إحسان شمران الياسريليس خافياً أن الدينار العراقي لم يَعُد مجرد وسيلة للتبادل كما كان عليه الحال منذ عام 1991، عندما انخفضت قوته الشرائية بمستويات لم تزد عنها إلا عملات أمريكا اللاتينية حيث تجاوزت مؤشرات التضخم أي مقاييس معروفة.
فالدينار العراقي أصبح اليوم وسيلة للتبادل والادخار والاكتناز والمضاربة، حاله حال كل العملات الأجنبية في العالم. ويوم أعدم نظام صدام نحو (42) تاجراً يوم 1/8/1992 واعتقل أكثر من (550) وصادر السلع من مخازنهم، مُتَهِماً إياهم بالجشع، كان ذلك لأنهم تعاملوا بالدولار في تسعير سلعهم ،إضافة إلى أسباب أخرى لسنا بصددها، كان ذلك لأن الدينار لم تعد له وظيفة إلا المبادلة، بعد أن فقد أية قيمة يمكن أن يُكتنز بسببها.. واستمرت الحال هكذا حتى تم استبدال النقود عام 2004.. أما اليوم، فأنت تستطيع أن تحصل على الدولار أو الليرة التركية في اسطنبول ما دمت تحمل دنانير عراقية، وتحصل على الدينار الأردني أو الدولار في عمان عندما تبادلهما بالدينار العراقي.. وقد تسلّم منّا التجار السعوديون الدينار العراقي في مكة المكرمة والمدينة المنورة.. وكنتُ فخورا جداً وأنا اشتري سلعاً في مكة المكرمة والمدينة المنورة بالدنانير العراقية التي كانت بحوزتي.. ولم تخسر دنانيري من قيمتها إلا القليل في مقابل الريال السعودي.. وكان ذلك بالنسبة لي حدث العمر أن يكون الدينار العراقي مثل الدولار، يستطيع (المشي) في أرض السعودية بعد حرمان طويل.وإذا وقعت عملية استبدال العملة الحالية بعملة (منزوعة) الأصفار، فسيكون الدينار الواحد قريبا من الدولار وأعلى من الريال السعودي والجنيه المصري والليرة اللبنانية والتركية والسورية وبالطبع أعلى من (الينّ) الياباني و(اليوان) الصيني.وبالطبع، ليست أقيام العملات إلى الدولار أو اليورو بمؤشرات على قوة العملة.. فهذهِ حقائق اقتصادية تتعلق بخيار السلطة النقدية في كل بلد. فيوم يكون الدولار الأمريكي مساوياً إلى أكثر من ألف دينار عراقي، فهذا لا يعني إن الدينار العراقي ضعيف، وعندما تكون الليرة التركية أقل من الدينار العراقي فهذا لا يعكس قوتها عليه، بل يتعلق الأمر بمحددات أخرى وخيارات محسوبة.. إلا إن تجديد الدينار العراقي سيبعث الروح بآمال عريضة عن معادلة جديدة إزاء الورقة الخضراء، وإزاء بقية العملات العالمية، بما يرفع المعنويات، ويعزز من الهيبة التي نفخر بها لدينارنا.. ويحتاج المجتمع إلى حملة إعلامية واسعة من إدارة البنك المركزي للتأكيد على مزايا العملة الجديدة ولرفع الشكوك والمخاوف لدى الجمهور من عملية الاستبدال ومُعامِل الاستبدال وتوقيته.
على هامش الصراحة: عن النقود واستبدالها (2)
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 9 أغسطس, 2011: 06:35 م