عامر القيسييقول مثل روسي قديم، أن تفكر برأسين أفضل من أن تفكر برأس واحدة. للدلالة على تنوع الفكرة ومشاركة الآخرين في حل أو حلحلة مشكلة ما أو مواجهة قضية تحتاج إلى رؤيتها من أكثر من جانب. ربما قيل المثل الروسي كحكمة في القضايا الاجتماعية اليومية الصغيرة. فما هو المثل الذي سيقال في مواجهة قضايا وطنية كبرى فيها ملايين الناس لا شريحة اجتماعية محددة.
التجربة السياسية العراقية المريرة، على مدى تأريخها المعاصر أثبتت أن التفرد بالرأي في اتخاذ القرار قد ألقى بنا إلى الهاوية، وحملنا من المصاعب ما لا طاقة لنا به، ودفعنا بسبب التفرد بالرأي والاستبداد ثمنا باهظاً. نريد الآن أن نبني تجربة ديمقراطية.. ونريد أن نفهم الآخرين إننا في عراق جديد، غير عراق الدكتاتوريات والاستبداد، وهذه "النريد" لا تأتي من الهواء ولا يمنحنا إياها احد هدية من السماء، إنها سلوك وممارسة ومشاركة ونتائج. السيد رئيس الوزراء نوري المالكي يتعرض باستمرار إلى انتقادات لاذعة بسبب ما يصفونه بالتفرد باتخاذ القرار وعدم مشاركة الآخرين، ويواجه المالكي عادة مثل هذه الاتهامات الموجهة من خصومه، على افتراض ذلك، بالتصريحات المتواصلة من أن الجميع في الحكومة وأنهم مشاركون في اتخاذ القرار السياسي، ويفتح النار عليهم لأنهم يلعبون لعبة المعارضة والحكومة معا. أما حلفاؤه فغالبا ما يتهمونه بالتفرد والتسلط والفردية، ولكن في الجلسات الخاصة والأحاديث الهامسة موجهين رسالة واضحة له لكي يغير منهجه ويتعامل معهم على الأقل باعتبارهم حلفاء له ومصير ائتلافهم وتحالفهم متوقف على صورة وعمق التفاهمات بينهم، واخذ وجهات نظرهم ورؤيتهم للأحداث على محمل الجد. لكن هذا الطريق قد وصل إلى نهايات مسدودة أو قريب من النهاية. والدليل أن الأصوات ابتدأت تخرج من الهمس إلى الوضوح والصراحة والعلنية. فماذا يقول المالكي لأقرب حلفائه الذين أعلنوا استياءهم من تفرده باتخاذ القرار. بل إنهم ذهبوا ابعد من ذلك من خلال تصويتهم المضاد بشأن سحب الثقة من مفوضية الانتخابات، احد أقطاب المجلس الأعلى الإسلامي، قال لصحيفة الشرق الأوسط في الأول من آب الحالي "ما حدث في موضوع عدم سحب الثقة من مفوضية الانتخابات هو جرس إنذار قوي للمالكي مفاده انه حتى حلفاؤه في التحالف الوطني، المجلس والصدريون والفضيلة والإصلاح، سينفضون عنه بسبب تفرده بالسلطة"، وأضاف "أن الكلام عن توجهات المالكي نحو الدكتاتورية والانفراد بالسلطة صار علنيا"، وحسب الصحيفة فان قياديا في حزب الدعوة انتقد سلوك المالكي في سيطرة عائلته والمقربين منه على السلطة والمناصب. ووصل الأمر إلى حد تقارب الحلفاء والغرماء في التهيئة لمشروع سحب الثقة من حكومته اذا بقي يتصرف على هذا النحو الانفرادي الاستبدادي. ولولا بعض التعقيدات في التحالفات، كما يقول قيادي في التحالف الوطني، لكن مشروع سحب الثقة من الحكومة في أروقة البرلمان منذ فترة. المالكي لا يجيب أحداً، ولا يغيّر من طريقته في قيادة السلطة التنفيذية، بل أن بعض أقطاب ائتلافه "دولة القانون" عزت الشابندر، يطالبون العراقية على سبيل المثال بان تنفذ تهديداتها ويتحداها بان تنسحب من الحكومة أو تقدم مشروع سحب الثقة، بلغة لا تخلو من التعالي والثقة المفرطة من أن التحالف الوطني أقوى من الجميع، متين وصعب أمام من يحاول المس بالمالكي!! ونعتقد جازمين لو أن سلوك المالكي غير الذي نشهده الآن لما تجرأ الشابندر على إعلان حرب التحدي، وكأن القضية بين فريقين لكرة القدم، وليست قضية وطنية وتحتاج إلى المشاركة والتشارك والحوار للوصول إلى حلول لمشكلات عنق الزجاجة التي تعاني منها العملية السياسية في البلاد.عندما يضيق الحلفاء ذرعا بالمالكي فكيف الحال بالغرماء؟ سؤال لا احد يجيب عليه غير المالكي وعليه إن يجيب سريعا قبل أن تكون الإجابة لا معنى لها!
كتابة على الحيطان: الحلفاء يضيقون ذرعاً!!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 6 أغسطس, 2011: 09:27 م