 هاشم العقابي عاد ليلة أمس صديق مقرب لي من العراق بصحبة ولده بعد زيارة قصيرة للبلد. وعندما سألته عن العراق، اختنق بعبرته رغم أنه عصي الدمع كما عرفته. رد علي باقتضاب وبصوت متهدج: ما عساي أن أقول عن شعب يفترش الجمر ويتغطى به ويتنفس ريح السموم ليل نهار؟ كان ولده يبكي أيضا. شيء أشبه بتأنيب الضمير يصرخ بداخله:
 كيف ترضى لنفسك أن تنعم بالتبريد بمصر وأمك وإخوانك وأخواتك وأصحابك تركتهم يلتصقون بفم مبردة، إن اشتغلت، فلن تغني عن لهيب الحر الذي يشويهم من كل الجهات؟ ثم كشف لي صديقي عن باطن قدمه "المفركسة" من نار الطرقات. سبقتني دمعة مني قبل أن اسأله: أو ليست هذه هي حرب الإبادة الشاملة؟ فالى متى كل هذا الصبر وعلى من تصبرون؟ مال صديقي برأسه الى الخلف وظل يدمدم بكلام لم افهم معناه.منيت نفسي أن أجد سياسيا واحدا أنبه ضميره وهو يرى الشعب يتلظى تحت حرارة الجو الكافرة. بحثت عنه فلم أجد غير نائب واحد مر على الكهرباء وضيمها مرور "الكرام". لا اشك في نواياه بل بطريقة ردة فعله. فلو كان حقا قد "تفركست" أقدامه من النار المتأججة لشق قميصه ونزل الى الشوارع مستقيلا من منصبه مناديا بالناس أن انزلوا فلقد جاوز صبركم حدوده. النائب هو عزيز العكيلي من التحالف الوطني الذي يرأس الحكومة. ما يحسب له، مشكورا، انه ذكر بأمر مهم وهو إخفاء قناة العراقية لأسئلته التي وجهها، قبل موجة الحر، لنائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة ووزير الكهرباء خلال استضافتهما من قبل مجلس النواب. وما تم إخفاؤه هو:1. سؤال عن وحدات الكهرباء الإنتاجية التي خصصت إلى المحافظات عام 2008 ظلت متروكة في العراء، وفي الناصرية أربع وحدات من المقرر أن تنتج 500 ميكا واط، إلا إن هذه الوحدات التي استوردت على خلفية التعاقد مع شركات أمريكية وبريطانية خاصة ظلت متروكة في العراء ولغاية 2011 .2. سؤال عن وعد المالكي كان قد قطعه على نفسه في العام 2006 في مجلس النواب , قال فيه " إن عام 2009 سيكون خاليا من مشكلة اسمها الكهرباء" ويذكرنا العكيلي أن المالكي عاد أدراجه عام 2009 وظهر من خلال القنوات التلفازية وصرح بأنه لا يمكن أن تحل مشكلة الكهرباء إلا بسنتين، ولكنه في عام 2011 قد زاد الطين بلة. ثم يستشهد بقول للمالكي نصه: "نحن نحتاج إلى سنة وثلاثة أشهر لمعالجة الكهرباء".3. استفسار عن سفينتين لإنتاج وتوليد الكهرباء في البصرة تنتج الواحدة منها مئة وخمس وعشرين ميكا، إلا إنها أنتجت الـ 25 فقط واختفت المئة.4. طلب إجابة من السيد الشهرستاني عن حديث قال فيه: "بان العراق يحتاج إلى 12 ألف ميكا واط , والآن إنتاجنا 7 آلاف ميكا واط"،  فلماذا إذن لا تكون ثلاث ساعات قطع وثلاث ساعات كهرباء؟5. استشهاد العكيلي بسؤال تم بتلك الاستضافة من قبل النائب صباح الساعدي. السؤال كان عن حاويات وصلت إلى ميناء البصرة يفترض أنها تحتوي على رؤوس توليد للكهرباء. ولكن عندما تم الكشف عنها وجدوا فيها ملاعيب للأطفال , ثم يضيف العكيلي انه سأل عن ملاعيب الأطفال تلك وأين ذهبت؟من حقي أن أسال النائب العكيلي بكل براءة: لماذا هذا الكلام الصريح الآن وليس في وقته؟ وهل فعلا تشعر براحة ضمير أن تستمر كعضو بمجلس يخفي هكذا حقائق، وبائتلاف فرض هذه الحكومة التي تشوي الشعب بلا رحمة؟ أما في عمود الغد فأريد ان افتح قلبي للشعب. سأصارحه بأكثر من سؤال حول صبره الغريب على محنة احتراقه.