عامر القيسي من يتحمل مسؤولية الدم العراقي الذي أريق يوم الاثنين بغزارة كما لو انه بلا ثمن؟ الجواب معلّب وجاهز، "تنظيم القاعدة والعصابات المجرمة والمعادين للعملية السياسية"، وهذا كلام صحيح ولا اعتراض عليه. الاعتراض هنا، على قدرة هذه التنظيمات على الضرب بشدّة تحت الحزام وقت ما تشاء وأين ما تشاء وبالتوقيت الذي تراه مناسبا لتحقيق أهدافها.
وإذا كان الاعتراض صحيحا فان هذه الجهات هي التي تحكم البلاد بشكل أو بآخر، وهذا الاستنتاج لم يأت من فراغ لأن عدد السيارات والمفخخين والأهداف التي استهدفتها هي نتاج وجود حقيقي على الأرض وبين الأجهزة الأمنية. وهذا كلام لا تجني فيه على أحد، فقبل عمليات الاثنين الإجرامية كان هناك هروب لقيادات في القاعدة من سجن الحلة، وقبله من سجن البصرة، والأقدم من سجن نينوى وما بينهما محاولات الهروب من سجن الرصافة، وفوق هذه الوقائع تهريب نواب مطلوبين للعدالة من مطار بغداد وتهريب وزراء على ذمة فساد مالي لا أحد يعرف ما هو مصيره مع لجنته التحقيقية!! كل ذلك والسيد المالكي يقول إن الوزارات الأمنية وأجهزتها تعمل بصورة صحيحة ومهنية وان لا حاجة إلى الوزراء، لو استمر الخلاف، حتى نهاية ولايته الميمونة!! وبعد هذا التصريح بيوم أو أكثر قال مسؤول أمني كبير "القاعدة تحتضر"!الكلام الصحيح والمنطقي والشجاع والذي ينبغي أن يقال الآن هو إن الكتل السياسية مجتمعة وأفرادا تتحمل المسؤولية كاملة عن الخراب الذي يحل بالوطن. فمنذ أن تعرفنا عليها "الكتل السياسية"، قراءة وكتابة، وهي في خلاف دائم على الكبيرة والصغيرة مثل أطفال المحلة. كل شيء في نظر الآخر غير صحيح، ليقول لنا السادة في الكتل السياسية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة الحجم قيادات وقاعدة، ما هي القضية التي لم يختلفوا عليها؟ الكراسي والمناصب والامتيازات وتقاسم السلطة والمشاركة او التشارك ولعبة المحيبس، كل شيء قابل للاختلاف والتفجير. تسعة أشهر لتشكيل الحكومة وثلاثة أشهر لإعداد الخطط وسنوات من اجل مجلس السياسات ومثلها من اجل الوزارات الأمنية، والبلاد غارقة في دوامة العنف والتصفيات السياسية بالكواتم والفساد والتجاوز على سيادته. أليس هذا هو الجو المثالي لعمل القاعدة وأعداء العملية السياسية، إن كان لدينا ما يسمى بالعملية السياسية التي مزقتها الصراعات؟أليست هذه هي البيئة الملائمة لنمو كل أشكال الخراب للبلاد والعباد معا؟أليس من حقنا الآن أن نحمل الكتل السياسية مسؤولية ما يجري. مسؤولية الدم العراقي الذي يراق يوميا بكل أنواع أدوات القتل الوحشية وأكثرها إيغالا بالإيذاء.. مسؤولية النهب واللصوصية العلنية والتغطيات السياسية التي فقدت أخلاقيتها.. مسؤولية الوقت المهدور والجهد المبدد.. مسؤولية عدم احترام الوجود العراقي الرسمي والشعبي من قبل الجيران قبل غيرهم؟؟على الطبقة الحاكمة أن تعترف بشجاعة، وهي جميع الكتل، أنها فشلت فشلا ذريعا في قيادة البلاد إلى بر الأمان، وإنها مسؤول مباشر عن كل قطرة دم عراقية أريقت وستراق، مادام الوضع على ما هو عليه، بوجود الخلافات وعمقها وافتعالها في اغلب الأحيان. على طبقتنا السياسية أن تعترف بكل رجولة أنها ليست أهلا للتصدي لتحديات الحاضر العراقي ومستقبله. وان تفسح المجال لمن يمتلكون الإمكانية والقدرة على فعل ذلك.ولكن من يفعلها.. لا أحد بطبيعة الحال.يكفي أن نقول لهم لو إن الذي حدث يوم الاثنين قد حدث في ظل أية حكومة تحترم نفسها، لقرأنا الاستقالات الجماعية في اليوم الثاني في صفحات الجرائد. ولكن من يفعلها.. لا أحد بطبيعة الحال.. لأن ثمن الكراسي أغلى بكثير من دماء الاثنين!!
كتابة على الحيطان :دماء الاثنين..!!
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 16 أغسطس, 2011: 08:41 م