TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما يا عراق: رسالة "الباب الشرقي"

سلاما يا عراق: رسالة "الباب الشرقي"

نشر في: 8 أغسطس, 2011: 09:11 م

 هاشم العقابيلاشك انه من بين أهم المسلسلات التي تناولت التظاهرات العراقية، مسلسل "الباب الشرقي" الذي يبث على إحدى القنوات، المسلسل تم تصوير حلقاته بمصر. ظننت أن الاختيار جاء مقصودا لأن مصر شهدت انجح الثورات الشعبية بميدان التحرير التي أسقطت النظام الحاكم بأقل الخسائر وبأرقى أنواع السلوك السلمي من قبل الشعب والجيش معا. ثم، وهذا هو الأهم، أن ما حدث بمصر قد وظف فنيا وإعلاميا ودراميا وأدبيا بشكل واقعي ومتحضر. فالأداء الفني والأدبي والإعلامي ما عاد كما كان  قبل ثورة 25 يناير، وصار يكثر الحديث بمصر عن مصطلح "أدب ما بعد الثورة".
كنت، وبحكم تواجدي بمصر، التقي ببعض الممثلين بالمسلسل وبالمخرج الذي تربطني به علاقة صداقية طيبة. وكنت أتوقع أن ستخرج "الشرقية" هذه المرة بعمل فخم يستمد قوته من قوة انطلاقة التظاهرات بالعراق، أولا، ولأنه سينتج في بلد مازال يعيش تجربة ثورية شعبية طازجة، ثانيا. لقد كنت تواقا لظهوره على الشاشة متوقعا إني سأرى شيئا مختلفا هذه المرة.لا بد لي من الإشارة إلى أني استغربت كثيرا حين سمعت بالعنوان الذي اختير للمسلسل قبل أيام قليلة من بثه إذ سمعت بعناوين أخرى له من قبل. ولا ادعي إني أجيد الحدس، لو قلت بان "الباب الشرقي" كعنوان، جعلني أتوجس من شيء ما. لعنت الشيطان وقلت لنفسي: دعك من هذا الوسواس وانتظر حتى تشاهد الحلقة الأولى على الأقل.من الطبيعي أن يحرص كاتب السيناريو والمخرج في الحلقة الأولى لأي عمل درامي، على رسم الملامح الأولية التي تحدد هوية المسلسل. ومن جانبي لم أجد صعوبة في تحديد هوية "الباب الشرقي" وأهدافه من أول حلقة. تقصدت في هذا العمود ألا أقف وقفة نقدية مطولة عند لغة الحوار التي كانت "كلاما" وليس لغة. وهذا  الخلل الواضح أرهق الممثلين وجعلهم، أحيانا، يلوذون "بالصراخ"، في محاولة لإصلاح الخلل باعتماد لغة الجسد. واعتقد أن ذلك، أيضاً، واحدا من العيوب التي أرهقت المخرج وجعلته يستنفد كل ما يمتلكه من خبرة سينمائية للتعويض عن ركة الحوار بالصورة والمؤثرات الضوئية والموسيقية.  ما يهمني هنا هو الرسالة التي يفترض أن تكون هي الأهم في أي عمل درامي تلفزيوني جدي. والتي تأتي ضمنية أو صريحة. وقد تحمل أهدافاً سياسية فتروج لأفكار أو إيديولوجيات معينة. أو قد لا تضع لها هدفا جديا فتركز على التهريج والحركات البهلوانية من أجل إضحاك الناس أو تسليتهم أو الضحك عليهم أحياناً. فما هي رسالة "الباب الشرقي"؟إن كان البعض يرى أنها ضد الحكومة وتقف مع المتظاهرين، فانا لم أجدها كذلك. لا بل على العكس أنها من صالح الحكومة. والأسباب برأيي هي:1. المبالغة في الخيال الجامح للكاتب الذي صنع معركة دموية قبل ليلة التظاهرات. شخصيا لم اسمع أو اقرأ شيئا عن ذلك، رغم إني متحيز للمتظاهرين. الخيال في الأعمال الدرامية سمة إبداعية. لكن شتان ما بين التلفيق والخيال. اذكّر أن التلفيق ضد الحكومة ينفعها أكثر مما يضرها. واللبيب يعرف القصد.2. في أي عمل تلفزيوني، تحمل الصور واللقطات رسائل. وهذا ما يميز التلفزيون عن وسائل الاتصال الجماهيري المقروءة أو المسموعة. إن أي صورة تظهر في المسلسل، تحمل معنى أو دلالة. فما هو المقصود من استخدام العلم الموقع بيد صدام بين النجمات الثلاث في خيمة المتظاهرين وبيوتهم؟ بصراحة، انه لا يفسر غير حنين او انتماء للبعث. وهذا ينطبق تماما مع التهمة الظالمة التي وجهتها الحكومة للمتظاهرين. فهنيئاً للحكومة التي يحاول المسلسل إثبات "صحة" اتهامها.3. إن عنوان المسلسل، كما أسلفت، يثير شيئا من التوجس. نعم إن ساحة التحرير تقع في منطقة الباب الشرقي. لكنها مثل ميدان التحرير الذي يقع في منطقة "وسط البلد" بالقاهرة. فبأي اسم عنون المصريون ثورتهم؟ إن خصوصية ساحة التحرير تجعل من اسمها عنوانا للمسلسل أجمل وقعا وأكثر صدقا وأدق توثيقا. توجسي، الذي أتمنى ألا يكون صحيحا، هو أن اتخاذ اسم "الباب الشرقي" جاء إحياء لتسمية "البوابة الشرقية" وحراسها. ليس هذا من باب الاتهام أو الظن، بل تأسيساً على رفع علم النجمات المكتوب عليه "الله اكبر" بخط يد صدام (حارس البوابة الشرقية).محزن حقا أن نتوقع من مسلسل حسبناه أن يكحل عيون المتظاهرين، فإذا به يعميها. فوا أسفي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram