وديع غزوان انطلاقاً من التصريحات النارية التي يتحفنا بها البعض من أعضاء مجلس النواب والمسؤولين، بشكل يكاد يكون يومياً، فان العراق يستحق ان يحتل بجدارة المرتبة الأولى في عددها وغرابتها ومناقضتها منطق الأشياء.. آخر هذه التصريحات جاءت على لسان النائبة عالية نصيف في برنامج رمضاني بثته إحدى الفضائيات أشارت فيه بمنتهى الصراحة الى كثير من القضايا الحساسة بشأن امتيازات أعضاء المجلس ومنها منح بعضهم قطع أراض وغيرها.
ولأن الحديث عن مثل هكذا أمور تزكم في تفاصيلها الأنوف، صار اعتيادياً في ظل فضائح الفساد الكبيرة وعمليات تسويف نتائج التحقيق حولها، لذا لم يعد احد يتوقع محاسبة مفسد في ظل هكذا أوضاع تنظر فيها الكتل لمواقعها في مجلسي النواب او الحكومة كإقطاعيات، بعيداً عن الصالح العام كما يقتضيه الحال، وكما يجري في كل دول العالم المتقدم او المتأخر او قليل النمو.. حديث النائبة نصيف تشعب الى جوانب كثيرة أجابت عليها بصراحة تشكر عليها، غير ان أكثر ما يستوقف المرء إعلانها بان قرارات مجلس النواب تتسم بالآنية وتكون ناتجة. إما عن ردود أفعال لحالة او طلب كتلة بعيداً عن خطط او برامج عمل محددة، ما جعل مقدم البرنامج يتابع الموضوع مستغرباً عمل سلطة تشريعية مسؤولة مع غيرها من السلطات عن مستقبل ملايين العراقيين بمثل هذه الطريقة.. هناك نواب مثل النائبة نصيف ينتقدون طبيعة عمل المجلس وطريقة اتخاذ القرار فيه المبنية على تراضي رؤساء الكتل وتوافقاتهم هم، بمعزل عن آراء أعضاء الكتل المهمشين برضاهم، حيث لا يعد واجبهم رفع اليد او الاعتراض بحسب ما يملى عليه، لأسباب لا مجال لذكرها هنا، غير انها الأخرى معروفة وأبرزها إفرازات المحاصصة.ما سمعناه من النائبة وزملائها يثير أكثر من تساؤل ربما من أبرزها هو إذا كان هذا هو حال مجلس النواب وأعضائه المتباكين على الشعب والعاجزين عن إحداث أي تغيير او إصلاح، فكيف يمكن إصلاح مؤسسات الدولة الأخرى، بل كيف يمكن إصلاح وضع مجلس النواب ليكون قادراً على أداء مهامه؟ وأين يكمن الخلل؟ وهل من أمل في معالجة وضع مترد بهذا الشكل؟لا يحتاج الإجابة على هذه الأسئلة كثير عناء فأغلب الحلول والمعالجات معروفة وأدرجت في برامج الكتل إبان الحملات الانتخابية، حيث اقسم السياسيون على أن من أولى مهامهم ستكون الارتقاء بالأداء البرلماني وانتشاله من حالة السبات التي عاشها في دورته السابقة، لكن وبدون إثارة ضغينة احد، فإن أس المشاكل كامن في ممارسات وسلوكيات النخب السياسية، وهم معدودون ، حيث هم وحدهم من يمتلك حق إصدار القرارات ، ومثل هكذا نهج يشجع على الولاء للشخص على حساب الوطن والانتهازية والنفعية ما يسمح دخول طارئين على العملية السياسية ويبعد المخلصين لأنهم لم يتعلموا ويانفوا من لعبة (مسح الأكتاف).مرة أخرى شكراً للنائبة عالية نصيف على صراحتها ولكن الأهم من كل ذلك لو نعرف ماذا فعلتم يا نواب؟!
كردستانيات :ماذا فعلتم؟
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 15 أغسطس, 2011: 06:48 م