TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث :مـحـاكــمـــة مبــارك المشهد الثاني

في الحدث :مـحـاكــمـــة مبــارك المشهد الثاني

نشر في: 15 أغسطس, 2011: 06:28 م

 حازم مبيضين الاثنين كنت أتشارك مع الزعماء والملوك والأمراء العرب ومعنا رهط من المسؤولين الأمنيين من كل جنس ولون " ربنا لا تجمعنا معهم يوم القيامة "  نتابع معاً الجلسة الثانية من محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وولديه جمال وعلاء برفقة عدد من مسؤولي نظامه الأمنيين، لكن مشاعرنا كانت متباينة فأنا مثل كل المواطنين العرب لم أشعر بأي تعاطف مع الرجل الذي دخل القفص على سرير ،مدعياً عدم قدرته
 على الجلوس على كرسي متحرك، عكس القادة والزعماء الذين تعاطفوا معه من كل قلوبهم وبكل مشاعرهم، ولعل البعض منهم فكر للحظات في مصيره شخصياً ،داعياً الله أن لا يواجه مصير الرجل الذي حكم مصر لأكثر من ثلاثة عقود.موجود .. بهذه الكلمة المقتضبة رد مبارك على القاضي حين نادى أسمه، وكذلك فعل ولداه، ولعله كان يتذكر حين أغمض عينيه متظاهراً بالنوم بدايات حكمه حين كان نظيفاً وعادلاً وكان يعمل من أجل مصر، ويستذكر كيف جرته بطانة السوء التي ألهته، وأشعرته أن مصر لا تسوى بدونه شيئاً، لتتمكن من حصد امتيازات لا تستحقها، وكيف ضعف أمام إغراء التمجيد والتزلف والنفاق، فانساق خلفهم ليتحول إلى دكتاتور طاغية، يؤمن بأنه وحده من يملك الحقيقة، وأن على شعبه أن يرضى بالفتات، شاكراً ربه أن منحه هذا الزعيم الملهم، ويستذكر كيف صدق أنه كان واحداً من الطيارين الشجعان، الذين شنوا أول غاراتهم في حرب أكتوبر، فانساق وراء الكذبة التي تضخمت حتى بدت وكأنها حقيقة لا تقبل الجدل.لعل مبارك وهو يغمض عينيه، كان يصغي السمع لصراخ بعض أنصاره الذين تجمعوا خارج قاعة المحكمة، ليهاجموا  بالحجارة الأطقم الإعلامية العالمية والمحلية ورجال الأمن، في حين تصدى لهم الثوار الشبان الذين أطاحوه، بعد أن قدموا كل التضحيات الممكنة، وليس بعيداً أنه كان يفكر بمساعديه الذين لم يتم القبض عليهم بعد، ويشكر لهم صنيعهم بتحريك هذه المجموعة من البلطجية، وهي ربما من فلول موقعة الجمل الشهيرة والتي دخلت التاريخ من أوسع الأبواب، التي هاجم فيها مناصروه الثوار المعتصمين في ميدان التحرير بالسيوف والبلطات والحجارة، لكنه يستشعر اليوم اطمئناناً، بأنه لن يكون مسؤولاً عما يجري بجوار المحكمة، كمسؤوليته المباشرة ومعه وزير داخليته عما جرى في ميدان التحرير.أظنها لن تكون مفيدةً محاولة جمال وعلاء الوقوف بوجه الكاميرا لمنع تصوير الوالد، كما لن يفيدهما حملهما المصاحف في محاولة لإظهار إيمان، نعرف أنه مفقود مع كل الفساد الذي مارساه وتسترا عليه، فليس مهماً أن نتمتع برؤية مبارك داخل القفص، بقدر ما نتمتع ونحن نعرف أنه هناك، يواجه مصيره الأسود الذي صنعه بنفسه، كما نثق أن عدالة المحكمة ستحبط كل مناورات محامي مبارك، لإطالة أمد محاكمته على أمل أن يقضي أجله، قبل سماع الحكم على ما اقترفته يداه بحق شعبه وأمته من جرائم، تجب أي عمل صالح قد يكون قام به في حياته، كما لن تكون مفيدة تظاهرات بلطجيته في الساحات المجاورة، لثقتنا بأن صوت العدالة في مصر اليوم هو أعلى الأصوات وأقواها.نحن كمواطنين عرب نعيش " مذلين مهانين " تعلمنا الكثير من درس مصر ومبارك، ولكن هل تعلم زعماؤنا وقادتنا التاريخيون الملهمون شيئاً من ذلك الذي نراه بليغاً ولا نعرف كيف يروه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram