياسي فيه المثقف، يجور عليه ويسلبه جذوة الثائر.وأنا اقرأ افتتاحية بعنوان "الفساد ولاّدةُ الإرهــاب والطائفية حـاضنتـه!" أدركت أن المدى وراعيها بخير، وان فخاخ السياسة لا تقوى على استلاب مثقف يقظ.مشروع المدى – الرؤية جدير بالتقدير، وجل أمنياتي أن يتسع إلى أفق العراق ومداه رافعاً سقف الحرية الذي يبدو أحياناً وكأنه ينهار على رؤوسنا. وعائداً  بـ "الحلم" ذلك الذي لطالما استنطقناه بلا جدوى أن يكشف عن معانيه.*مدير مكتب الحياة اللندنية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram