عالية طالب هل ابتلي العراق بكل أشكال النحس حتى تتآمر الطبيعة عليه ضمن هيكلية كل المتآمرين الذين لا زالوا في اطراد لا نحسد عليه؟ أم أن قدر العراق العيش في ظل حكومات لا همّ لها إلا قصورها المكيفة بعناية عدم قطع الكهرباء، فيما تعيش آسرهم في بحبوحة العز المستدام والذي بسببه قد لا تعرف أن هناك عواصف تضرب وجه العراق دورياً وتحيل نهاره ليلا وضبابه غبارا بعكس كل أنواع الضباب البخاري المعروف عالمياً.
هل يعوزنا علماء بيئة أم يعوزنا خبراء جيولوجيا وعلم طبقات الأرض؟ أم ترانا لم نعد نعرف ما الذي تفعله وزاراتنا المعنية بالأمر ومن ضمنها وزارة الزراعة والصحة والبيئة والصناعة وحتى الإسكان والتعمير.امتلأ العراق غبارا قاتلا، وامتلأت صدور العراقيين موتاً، ومع هذا لم نر وزارة ولا مسؤولا ولا حكومة بدأت بدراسة الحالة وأوجدت أو خططت أو نفذت مبادرة للوقوف بوجه هذه الهجمات الغبارية المتتالية التي قيل أن أمريكا ومعداتها العسكرية هي من حركت الصحراء وأثارت غبارها، وقيل أن عدم رش الأماكن الصحراوية بمثبتات التربة كما كان يعمل سابقا هو السبب، وقيل إن قطع أشجار العراق من قبل دعاة حماية البيئة..... هي الفاعل الرئيس، وقيل أن موت الحزام الأخضر الذي نسينا إن نسقي أشجاره هو السبب، ومعه اتساع ثقب طبقة الأوزون في منطقة القطب الشمالي، وارتفاع درجة حرارة الأرض، كل هذا ما قيل ويقال، ومع هذا بقيت العواصف وبقي العراق مغبرّا وبقيت المسببات دون معالجة و حلول، أما الأحزمة الخضراء التي يعتقد الكل بأنها المنقذ، فلم يتم التفريق بين ما يعمل منها كمصدات رياح وبين التي تعمل كمنتزهات. إذ تتطلب الأولى دراسات حقيقية لنوع وسرعة العواصف ومن ثم تحديد نوع الغطاء النباتي المطلوب، وهو ما لم يحصل فعليا فتناثرت أشجار الكالبتوس فيها والتي لم تصمد بوجه الرياح السريعة والحمولة الثقيلة للأتربة وقلة المياه المستخدمة للري، فانهارت بسهولة. ولم تهتم الجهات المسؤولة بالبحث عن انحسار غابات النخيل في وسط وجنوبي العراق من 48 مليون نخلة في سبعينيات القرن المنصرم لنحو 8 ملايين نخلة حاليا نتيجة احتراقها في الحروب العبثية أو إعدامها لتصبح الرؤية جلية للطائرات الحربية مما أثر سلباً على المناخ المناطقي وأخل بالعناصر الأساسية لاستقرار المناخ منذ آلاف السنيين. وكذلك تجفيف أهوار جنوبي العراق حيث بلغت المسطحات المائية المجففة نحو 9 آلاف كم2 من أصل 10 آلاف كم2 (كان خزينها المائي نحو 12 مليار م3 )، إضافة إلى إزالة غابات القصب والبردي مما أخل بالعناصر المناخية المناطقية وأدى لخلخلة التربة وتصحرها وانحسار المياه عنها. ولا ننسى عدم الاهتمام بالمراعي مقابل تزايد عمليات الرعي الجائر مما أدى لاختلال الأحزمة الخضراء في البادية وبالتالي تخلل الطبقة السطحية للرمال الصحراوية، وكذلك عدم الاهتمام بإنشاء غابات صناعية وما وجد منها تعرض للحرق بسبب الحروب أو التحطيب الجائر. كل هذا جاء متزامنا مع انحسار مياه نهري دجلة والفرات مما أدى لاختلال مناسيب المياه في المجاري والروافد، وتراجع المساحات الزراعية نتيجة العجز المائي على مستوى كامل البلد بفعل الإجراءات الغرائبية للدول المتشاطئة ضد العراق، وبوجود خلل في الإدارة المائية والبيئية.و رغم كل الدعاية الإعلامية التي ترافق التصريحات الحكومية والمسؤولين الذين على كثرتهم لم يفكر أحد منهم بالاهتمام بالإرهاب البيئي الذي بات مضافا إلى همومنا الأمنية والاقتصادية والعمرانية والسياسية والوطنية التي لا ندري إن كانت هذه الأخيرة لها معنى ما لدى اللامتضررين من كل ما عددنا!!
وقفة:غبارنا والصحوة الغائبة
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 9 أغسطس, 2011: 09:54 م