اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الموجة الرابعة: الإنسان أم التكنولوجيا؟

الموجة الرابعة: الإنسان أم التكنولوجيا؟

نشر في: 10 أغسطس, 2011: 08:18 م

د. مهدي صالح دوّايبعد أن تعايش الإنسان مع نتائج الثورة الصناعية، أطلق العديد من الأدبيات التي تناولت مراحل تطوّره  وفقا" لزوايا النظر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية، في محاولة لمنهجة حياة الإنسان نحو المزيد من التحليل واستخلاص النتائج واستشراف آفاق المستقبل، ولعل اعتماد المفكر (إلفين توفلر) مصطلح الموجات التطوّرية في حياة البشر – ضمن كتابه الموجة الثالثة – توصيفا" مهما " لفهم مكنونات التطوّر الإنساني.
 وبهذا الاتجاه فان اقتباس كلمة (موجة) كان يراد بها الوصول إلى ذروة التطوّر الذي تأتي به التكنولوجيات المبتكرة، وبذلك تحقق الموجة معنى حركياً قادراً على التواصل بما مضى وبما سيكون، أي الإقرار بإرث الماضي وطموحات المستقبل، ويفهم من زمنية تلك الموجات أن العالم يشهد مدّا" متسارعا" في تيارات التطوّر باتجاه سواحل الإنسان المجهولة، فتبقى الاستجابات متفاوتة وفقا" للصخور المتلقية، فمنها من تصمد وأخرى تنغمر والكثير يتهاوى.rnالرحلة الخضراء نحو الإنسان  تبعا" للعالم توفلر، فان عصر الزراعة (الموجة الأولى) قد استمر لما يزيد على (30000) ألف سنة، وبغض النظر عن دقة الرقم، نرى في هذا العصر أن ولوجا" للتاريخ من بوابة خضراء قد حدث، إذ نشطت حضارات السبق الأول في التاريخ، ومعظمها حضارات شرقية، كانت تكنولوجيا الزراعة فيها أول من توغل بعمق في مجاهل الحياة المظلمة – إذا ما استثنينا اكتشاف النار قبل الزراعة – عليه فان إنسانية التكنولوجيا بدت واضحة في التأسيس لحضارات روحية ووجدانية خالدة، وان كانت هنالك بعض النتائج المادية الضرورية. كان الصراع بمستوى الحدث دون تجاوز كبير للحدود، إضافة إلى أن تلك الحضارات أسست لما بعدها، وهذا الأمر أوسم ناسها بالمبتكرين، وعادة مايمثل الابتكار أعلى مراحل الانجاز، مما أبقى لتلك ذكراها، فهي حيّة نابضة إنسانية مادامت الحياة. لقد أوجدت هذه الموجة طمأنينة الراحة لإنسان عاش لفترات بلا هوية، فأصبحت الزراعة هويته الملونة بما تحوي من معاني الالتصاق الفطري بالأرض، والتنعم بهبة الماء بشكل آخر، وصداقات جديدة لحيوانات كانت بالأمس تمثل المجهول والعدو، ولكن مازالت الأرض بكرا"، والخطوات نحو الحضور الفاعل للإنسان متعثرة هنا وهناك، وشراهة الاستكشاف تصطدم، بمحدودية التفكير، ماعدا مراكز التحضّر المبعثرة في أصقاع الأرض. الرحلة الرمادية للإنسانمثّلت الثورة الصناعية قمة الموجة الثانية في مسيرة التطوّر، استمرت وفقا" لتصنيف توفلر (500) عام، كانت ولادة للنور، ولادة لأدخنة رمادية تغزو البيئة النقية لأول مرة، ولادة للأمل في ترويض كل ماهو متمرد، ولادة لخيالات السيطرة والاستحواذ، ولادة لفكر ممنطق لخلاص الإنسان من عوالق وعادات الفطرة السيئة، وغيرها من الولادات التي تحمل في طياتها العديد من التناقضات، التي بدورها أسست للعديد من الأيديولوجيات والتنظيرات المستندة إلى العلم والتجربة وتعميم النتائج. ومرة أخرى تستوعب الأرض نتائج هذه الموجة، ولكن بطبيعة مغايرة عن الموجة السابقة، فللتكنولوجيا هنا نصيب آخر، وبتعقيداتها هذه المرة أصبحت غير مشاعة للجميع، إذ بدأت تتفاوت المراكز الحضرية بمواقعها الإنسانية، فأفلت (بكسر الفاء وفتح اللام) حضارات وسطعت أخرى، فأصبحت الوسائل غايات والغايات وسائل، فكانت موجة يقودها الإنسان وليس بالضرورة أن يكون هدفها الأسمى.الثورة الصناعية بحق كانت أم الثورات، إذ فصلت زمنين (ماقبل الصناعة وما بعدها)، لكن صعوبة فك أسرارها لقرون جعلها عصيّة على الغير، وهذه الخصيصة أسست لقوانين غير عادلة، وصنّفت لعوالم عديدة، وقواسم غير مشتركة عديدة أذهبت بسنن التعايش المبكرة لبني الإنسان، فأهداف عديدة كانت كفيلة بإشعال حروب وأزمات وشعور بالقلق المستديم، فكانت بحق الرحلة الرمادية للإنسان. الرحلة نحو الكوكب العمر الزمني، ربع قرن مضى، الانجاز التقني يتجاوز الاربعمئة سنة مختزلة. الأرض برمتها أصبحت عنكبوتية. إنها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أطلقت العنان للقوى الذهنية بديلا" عن العضلية والآلية، تغيّرت مفاهيم الثروة وراس المال والاستثمار، فمحركات النمو باتت بشرية صرفة، والجغرافية انصهرت افتراضيا"، فتدفقت المعلومات سيولا"، وباتت الرؤية إلى الأشياء بالبصر والبصيرة كلوحات الرسام (دالي)، وزمن الجيل الواحد يضم ثقافات متعددة، فالرحلة كوكبية المجال، انكشفت بموجبها معظم زوايا الأرض المنسية.الكل يستفهم والوقت لايسمح بالإجابة بسبب  ظهور استفهام جديد، التسارع سمة العصر، والروبوتية صفة إنسانية مضافة، العقل البشري يزهو بعيدا " عن النمطية، كل يوم مصطلح وبراءة اختراع تلتهم علومنا، فنغدو لابتداع علوم جديدة، وبالمقابل تتحدانا أزمات من نوع مغاير، المناخ، التلوث، الأمية المعرفية، أزمات مالية، .... تتطلب جميعها" حلولا" كوكبية.لقد بات الضغط على الأزرار لايغادر الأنامل للتواصل والطباعة وقطع تذاكر الطعام والملبس والمسكن والسفر، ورؤية ما نهوى، ومحاربة من نعادي بلا فروسية المواجهة المباشرة، والتجول مرئيا" في بقاع الأرض، وملايين المعاملات والصناعات المؤتمتة، إنها تكنولوجيا ملازمة للحركة والسكون، ملازمة للإنسان كظله تأخذ بخياله إلى الواقع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram