يتهافت المترشحون في الأردن، لمجلس النواب السابع عشر، على إبراز أسمائهم في القائمة الوطنية، التي ستحمل سبعة وعشرين نائباً، من أصل مائة وخمسين إلى المجلس الجديد، ويبدون في ذلك كأطفال يتنافسون على الحصول على صندوق، يعتقدون أن به حلوى وألعاباً، مع أنه مغلق بإحكام، ويظن بعضهم أن نجاحه على كوتا القائمة، سيجعله متميزاً عن النواب المنتخبين عن مناطقهم، وكأن المجلس الجديد سينقسم إلى نواب درجة أولى، وآخرين في الدرجة الأدنى، ويبدو مثيراً للغثيان أن متزعمي القوائم الوطنية، لجأوا إلى استئجار مترشحين من الأسماء المغمورة، يعرفون أن لا حظ لهم بالنجاح، فقط لتبدو قوائمهم مكتملة العدد أو قريبة من ذلك.
نحن أمام تجربة، كان يرجى لها أن تكون مدخلاً لمجلس نيابي مسيس، يتولى إفراز حكومات برلمانية، غير أن تنافس 500 مترشح، ينخرطون في 40 قائمة، يؤكد فشل التجربة، العائد إلى غياب تأثير التجربة الحزبية، التي كان يفترض أن تقود التجربة، التي أتت بعد التخلص بالحل من مجلسين نيابيين قبل انقضاء زمنهما، صحيح أن لبعض القوائم لونا سياسيا واضحا، حيث ترشح فيها سياسيون وبرلمانيون سابقون، غير أن الغالبية ضمت شخصيات، تدخل لأول مرة العملية الانتخابية وأخرى مغمورة، ستكتفي فعلياً بلقب خاسر في الانتخابات، لأسباب ستكون عندهم غير مدى شعبيتهم، ومدى قبولهم من الناخبين، وقد أبلغني سياسي مخضرم، أن تكلفة خوض المعركة الانتخابية، للشخص الواحد، تتجاوز نصف المليون دولار، في حين يعجز بعض المترشحين عن إيداع مبلغ 6 آلاف دولار لدى أمانة العاصمة، لضمان إزالة دعايته الانتخابية من الشوارع والساحات، بعد انقضاء الموسم.
ستكون النتيجة حتماً، عدم فوز أي قائمة بغير عدد محدود جداً من المقاعد، لأن رؤساء القوائم الذين تتصدر أسماؤهم، هم من سيحصد العدد الأكبر، ويتركون لبقية الأسماء مرارة الخسارة، وللمجلس الجديد فشل التجربة، حيث لن تكون هناك قائمة متكاملة، قادرة على الحسم، إضافة إلى خلو برامج هذه القوائم من أفكار حقيقية، لحل المشاكل الراهنة، يمكن لجمهور الناخبين أن يتبناها، وإذا كنا نعرف أن عدد المسجلين، الذين يملكون حق الانتخاب، قريب من المليون، من أصل ستة ملايين أردني، وأن صناديق الاقتراع لن تحظى بزيارة أكثر من نصفهم، فإننا سنجد أنفسنا بمواجهة مجلس نيابي، تم اختياره على يد ما يقرب من 10% من عديد المواطنين، ومطلوب منا الاقتناع أنه سيمثلنا، وسيكون قادراً على اجتراح المعجزات.
تماسك القوائم " الوطنية "، ومقدرتها على الاستمرار، قبل وبعد الانتخابات، محل شك كبير، ونحن نشهد انسحاب مترشحين من بعض القوائم، والانضمام إلى أخرى، لان في القوائم الجديدة بعض المزايا، غير المتوفرة في تلك التي انسحبوا منها، ومع غياب الطابع السياسي للقوائم، برزت قوائم بصبغة قطاعية، ضمت قوائم ممثلين لنقابات عمالية، في حين خصصت قائمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وحملت إحدى القوائم اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ومع تزايد الحديث عن تدخلات حكومية في الانتخابات، بواسطة دائرة المخابرات، تأتي على شكل حث أسماء كبيرة على المشاركة في العملية الانتخابية، أو التدخل بإعادة ترتيب للقوائم، يمكن لنا سلفاً، تصور أداء المجلس النيابي القادم.
بدل انتظار برلمان جديد، يعبر عن الإرادة الشعبية، سنجد أنفسنا للأسف مجبرين على التعاطي مع برلمان عاجز، لا يتميز عن سابقيه بغير المزيد من التشرذم، وفقدان القدرة على اتخاذ أي قرار في الاتجاه الصحيح.