إحسان شمران الياسريكلما حاولنا نسيان العار الذي ألحقته بالمجتمع عمليات التطاول على المال العام والأملاك العامة، والتي رافق بعضها الأيام الأولى لسقوط النظام السياسي عام 2003، أو تلك التي استمرت بعده تحت مسميات وألوان مختلفة، تنهض الأخبار المريرة والمخزية عن محاولات (شرعنة) تلك الجرائم الأخلاقية والجنائية من قبل جهات رفيعة في الدولة.. ولسوف يكتب التاريخ بالأحرف السود أسماء السياسيين والأحزاب والجهات الدينية التي أجازت لنفسها التفكير بإعطاء الشرعية لتلك الجرائم، مثلما تحاول اليوم إعطاء شرعية لجرائم تزوير الوثائق والمحررات.
الأخبار الجديدة، وبعضها ليس جديداً بالواقع، تقول بان الدولة شكلت لجاناً للتعامل مع المتجاوزين على أملاكها بهدف (تمليكهم) هذه الأملاك. انتهت القصة، فالدولة تريد تمليك المتجاوزين للأموال التي وضعوا أيديهم عليها غصباً، أما بقية التفاصيل فلا قيمة لها، كأن تقوم اللجان بتقدير قيمة هذه الأملاك وكيفية سدادها وعدد سنوات تقسيط تلك الأقيام، وإمكانية بيع وشراء تلك الأملاك خلال فترة الحجز. والدولة إذ تمنح الشرعية لفعل خاطئ، ولجريمة مؤكدة تقدم وعوداً مؤكدة، وليست ضمنية،على أنها ستجيز أي فعل بالاستيلاء على المال العام عند حلول أية فرصة للـ (فرهود).. بل إنها تعطي إشارة قوية للغاية بان الذين (تقاعسوا) عن الفرهود في موسمه (الحلال) قد خسروا فرصة هي ليست مسؤولة عن خسارتهم.. وكأنها تقول لهم (ياعمي انه ما منعتكم!).. وبالموروث العراقي في التهكم، يصبح من امتنع عن نهب المال العام وأملاك الدولة مجرد (غشيم) في مهرجانات النهب المستمر منذ 2003، ناهيك عمن ساهم في حماية تلك الأملاك، وربما ذاد بحياته دفاعاً عنها.. ماذا سنطلق على ورثتهِ.. أولاد الغشيم مثلاً؟؟. إن محاولة التخلص من الأحمال السياسية للناخبين باقتراح تشريعات غريبة سوف يدمر المؤسسة الحكومية وهيبة الدولة.. فليس صحيحاً أن يستحوذ العراقي على (حصته من النفط) بالقوة! فيما لا يتجرأ آخر على ذلك لدوافع أخلاقية عديدة، ثم ينتهي المطاف إلى توزيع الثروة النفطية بتلك الشاكلة. إن اختيار الاستحواذ على الحصة من النفط بالطريقة التي ألفناها بعد عام 2003 يؤسس لجرائم أخرى قد نمشي إليها جميعاً عندما تحمي الدولة السارقين في وضح النهار، وتسجل السرقات بأسمائهم في دوائر التسجيل العقاري!! لا أدري متى يقود عدد من البرلمانيين النجباء حملة وطنية كبرى لصيانة حرمة المال العام.. وتحريم إصدار القوانين التي تعطل القيم الاجتماعية السليمة.
على هامش الصراحة: بيع أملاك الدولة!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 14 أغسطس, 2011: 05:18 م