عالية طالب اغلب اقتصاديات الدول التي تعيش أوضاعا سياسية مختلة وغير مستقرة، تعاني من أثار سلبية على مجمل أوضاعها العامة وانكماشا اقتصاديا يؤثر سلباً على سوقها المحلية وصناعاتها مما يتسبب في ارتفاع الأسعار وتضخم على مستوى الثابت والمتغير والكمالي والأساسي.
هذا الوضع عاشته أغلب الدول التي مرت عبر تاريخها بظروف مشابهة لكنها استطاعت خلال سنوات قليلة من إعادة ترتيب أوضاعها وسحب تضخمها المبرر وغير المبرر وساهمت سياساتها المدروسة بعناية في تحسين مداخيل مواطنيها وتخفيف الضغوط الاقتصادية التي عانوا من سلبياتها لفترات لم تطل أبدا، ولم تأخذ إلا مؤشرا تنازليا سنة بعد أخرى بعكس ما يعيشه العراق اليوم الذي تشير اغلب مؤشراته إلى تواتر ارتفاع الأسعار بطريقة غير معقولة وغير منطقية وتثبت خللا تنظيميا واقتصاديا وتخطيطيا وسياسيا يحسب سلبا على الحكومة ومؤسساتها ووزاراتها التي تقف متفرجة على الأوضاع الاقتصادية الصارخة، والتي لم تنفع معها أية زيادة في الرواتب, إذ ابتلع التضخم كل المتغيرات التصاعدي لرواتب الموظفين ولا زال يطالب بالمزيد وكأن الجميع في سباق محموم سيضرب خاصرة الاقتصاد العراقي بالصميم وسيرسخ مظاهر لا يمكن التخلص منها بسهولة في المستقبل.ويتساءل المواطن لمصلحة من يتم إغراق السوق المحلي العراقي بمختلف البضائع المستوردة من كل البلدان القريبة والبعيدة عن العراق والبضائع تمثل أسوأ النتاج المتدني المواصفات، فيما لا يتم تفعيل وتأمين وتشجيع واقع الصناعة المحلية لتكون هي البديل المطلوب لمجمل هذا الاستيراد المشوه المرتبط بصفقات محسوبة تحقق مصالح فئات محددة على حساب المجموع العام للشعب العراقي, ولماذا تتضخم استثمارات غير عراقية على حساب الاستثمار العراقي الذي تقف عملية عدم إعادة التيار الكهربائي إلى وضعه الطبيعي أهم عائق في وجه إنعاش الحياة في العراق بكافة أشكالها ومنها طبعاً الواقع الاقتصادي والأمني والخدمي.المواطن الذي بدأ يسخر من أوجاعه بات يسخر أيضا من كل تبريرات الخطط الحكومية التي لا يبدو أنها تسير بما يتوافق حقيقة مع المشروع الهادف لبناء العراق بطريقة تحقق مصلحته الوطنية والأممية وتنشئ له مستقبلا لائقا له ولأحفاده ولأجياله القادمة التي فضلت أن تتقاذفها المنافي على أن تتقاذفها لغة الموت المتاح بطريقته السريعة للأغنياء والبطيئة للفقراء الذين ما أن تراهم حتى تعرف حجم معاناتهم دون إن تحتاج إلى إن يصرحوا لك بكل ما يقاسونه وهم يلهثون بين البطالة والأجور المتدنية للقطاعات الخاصة وبين الرواتب الحكومية التي لا تبقى في البيوت، إلا لأيام معدودة بعد إن تضاعفت الأسعار بطريقة جنونية لا تؤشر واقعاً عقلانيا يبشر بالأمان الاجتماعي ولا المدني بغض النظر الآن عن الأمان الحقيقي المطلوب الذي فرضته خطة القانون الأمني الجديد بعراقيل لا حصر لها يدفعها المواطن من أعصابه ومن وقته ومن هدوئه وسكينته وتفاؤله الحقيقي.هل تعجز الحكومة بوزارات تخطيطها وماليتها وتجارتها وبنكها المركزي عن إقرار سياسات مالية جيدة تحقق ثباتا في الأسعار يحقق للمواطن مفهوم الادخار والتأمين المستقبلي والاستثماري الجيد لمشاريع صغيرة وكبيرة وكل حسب طموحه وإمكاناته التي هي بلا حدود وأولها صبره الجميل على الصعوبات التي تفوق طاقة البشر واحتمالهم المطلوب؟وهل تعجز الحكومة عن مواجهة نفسها وتحدد لمصلحة من يتم تغييب المنتج المحلي عن الشارع التجاري العراقي بكل ما عرفه المواطن من صلاحية جيدة، لذلك المنتج رغم محدوديته التي كان يحلم باضطرادها يوما؟وهل يبقى المواطن ضحية المشاريع المعلنة والمستترة والتي بات يعرف كل مراميها بوضوح دون أن يملك المقدرة على إعادة تصحيح أوضاعه بطريقة تحقق مصلحه بلاده التي أشغلت بالواقع السياسي المتشابك ليمرر عليها مشاريع اشد بشاعة تطال مستقبل القادم من الأيام بوضوح لا يقبل الشك.
وقفة:الاستيراد وتفتيت البنى المحلية
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 7 أغسطس, 2011: 09:13 م