TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نــص ردن: الدكتور "XXL"

نــص ردن: الدكتور "XXL"

نشر في: 6 أغسطس, 2011: 09:17 م

  علاء  حسنيصر بعض المسؤولين والسياسيين على تعريفه بلقبه العلمي الدكتور فلان ، حينما يكون ضيفا في لقاء تلفزيوني ، وفي المساحة المخصصة له للحديث يستعرض الدكتور إمكانياته الفذة في  استخدام منظومة الدفاع عن الأداء الحكومي ، والإشادة بالمنجزات المتحققة طيلة السنوات الماضية ، ثم يشير إلى دور المسؤولين من حملة الشهادات العليا في بناء دولة المؤسسات بوصفهم من التكنوقراط ، والحديث في هذا الشأن لا يشمل المتحدث ، لأنه يعلم قبل غيره بان شهادته من نوع " الكلك " أي مزورة بالقاموس الشعبي العراقي ، واللقب العلمي حصل عليه من قبل فضائيات ، اعتمدته زبونا دائما للحديث عن القضايا مثار الجدل والخلاف .
الجهة المتخصصة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي المسؤولة عن معادلة الشهادات تعرضت في العام الماضي إلى تهديد من وزير سابق، لأنها رفضت معادلة شهادته العليا فلوح بمعاقبة أعضائها، لأنهم كشفوا أكذوبة الدكتور، واللقب العلمي الذي حصل عليه عن طريق المراسلة من جامعة غير معروفة في دولة آسيوية .هيئة النزاهة واللجنة النيابية المعنية بالكشف عن ملفات الفساد ومكافحته، تقع عليهما مسؤولية كشف أصحاب الشهادات العليا المزورة، أو الصادرة من جامعات غير معروفة، لا تعترف بها وزارة التعليم العالي ، ويبدو أن الجهات الرقابية غير معنية بهذا الأمر في الوقت الحاضر ، لانشغالها بملفات الفساد الأخرى من العيار الثقيل التي جعلت العراق يحتل مراتب متقدمة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم . المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تمتلك البيانات الدقيقة عن آلاف السياسيين الذين يدعون أنهم يحملون شهادة الدكتوراه ، والمفوضية هي الأخرى ترفض الكشف عن هذا الملف ، فتجاهلت مبدأ الشفافية ، وتركت الأمر في  طي الكتمان لان شهادة الدكتور الفلاني المزورة لا تعنيها ، لأنه قدم شهادة أخرى تسمح له خوض الانتخابات التشريعية او المحلية .المتابع للفضائيات يستطيع في دقائق إحصاء أكثر من عشرة مسؤولين او سياسيين تنتابهم السعادة حين يخاطبهم المذيع او المذيعة بلقب الدكتور المتخصص بالشأن  العراقي وشؤون أخرى تطلق مجانا في اللقاء التلفزيوني ، وفي زمن النظام السابق اتجهت رغبة الكثير من المسؤولين وقتذاك نحو الحصول على شهادات عليا ، وبطرق معروفة لدى الأساتذة والأكاديميين العاملين حاليا في الجامعات العراقية ، وقبل هذا التوجه بسنوات عديدة  ، فقدت  جامعة بغداد  سمعتها العلمية ، حينما أصبح عشرات  المسؤولين يحملون لقب دكتور من نوع "XXL" ولا احد يعترض أو يحتج ، لان الدخول في هذا المعترك في ذلك الوقت يفضي إلى التصفية الجسدية في اقل تقدير .بعض المسؤولين والسياسيين يحملون لقب الدكتور عن جدارة واستحقاق ، وهؤلاء ضاعوا وسط المئات ممن انتحل اللقب ، وسط غياب الضوابط والمعايير لإثبات حقيقة حصول بعضهم على شهادات حقيقية ،و أصحاب الشهادات العليا من الجيل السابق العاملين حاليا في الجامعات العراقية كانوا يخضعون لإجراءات صارمة لمعادلة شهاداتهم ، فخريجو الجامعات الغربية كانت لهم أفضلية على  زملائهم الذين حصلوا على شهاداتهم من الاتحاد السوفيتي آنذاك وأوربا الشرقية ، وصرامة تلك الإجراءات كانت تخضع لاعتبارات سياسية كجزء من منهج النظام في التعامل مع الكفاءات العراقية الوافدة من  الخارج ، تلك الصرامة فقدت فاعليتها هذه الأيام  سواء كانت مرفوضة او مقبولة ، جائرة او حازمة .ما يعزز قناعة المسؤول بلقبه تجنيد منتسبي مكتبه وعناصر حمايته باستخدام مفردة الدكتور ، فتراهم يرددون عبارات الدكتور في الاجتماع ،  الدكتور مسافر الدكتور نائم ، وحلاق الدكتور ، سائق الدكتور،  خياط الدكتور ، وصاحب المعالي الدكتور ، اما البيانات الرسمية فتكون مفردة الدكتور  حاضرة أكثر من مرة وبحجم "XXL" ،  ودكتور جرح الجديد عيونك تشوفه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram