عامر القيسي ربما للمرّة الأولى يجري الحديث علنا عن رؤوس قد تكون متورطة في قضايا فساد مالي وأخطرها حتى الآن صفقة الكهرباء الفاسدة . الاتهامات أصبحت توجه علنا سواء للمسؤولين عن قضية الكهرباء والطاقة في مكتب رئيس الوزراء أو أعضاء في مجلس نوابنا الموقر الذين ساهموا في تمرير الصفقة " بضمير بارد " أو وزراء ووكلاء وزراء ولم يعد الأمر مقتصرا على أحاديث وهمسات الغرف المغلقة ، وقد نشرت معظم الصحف وثائق تحمل تواقيع رؤوس كبيرة
كنا حتى لحظة الفضيحة كريهة الرائحة نعتقد بأنهم خارج الشبهات ! .فضيحة من العيار الثقيل جدا لم تهتز لها شعرة في رؤوس الذين وردت أسماءهم في لائحة الاتهامات بين السياسيين أنفسهم !! بل إنهم والحق يقال يمارسون حياتهم الطبيعية ، سياسيا واجتماعيا ، وكأن لا فضيحة حدثت ولا أموال أهدرت أو كانت في طريقها إلى أن تهدر . لا أحد يعتقد أن يد القانون ستمسه ، حتى أن قرار إقالة وزير الكهرباء ، وهو ليس الوحيد المشمول بقائمة المشتبه بتورطهم في الفضيحة ، وجد من كتلته دعما واضحا وجليا ، استفزازا لكل مشاعر الناس ، وتحولت القضية ، كالعادة الى تصفية حسابات سياسية .ردود فعل السيد المالكي لم تكن بمستوى الفضيحة وحاول بطريقة ، هي الأخرى فضيحة ، تقديم كبش الفداء لإنقاذ الآخرين ، بل انه قال إن الصفقة الفاسدة لم تهدر مالا عاما لأنها موقعة على أساس الدفع بالآجل ، يا للكارثة ، ومن وجهة النظر هذه ينبغي ان نرفع من قانون العقوبات نصوص محاولات السرقة والقتل والشروع بهما مادامت السرقة لم تحصل والقتل لم ينفذ !!أي منطق هذا الذي يقود البلاد في تعامله مع فضيحة من طراز فضيحة الكهرباء ، ولو مرّت هذه الفضيحة كسابقاتها وقيدت ضد مجهول أو حصدت الصغار فإننا نقول بكل ثقة إن الفساد سينتشر وسيفسد حتى المناطق النظيفة في جسد الدولة العراقية على صغر مساحتها وتواضعها أمام الاستشراء الذي لا حدود له للفساد والمفسدين والمتسترين عليهم !!خبرتنا مع طبقتنا السياسية في لفلفة الفضائح بعباءة التوافقات السياسية تؤكد لنا أننا أمام "لفلفة" لفضيحة من أخطر ما شهدناه حتى الآن من قضايا فساد ، بقوتها ووضوحها والرؤوس الكبيرة المتهمة بحياكتها . وان الرؤوس الكبيرة ستنجو كما في كل مرّة وسيطوي هذه الفضيحة النسيان الذي تعودنا عليه ، مع الأسف، بسبب تسارع الأحداث والأزمات وتأثيراتها على تفاصيل حياة الناس اليومية .ورغم ذلك ، نقول إن لدينا ولو " بعض " الأمل في أن تستفيق بعض الضمائر النائمة ، وان تشعر لمرّة واحدة أن ما يحدث في بلادنا من فضائح فساد قد حولتنا الى مسخرة أمام خلق الله ، رغم أننا لا نعرف حقيقة أين مكان هذه الضمائر و لا نعرف شيئا عن قدرتها في ان تنتفض وتقلب الطاولة كاملة على الفساد والمفسدين ولا الزمن الذي تحتاجه لأن تستفيق ، اذا لم تهزها فضيحة الكهرباء . أيها السادة نقولها لكم لن يصدقكم احد بعد الآن ، فقد عرفناكم في الصيف وعرفناكم في الشتاء ، وحفظنا مفردات خطابكم كما أسماءنا وعناويننا واكتوينا بها كما الأزمات المتوالدة التي تعيش في بيوتنا . انتم الآن أمامنا لوحة مكشوفة للفساد التستر عليه ، وهاهي أمامكم فرصة على طبق من ذهب قدمها لكم المفسدون والعابثون بأقدارنا ، لكي تثبتوا أن كلامنا " غلط في غلط " وإننا نتحامل عليكم ونحسد مكانتكم. فرصة لا تعوض لكي تقولوا لنا إن الرؤوس الكبيرة الفاسدة قد حان أوان قطافها وان لكم ضمائر تبكي على هذا الوطن !!
كتابة على الحيطان :هل تتهاوى الرؤوس الكبيرة؟
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 9 أغسطس, 2011: 09:55 م