TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > قناة التنـوير

قناة التنـوير

نشر في: 16 أغسطس, 2011: 05:27 م

فريدة النقاشيحتدم الصراع بعد الثورة بين قوى التنوير والعقلانية والروح النقدية من جهة، وقوى الإسلام السياسي المعادية لكل هذه القيم التنويرية من جهة أخرى ،وتحاول الأخيرة الاستيلاء على ثورة 25 يناير وتحويلها إلى ما تدعي أنه ثورة إسلامية رغم أنها لم تلتحق بأعمال الثورة إلا في مرحلة تالية، وأيضا رغم الطابع الهجومي على القوى الديمقراطية الذي طبع أداءها.
والحاجة إلى الدفع بقيم التنوير والنقد وسلطان العقل إلى الأمام ليست مجرد حاجة ثقافة تهتم بها النخبة المثقفة، ولكنها حاجة اجتماعية وطنية تخص تقدم المجتمع كله ومستقبل ومصير الوطن وأهداف الثورة، ذلك أن مصر الحديثة الديمقراطية المتقدمة التي بدأت هذا المسار الجديد منذ قرنين كاملين من الزمان أصبحت عرضة لتحولات عاصفة في اتجاه ما تسميه بعض قوى الإسلام السياسي العودة إلى عصر السلف الصالح بهدف فرض قيمها واتجاهاتها الشكلية على المجتمع كله رافضة مبدأ المواطنة من الأساس، فالمواطنون ليسوا إلا رعايا تخضع مصائرهم لرجال الدين أو الخليفة باعتبار هؤلاء جميعا مفوضين من الله سبحانه وتعالى للهيمنة علي البشر ومحاسبتهم وتوجيههم.وتستخف هذه القوى المحافظة التي ترتبط ارتباطا وثيقا بدول الخليج النفطية خاصة المملكة العربية السعودية التي رفع بعضهم أعلامها في ميدان التحرير - تستخف بالتراث المتراكم لقرني الحداثة والديمقراطية في مصر وكأنه لم يكن، ويخيل إليها أن القضاء عليه والبدء في صياغة تاريخ جديد للبلاد هي مهمة يمكن إنجازها بأموال الخليج وبالأفكار والقيم المعادية للديمقراطية والحداثة وحرية الاعتقاد والضمير مستغلة تشرذم القوى الديمقراطية وصراعاتها.وقصة تواطؤ حكم الاستبداد والفساد مع هذه القوى منذ بدأ الرئيس الأسبق «أنور السادات» مشروعة الذي سماه بناء دولة العلم والإيمان أشهر من أن نحكيها مجدداً، فقد كان المشروع يبتغي «أسلمة» كل مظاهر الحياة في البلاد بينما تجري علي قدم وساق عملية إلحاق مصر اقتصاديا وسياسيا بالولايات المتحدة الأمريكية التي قال عنها السادات إنها تملك وحدها 99% من أوراق اللعب وأوراق حل القضية الوطنية وإنهاء احتلال الأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية، وهكذا تفككت تحت وطأة حكم «السادات» منظومة التحرر الوطني، وواصل «حسني مبارك» نفس الطريق سواء خارجيا أو داخليا.وعلى العكس مما كان ظاهرا أن نظام الحكم الذي تزاوجت فيه الثروة مع السلطة والفساد مع الاستبداد حين وقع الصدام مع قوى الإسلام السياسي باختلاف منابعها وتوجهاتها، فلم يكن هذا صراع أضداد وإنما صراع قوتين من منبع واحد وباختلاف الدرجة على المصالح دون أن تكون هناك رؤى متناقضة لمستقبل الوطن.فقد استخدم نظام «مبارك» الدين على نطاق واسع كما سبق لسلفه «السادات» أن فعل، ورغم طول مدة حكمه لم يطرح أبدا مشروعا جديدا سواء في التعليم أو الإعلام لإضاءة الجانبين العقلاني والتنويري في الثقافة العربية الإسلامية وإشاعته في المجتمع كما في المؤسسات التربوية، وانفتح الباب أمام ثقافة النفط والبترودولار وأفكار الوهابية المغلقة والقديمة لتجتاح البلاد وتستنزف قوى الديمقراطية في فضحها وتحليل أسسها في ظل القيود على الحريات العامة.وفي هذا السياق جرى الانقضاض على قناة التنوير التي كانت في ظل قيادة الشاعر «ماجد يوسف» قد فتحت بابا للحوار العقلاني الديمقراطي بين كل القوى ولم تستثن أحدا، وكان شعارها غير المعلن لندع مئة زهرة تتفتح، ومن ضمن أهدافها إضاءة التراث العقلاني الغني في الثقافة العربية الإسلامية الذي قامت القوى المحافظة والرجعية بتهميشه حين اختارت من التراث ما يخدم مصالحها وأفكارها المعادية للحرية والديمقراطية وللنساء على نحو خاص.فهل يبادر الزميل «أسامة هيكل» وزير الإعلام الجديد بإعادة فتح قناة التنوير وتشغيل المعدين والفنيين والمذيعين الذين سبق أن حملوها على أكتافهم بجدية شديدة رغم قسوة الظروف وشح الموارد، إن إجابة «أسامة هيكل» على هذا السؤال سوف تكون دليلا لا تخطئه العين على حقيقة توجهاته في ما يخص تطوير منظومة إعلام الدولة خاصة أن حديثا يجري تداوله عن فتح قنوات جديدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram