TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل :النجار داعية السلام (برين هاو) والمثقف داعية العنف

قناديل :النجار داعية السلام (برين هاو) والمثقف داعية العنف

نشر في: 6 أغسطس, 2011: 06:41 م

 لطفية الدليمي الثلج يتساقط ندفا بيضاء والرياح الباردة تعصف بالأشجار التي تظلل جوانب مبنى البرلمان البريطاني وساعة (بيغ بن)  تعلن  الزمن  البليد  الذي تقاس به ساعات العمل وتوقيتات الحراسة  ومواعيد جلسات البرلمان ، بينما تحلق الشحارير  والحمام  والعصافير غير آبهة بالزمن ،  ومثلها كان (برين هاو)  داعية السلام
 ومناهض الحروب العنيد  الذي توفي في 18 حزيران 2011  داخل خيمته الرثة على رصيف ساحة  مجلس العموم البريطاني ، بعد أن لبث  مقيما هناك  دون أن يتحرك أو يغادر مكانه على مدى عشر سنوات  ابتداء من 2002. نعم مات (برين هاو)  البريطاني, اشد دعاة السلام  تبشيرا باللاعنف  في عصرنا وأنهى الموت اعتصامه الذي استمر عقدا من الزمان وهو محاط بلافتات تحمل بنود إعلان حقوق الإنسان والصور المروعة لضحايا الحروب من الأطفال  في أفغانستان  وفلسطين والعراق وأماكن أخرى من العالم ..http://www.facebook.com/ltfytaكان هذا الرجل البسيط و (النجار السابق)  يدافع عنا جميعا نحن  البشر العزل أمام جبروت القوى المسلحة الأجنبية وهيمنة الشركات العظمى وتجار الأسلحة والإرهابيين ،ثم خسر  المعركة  مع سرطان الرئة  وغادر عالمنا  لكنه بقي حيا  في ذاكرة محبي السلام، فقد  خلده  الرسام البريطاني  (مارك ويلنغر)  عندما رسم مخيمه  وفاز عن لوحته بـ (جائزة تيرنر للفنون) 2007 التي تمنح  لأفضل عمل فني  بريطاني كل عام  ..http://www.facebook.com/ltfyta ليت متظاهري ساحات التحرير يتعلمون منه  ويطالبون بحقوقهم المدنية وحقهم في الحياة وحقهم في التعبير  ويصمدون  كما صمد ، فلم يكن الرجل يطالب بخدمات أو سكن أوعمل او وظيفة  بل بالعكس من ذلك ، فقد ترك عمله وأطفاله السبعة  وتبنى قضية السلام العالمي  معلنا مناهضته الحروب التي ساهمت فيها بلاده  ووقف  يطالب بحقوق  أطفال العالم  من ضحايا  حروب ساسة العالم  ..ليت القلة من  مثقفي العراق وشعرائه الايقونيين  الذين  يتمتعون بالعيش المرفه في بلدان أوروبية وينعمون بجوائز الأنظمة العربية  جميعها ويحضرون على مدار العام مهرجانات ومؤتمرات متواصلة و كأنهم أعراض مرض ثقافي مزمن  - ليتهم  تعلموا من ذلك الرجل النجار البسيط  -  درسا في الإنسانية  ويتوقفون عن  الدعوة للعنف والمطالبة بفرض القصاص على من يختلفون معهم في الرأي ويكفون عن  ادعاء وطنية زائفة   وكأن الوطنية فعل  يتحقق بالريموت كونترول  ومانشيتات المزايدة  ، وهم يعلمون قبل سواهم  أن الوطنية أداء فعلي على الأرض  وتضحية بالنفس والمال .. لقد ساند كثير من الناس دعوة( برين هاو) ، وذات يوم حضر إليه بعض الشبان  من جنوب لندن المعروفين بعنفهم -  عانقوه  واخبروه أنهم يساندونه  وبدأوا يشتمون البرلمان والحكومة البريطانية بألفاظ وعبارات نابية ، فأوقفهم  الرجل قائلا :-أنا أدعو للحب والسلام والعدالة وأناهض الحرب بطريقتي المسالمة وليس بالعنف ..فلا حاجة بي إلى مساندة بذيئة  من هذا القبيل .. فمالنا نسمع من بعض أيقونات الثقافة المكرسين بقوة الإعلام والعلاقات العامة  نداءات  بالقتل وثقب الجماجم  لمن يخالفهم الرأي ؟؟ إن كانوا حقا من مثقفي العصر فليتنازلوا عن  أموال جوائزهم الكبيرة  لإقامة  مستشفى للأطفال أو مدرسة أو مكتبة عامة في وطنهم الذي يتبرأون منه  تارة ويتقمصون حبه تارة أخرى  ، أو فليؤسسوا حركة تدعو للمحبة  والحوار بين مواطني بلادهم ..-   قال برين هاو وهو مسيحي مؤمن  إن المسيح تراءى له  وطلب إليه أن يدافع عن أطفال العالم  ويقف بوجه الحروب والأسلحة المدمرة ، ولم يطلب من  المسيح  أن ينزل القصاص بمن  يخالفونه الرأي أو يختلفون عنه في الدين والطائفة ، رفع الرجل راية السلام من اجل  البشرية كلها ، وحارب على مدى عشر سنوات بالصور والنداءات والشعارات والمحبة - وهو الأعزل في خيمته - ولم يحمل السلاح بوجه بني وطنه  ولم يؤسس ميليشيات للقتل والذبح على الهوية وقطع الرؤوس  باسم الجهاد  من اجل دين أو عقيدة ..كان (برين هاو) يجلس على كرسي رث – أمام خيمته التي تعلوها شعارات السلام ويعتمر  قبعة تزينها باجات و شعارات السلام والحب ،  وحوله صور ضحايا الحرب المدنيين من الأطفال والنساء ، وكان الناس  يأتون  زوارا  لمملكة السلام الصغيرة ، يمر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram