TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > القرار الاقتصادي: الاستقلالية المنشودة

القرار الاقتصادي: الاستقلالية المنشودة

نشر في: 13 أغسطس, 2011: 06:02 م

مهدي صالح دوّاي يتأثر النشاط الاقتصادي بمجموعة واسعة من المتغيرات المادية وغير المادية ، والتي بدورها تحدد مسارات اتجاهاته النظرية والتطبيقية ، وبدخول العالم عمق الثورة الرقمية ، بات لتلك المتغيرات ابلغ الأثر في تحفيز أو عرقلة النشاط الاقتصادي داخل كل بلد ، فنسمع ونرى ونستنتج يوميا ماتؤثره فينا أحداث ( لا ناقة لنا فيها ولا جمل) سوى التداخل المباشر وغير المباشر بين اقتصادات العالم كافة  .  
ويتعرض الاقتصاد العراقي منذ العام 2003 لتجاذبات عديدة وفقا"  للعديد من وجهات النظر والتصريحات المتضاربة والمتسرعة من مصادر داخلية وخارجية حول آليات عمله  وسبل النهوض به ، إذ تمارس تلك الأصوات آثارا" مقصودة وغير مقصودة في رسم صورة زئبقية ( غير واضحة المعالم ) لهذا الاقتصاد  .وحقيقة  الأمر أن تلك التجاذبات تمثل حالة واقعية لمدى تأثر الاقتصاد بالسياسة ، إذ تكمن هنا أحد أهم إشكاليات الاقتصاد العراقي في مرحلته الانتقالية الراهنة ، لاسيما وانه يعتمد  بمدخولاته على مادة ريعية ( النفط ) ، هي الأخرى شديدة الحساسية تجاه متغيرات دولية معروفة ، مما يضاعف على الإدارتين السياسية والاقتصادية في العراق مهام التعاطي المدروس مع تلك المتغيرات ، فملمح استقلالية القرار الاقتصادي يتعلق بكيفيات تخليصه من التداخلات والتدخلات غير المبررة فيه ، أما ملمح استقلال الاقتصاد فيتعلق بتخليصه من التدخلات الخارجية  المباشرة وغير المباشرة ، والتي تهدف إلى تعطيل أدواره الوطنية والإقليمية والدولية  . وهذه الحقائق لاتعد إنكارا" لأدبية ( الاقتصاد السياسي ) المتعارف عليها دوليا" ، وإنما الحديث يتعلق بأهمية منح الاقتصاد والاقتصاديين فرصا" حقيقية في التنظير والتطبيق ، وبالنتيجة تحقيق جملة الأهداف السياسية والاجتماعية والتنموية للبلد ، وهذا الأمر يتناغم مع فكرة التخصص  المفضية إلى الإبداع في المجالات كافة ، وبالتالي سوف يمارس التطوّر الاقتصادي فلسفة ( السبب والنتيجة ) داخل الاقتصاد ، فهو( سبب") لإغناء التجربة السياسية القائمة على قاعدة اقتصادية متطّورة ، و( نتيجة) لأداء سياسي واع لأهمية استقلال القرار الاقتصادي في رسم معالم  التجربة الاقتصادية المتميزة .إن تبريرات هذا الطرح تتأتى من خصوصية النشاط الاقتصادي القائمة على عاملي التشاؤم والتفاؤل في مردودات ذلك النشاط ، وهي حجج تستند إلى عوامل (ذاتية  - نفسية وموضوعية ) بنيت عليها سابقا" نظريات وتحليلات علمية مجربة ، تفيد  بان النشاط الاقتصادي لابد من أن يعمل في بيئات آمنة ومستقرة ، وهذا مانبحث عنه ونجعله مطلبا" لانطلاقه واعدة للاقتصاد العراقي ، وجزء من تلك البيئات الآمنة هو سلامة وعلميّة القرار الاقتصادي، والذي اسماه بعضهم ( بالرشد أو العقلانية الاقتصادية ) ، في إشارة إلى حسن التدبير والإدارة للعملية الاقتصادية برمتها . لذا فان تأمين قدر مقنع من تلك الاستقلالية يتطلب المرور على القضايا الآتية :- صناعة القرار الاقتصادي.يشترط هذا التوصيف أن تكون للقرارات الاقتصادية صناعة احترافية لها ناسها وأدواتها وتجاربها وسوقها ومستقبلها ، فالقرارات تلك لابد لها من مدخلات قادرة على إدارة الاقتصاد الوطني وتأمين مخرجات قادرة على التعاطي الايجابي مع كافة متغيراته وليس العكس ، والتاريخ الاقتصادي بنظمه المتعددة ، قد حفل بالعديد من تلك القرارات التي أسعفت الأزمات بحلول تاريخية أدامت دولها بمقومات القوة والتقدم ، على عكس تجارب أخرى نالها التخبط فانقادت نحو مؤخرة ركب التقدم .وعراق اليوم بأمس الحاجة إلى قرارات اقتصادية واعية لأهمية الاقتصاد في قيادة قاطرة النمو الشامل ، كما  ينبغي أن يمارس القرار الاقتصادي مهام" وطنية وإقليمية ودولية ، وان يستشرف المستقبل بمضامينه الاقتصادية ، وان يمهد لمرحلة جديدة من التطوّر تستدعي قرارات مكملة لا ناسخة ، وجميع هذه السمات تستدعي  من السلطتين التشريعية والتنفيذية الركون لمن هم أكثر تخصصا" في صياغة تلك القرارات وترجمتها إلى واقع ملموس وهنا  تحديدا" تكمن نجاحات القرار السياسي في استثمار الاقتصاد الوطني .الترويج للقرار الاقتصادي .إن اعتماد النشاط الاقتصادي على عدة فعاليات ، قد جعل من القرار الاقتصادي أكثر تعقيدا" من القرارات الأخرى لمنظومات غير اقتصادية ، فهنالك ؛ إنتاج وتبادل وتوزيع واستهلاك وتجارة خارجية ونمو اقتصادي وتنمية اقتصادية ، تتطلب جميعها  جاهزية عالية للقرار الاقتصادي في تأمين متطلبات تلك الفعاليات ، والاقتصاد العراقي المعاصر بحاجة ماسة للنهوض بجميعها في آن  واحد ، مما يستلزم تعاطيا" فكريا" مع هذه المسالة ، بواسطة مايعرف بالإعلام الاقتصادي الواعي لمواكبة القرار الاقتصادي ، وتأمين ثقافة اقتصادية شعبية قادرة على استيعاب نتائج تلك القرارات وآثارها .  إذ سيوفر الإدراك المجتمعي لطبيعة وأهداف التحولات الاقتصادية أنواعا" من الرقابة الايجابية المقوّمة للأداء الاقتصادي ،مما سيحفز من ادوار السلطات التشريعية والإجرائية في التعاطي السليم  والمتجدد مع كل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram