TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ولا يليق بالمالكي

ولا يليق بالمالكي

نشر في: 12 أكتوبر, 2012: 06:11 م

عندما قرأت عمود الزميل عدنان حسين "عمل لا يليق بالبارزاني" ثم تبعه بـ "شكرا كاك مسعود"، أردت من لحظتها أن اكتب "ولا يليق بالمالكي" لكن شيئا منعني بوقتها. كانت مشاعر عدنان، كما كتبها بوضوح، انه شعر بالخجل والأسف وهو يسمع أغنية راقصة تمتدح رئيس الإقليم. كنت لم أسمع بتلك الأغنية بل سمعت بأخرى في مديح المالكي، منتشرة على الانترنت، غناها المطرب عبد فلك بعنوان "يا بو إسراء". لم ينتابني خجل أو أسف، بل خوف. وكتابة الخائف ليست مثل الخجلان.
خفت على العراق قبل كل شيء. ثم على الأغنية العراقية، وعلى المالكي أيضا. من الطبيعي أن يذكرنا هذا النوع من الأغاني بصدام. فأغاني امتداح الحكام، مهما كانت نصوصها جيدة من الناحية الشعرية وألحانها راقصة ومتقنة، لا تطرب، بل ترعب.
لم تكن هناك أغانٍ لمدح البكر ولا الأخوين عارف. خمسة وعشرون عاما من تاريخ العراق (1963 إلى 1979) مرت ولا اذكر إن  كانت  هناك أغنية في مدح رئيس. ظهرت أول أغنية من هذا النوع به بعد أن أحكم صدام سيطرته الكاملة على كرسي الرئاسة. كانت تلك أغنية  "العزيز انت" التي جرت من بعدها مئات الأغاني التي تمجد الطغاة. ثم جاءت أغاني التلذذ برائحة البارود والدم والحرب. بدأت بأغنية واحدة ثم تحولت إلى ظاهرة يتكرر بثها  حتى كاد العراقيون أن لا يسمعوا غيرها. النتيجة أن دفع العراق والعراقيون ثمن نشوة الطاغية وتصديقه لما جاء في تلك الأغاني.
كل أغاني امتداح الحكام تملق ونقاق وزيف. كذب بكذب. وصدق من قال "إن الكذب يهجم البيوت". ويا ليته هجم بيتا واحدا بل هجم وطنا بأكمله. وهكذا صرت أخاف على العراق من هذه الأغاني لأنها تنذر بخراب جديد. فأغاني امتداح صدام لم تهجم بيت العراق، حسب، بل طالت بيت الأغنية العراقية وذائقة العراقيين فهجمتهما أيضا.  لقد كانت أغاني مديح صدام احد أهم أسباب ما نسمعه اليوم من أغان عراقية هابطة وصلت إلى "بس بس ميو" و "كبدبد" ولها من يسمعها ويرقص لها أيضا!
واليوم يبدو أن معامل إنتاج الطغاة عن طريق الأغاني عادت للظهور من جديد. وللحقيقة إن تلك المعامل كانت تشتغل مرغمة، إلى حد ما، في زمان صدام لكنها الآن صارت تتطوع، أو هكذا تبدو في أقل تقدير. وحين سمعت أغنية "أبو إسراء" التي لم يظهر بها وجه المطرب ولا وجه الفرقة الموسيقية، بل مجموعة صور للسيد المالكي أحيط بها وجهه بهالة من نور كتلك التي كنت أراها تحيط صور السيد المسيح أو الإمام علي التي تطبع في إيران على الغالب.
خفت على المالكي هذه المرة أن لا تمر عليه اللعبة. وخوفي تحقق لأني لم اسمع بقرار منه أو من البرلمان يمنع أغاني امتداح الحاكم. ومثلما وجد عدنان أن تلك الأغاني ذات "الكذب المصفط" لا تليق برئيس الإقليم، فإنها قطعا لا تليق برئيس الحكومة الاتحادية.
وها أنا أقول قولي بكل إخلاص وصفاء نية، فهل سيستجيب رئيس الوزراء ويصدر قراراً بمنع الأغاني والهوسات والقصائد التي تمتدحه؟ لننتظر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. فلاح الساعدي

    العزيز هاشم العقابي تحيه ود يؤسفني ان اخبرك ان انتظارك سيطول وسوف لن تسمع الجواب ولن تتلمس فعل ايقاف هكذا تصرف والحق يقال ان الرجل ربما لا يدري انك قد كتبت عن هذا الموضوع ولكنه يدري بكل تاكيد ان الاغاني والمديح قد وصل الى الفرق الموسيقيه وربما هناك من ي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram