اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن :رسالة إلى نائب

العمود الثـامـن :رسالة إلى نائب

نشر في: 14 أغسطس, 2011: 10:07 م

علــــي حســين للسيد النائب ( ......)  حبٌ وتقديرٌ كبيران في قلبي، كيف لا أحبه ولا أقدره، وهو دائم السؤال عنا، يتقصى أخبارنا، يتابع معاناة الناس في مدنهم وقراهم وأحيائهم الفقيرة، لم يتوقف سؤاله عن أحوال ساكني بيوت الصفيح الذين يعيشون ظروفاً سيئة في أحياء تفتقد ابسط الخدمات، كيف لا أحبه وقد شمر عن ساعديه لإقرار قانون العفو عن المزورين، كيف لا أحبه وهو الذي قاتل قتالا مستميتا من اجل إقرار قانون تقاعد خاص به وبزملائه ،
فيما لا يزال يماطل في إقرار قوانين تساهم في رفع مستوى معيشة الناس، كيف لا أحبه وأنا اشعر بصدق كلامه ، وهو  يدافع عن الفساد والمفسدين، كيف لا أحبه وهم يعرض خدماتهم إلى دول الجوار، فمرة يصمت  على القصف الإيراني الذي طال قرى أهالينا في إقليم كردستان ومرة نجده منهمكا بتلفيق الحجج والأعذار والمبررات للأشقاء في الكويت كي يستمروا ببناء ميناء مبارك، كيف لا أحبه وهو مشغول بمتابعة وفبركة تمثيلية استجواب عدد من الوزراء الذين سيخرجون من قاعة البرلمان منتصرين مزهوين بأكاليل المديح التي ستتوج هاماتهم،  كيف لا أحبه وهو يعمل جاهدا لإفساد المنظومة الاجتماعية والإنسانية التي قام عليها المجتمع العراقي وشيدها عبر سنوات طويلة من خلال منظومة ثقافية وتربوية وتعليمية استغرقت عشرات السنين، لقد فسدت منظومة الحرام والحلال والحقوق والواجبات والمال العام والخاص وحق الإنسان وحقوق المواطن.. لقد اختلت كل هذه المعايير فأصبح الحرام حلالا.. وأصبح النهب شعارا يرفعه المسؤولون. لماذا لا أحبه وقد أسس لنا طبقة جديدة من الانتهازيين والمزورين وسارقي المال العام، هذه الطبقة التي تصاب بحالة فزع وهلع وخوف كلما خرج عدد من الشباب للتظاهر من اجل الإصلاح.  كيف لا أحبه وقد استطاع وبفترة قياسية، خلق طبقة جديدة من الانتهازيين سيطرت على موارد الدولة ومدت يدها في كل مكان.. طبقة في يدها اليوم كل مشروعات الدولة التي تحقق عوائد سريعة، طبقة سيطرت على كل الموارد فيما ملايين العراقيين يعانون كل ألوان الفقر والجهل والمرض.. ومن خلال هذه الطبقة تم تغيير ثوابت كثيرة في المجتمع سلوكاً وأخلاقاً.. طبقة اوجدت ثقافة ضحلة وفسادا في التعليم والصحة .كيف لا أحبه وقد سرق من الناس فرحة الخلاص من صدام ودكتاتوريته فلم تكتمل فرحتهم بالتغيير، حيث أطل شبح غامض بدأ يتسرب في كواليس السياسة العراقية لينتهي بالصفقات الطائفية، كان من الممكن أن يكون سقوط صنم صدام بداية صفحة جديدة لوطن جديد، وشعب جديد. مرحلة جديدة نعيد فيها بناء الوطن واستعادة قدراته.. ولكن، كما سقط حلم الديمقراطية، تلاشت امال الناس ، كان من الممكن أن يكون التغيير عصر رخاء وازدهار، وأن يفتح أبواب الاستقرار والبناء والتقدم، ولكن ثمار التغيير تسللت إلى عدد من الأشخاص من الأقرباء والأحباء وأصحاب الحظوة، وزادت نسبة الفقراء فقرا.وفى ظل سياسات فاشلة فسدت منظومة التعليم والصحة والثقافة، وجلست على أنفاس الشعب مجموعة من الجهلاء والأفاقين الذين تحول العراق بين أيديهم إلى إقطاعية خاصة يديرونها لحسابهم الخاص. السيد النائب ( ......) من واجبي أن أصارحك بأنك نجحت وبامتياز في تدمير الحياة السياسية وفى إفسادها وتسميمها.. حتى مئة سنة مقبلة، لست وحدك بالطبع، فهناك آخرون إلى جانبك ساهموا في إفسادها، لكنك تقوم بالدور الأكبر، إن الفرق بينك وبين أي مسؤول آخر ساهم في تسميم الحياة السياسية هو أنك تبدو مقتنعا بما تفعله، وترى  فيه خدمة للوطن وصلاحاً للأمة ويعمل على تقدم البلاد، بينما الناس ترى فية فسادا وانتهازية ولصوصية. السيد النائب (..........) ، لو أن هناك قانوناً يعاقب على عملية الفساد السياسي، لكنت أول المسجلين في القائمة، وكنت أول من يطبق عليه هذا القانون.إنني أدعوك إلى مراجعة النفس، وان تقف أمام ضميرك  وقفة حق، وأن تتخذ قراراً شجاعا، ليس بالاعتراف بدورك في تسميم الحياة السياسية، فهذا كثير ولا تقدر عليه، ولا أطالبك بدفع ثمنه،، لكنني أدعوك إلى التوقف عن هذا المسلسل الطويل من الفرص الضائعة التي يعيش فيها العراقيين  منذ ثمان سنوات، وكانت فرصة واحدة منها كافية لصياغة وطن ومجتمع جديد، الناس ملت الفقر والذل والفراغ وطغيان التخلّف السائد مثل الرمال.. السيد النائب ( .... )  الناس تريد ساسة ومسؤولين يتسارعون معهم نحو الديمقراطية والحرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. الناس تريد برلماناً يفهمهم ويستوعبهم ويتفاعل معهم، برلماناً يعيش أوجاعهم وآمالهم وأحلامهم، برلمان لا يتستر على فاسد ولا يحمي خارجاً على القانون.. العراقيون يحتاجون إلى نواب يرون ويسمعون ويقرأون الأحداث جيدا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram