اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الـدور الرقـابي للمجتمـع المـدنـي العراقــي

الـدور الرقـابي للمجتمـع المـدنـي العراقــي

نشر في: 9 أغسطس, 2011: 06:34 م

حسين علي الحمدانيمن حق الشعب العراقي أن تكون لديه حكومة قوية وفي نفس الوقت معارضة هي الأخرى قوية وتستمد الحكومة والمعارضة قوتيهما من البرلمان الذي هو نتاج الشارع العراقي وأصوات الناخبين وإفراز صناديق الاقتراع التي اعتاد عليها الشعب العراقي في السنوات الأخيرة ، لكن هذه الصناديق لم تفرز سوى حكومة أو بعبارة أكثـر دقة أُريد لها أن تفرز حكومة مع غياب تام للمعارضة البرلمانية التي تمثل الوجه الآخر للديمقراطية .
وعندما تغيب المعارضة السياسية بمفهومها المعروف والمتداول في الدول الديمقراطية، تصبح منظمات المجتمع المدني والنخب الثقافية هي المعارضة الحقيقية في الشارع وقوة الضغط الرئيسة القادرة على أن تلعب دوراً رئيساً ومهماً في بلورة وصناعة ما يمكن أن يكون ( معارضة شعبية ) لها نفوذ قوي وسلطة تهمين على مجمل الشارع في البلد .في الوقت الحاضر نحن في العراق لم ندخل بعد نادي الديمقراطية بمعناه الواسع الذي يمثل قطب الحكومة وقطب المعارضة وما زلنا  عند ديمقراطية ناشئة نتلمس الخطوات بحذر ويتجنب بعضنا مقاعد المعارضة بل البعض هذا يتطير من أسم المعارضة لأنها عادة ما تربط في عالمنا العربي بالنفي والقمع وفي أحسن الظروف بالتهميش والانزواء وهذا يمثل خللاً كبيراً في العقلية السياسية العراقية وربما العربية بسبب نظرتها القاصرة للمعارضة في إطار الدستور والشرعية  ، وهذا ما يشكل خللا في البناء الديمقراطي يؤثر بشكل كبير جدا على حقوق الشعب ، ويسعى لـتأسيس نظام سياسي أشبه ما يكون بالشمولية في جوانب عديدة منه بل يتعداه ليشكل دولاً داخل الدولة الواحدة .والذي يمكنه قراءة المشهد السياسي العراقي سيجد بأن الأحزاب والكتل السياسية المهيمنة على البرلمان العراقي تشكل أكثر من 85% منها الحكومة وهذه النسبة قابلة للزيادة فيما لو تم إقرار وتشريع قانون مجلس السياسات وما يمكن أن يضمه من قوى سياسة قد تجد فرصتها في هذا المجلس بعد أن غابت بشكل أو بآخر عن الحكومة ووزاراتها ، وبالتالي فإن هامش المعارضة لا يتعدى نسبة 15% وهذه النسبة لا تمثل ثقلا أو وزنا في معايير الديمقراطية الحقيقية والتي من شأنها أن تصنع معارضة تراقب وتدقق وتناقش وتحقق برنامج حكومة .لهذا وجدنا بأن منظمات المجتمع المدني أخذت تتحرك في الأشهر الأخيرة وكما قلنا استطاعت أن تشكل قوة لا يستهان بها لتحقيق ما تريده بعيدا عما قيل عنها من إنها محاولة لتقليد النموذج التونسي أو المصري ، أو حتى مجرد التظاهر لكي تبرز ذلك وسائل الإعلام ، بل يمكننا القول بأن هذه التظاهرات المنظمة والسلمية تؤكد جملة من الحقائق التي لا يمكن تغافلها وفي مقدمتها إنها انطلقت من واقع صعب يعيشه المجتمع العراقي ليس من خلال نقص الخدمات الضرورية فقط وإنما إن هذا النقص في الخدمات ليس بسبب عدم توفر التخصيصات المناسبة في موازنة الدولة،بل هو بسبب الفساد الإداري الكبير الذي تعاني منه الدولة العراقية وينعكس ذلك على حياة المواطن بشكل سلبي،وهذا الانعكاس يصل حد التلاعب في الأمن الغذائي للمواطن وهو جانب مهم لم ينتبه له أحد من قبل،ناهيك عن الجانب الصحي والتربوي وحتى مستوى الرفاهية الذي يجب أن يتحقق في دولة موازنتها السنوية تقترب إلى حد كبير من 100 مليار دولار إذا ما أردنا أن نحسبها بدقة وفق صادرات النفط وسعر البرميل الخام المتصاعد وما زالت تعاني مشاكل تقليدية كأزمة الكهرباء وتفاقم البطالة عند الخريجين، والفوارق الكبيرة في الرواتب بين المسؤولين وموظفي الدولة ، والتقاطعات الكبيرة بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية خاصة ما يتعلق منها بتنفيذ مشاريع الخدمات .علينا أن نعترف بأن هناك مشاكل كبيرة نعانيها، وربما تصور البعض سواء من المسؤولين أم المثقفين بأن النظم الديمقراطية محصنة من الانتفاضات بحكم مشروعية وجودها المكتسب من صناديق الاقتراع،وقد يكون هذا صحيحا فيما لو تفاعلت هذه الحكومات المنتخبة مع احتياجات شعبها في حدود ما مطلوب منها في كل مرحلة من مراحل بناء الدولة ، خاصة وإننا نحتاج إلى الكثير لكي نصل لدرجة أقرب ما تكون للتكامل في عملية البناء التصاعدي للدولة كانسان ومؤسسات وأنظمة وقوانين .لهذا فإن التظاهرات التي  تنظمها منظمات المجتمع المدني العراقي ليست كما يتصور البعض الغاية منها إسقاط الحكومة بقدر ما هي حاجة فعلية ودور تقوم به هذه المنظمات بعد أن نأت الكتل السياسية والأحزاب بنفسها عن ممارسة دورها كمعارضة في البرلمان شأنها في ذلك شأن باقي برلمانات العالم الذي تأخذ المعارضة فيه مقاعدها وتمارس دورها بشكل يؤمن الحد من الفساد من جهة، ومن جهة ثانية يطالب بحقوق شرائح المجتمع المختلفة،ويؤسس كما أشرنا لبناء ديمقراطي صحيح غير قابل للتشوهات في ما بعد .لذا وجدنا بأن منظمات المجتمع المدني والشخصيات الثقافية والصحافة الحرة أخذت دورها في تنظيم الحياة السياسية في البلد بعيداً عن التخندق مع هذا الطرف أو ذاك ، ولكن إلى متى تظل الديمقراطية في العراق عرجاء؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram