حازم مبيضينمثير للسخرية والاستهجان, توجه العقيد اليمني علي عبد الله صالح بكلمة عبر التلفزيون إلى مؤتمر القبائل اليمنية المنعقد في صنعاء, يحذر فيها من سرقة الثورة في البلاد ويدعو للحوار وانتخابات مبكرة للخروج من الأزمة السياسية التي تعرفها البلاد, لكنه يبدو منطقياً أن يشن هجوما لاذعا على من سماهم العناصر الانتهازية من مخلفات الإمامة والحوثيين وأحزاب اللقاء المشترك وخاصة في تنظيم الإصلاح وبأنهم مصابون بأمراض مزمنة ملؤها الحقد والكراهية, وكعادته في اعتبار نفسه قائداً أوحد وملهماً لليمن تحدى صالح المطالبين برحيله ودعا إلى الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة، ولم ينس تذكيرنا بأنه يتمتع بشرعية سياسية تسمح له بالبقاء في السلطة إلى عام 2013.
كلمة صالح التي تسعى لأن تعيد البلاد إلى المربع الأول تشي بأن الرجل غائب تماماً عما حدث في البلاد خلال الأشهر الستة الماضية, حيث كانت ساحات المدن وميادينها تغص بحشود الثائرين المطالبين بإسقاط نظامه, لكن لحظة صحو دفعته للاعلان عن استعداده لنقل السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور, متسائلاً بخبث اشتهر به إن كانت تلك الخطوة ستنهي الاحتجاجات وتضع حدا للانفلات الأمني في البلاد. قبل ذلك سعى أنصاره وحلفاؤه الاميركيون الى اللعب على وتر الدستور ومؤكد أننا لم نكن بحاجة لتصريح من الخارجية الأمريكية لنعرف أن اليمن يمكن أن يمضي قدماً بدون صالح الذي ظل جاثماً على صدور اليمنيين أكثر من ثلاثين عاماً تراجعت فيها اليمن إلى ما قبل العصور الوسطى, كما لم نكن بحاجة إلى تصريح علني لنعرف موقف واشنطن القائل بأنه سواء بقي صالح في السعودية أم لا فإن الوقت يضيع من حيث اغتنام الفرصة بالموافقة على المبادرة الخليجية والمضي قدما في عملية الانتقال للسلطة, بشكل سلمي ومنظم, وكان واضحاً أن الاميركيين يطالبون باعتماد نائب صالح كرئيس مؤقت يتم التعامل معه إلى أن يتم اتخاذ قرار بشأن مستقبل العقيد الذي غادر المستشفى لكنه لم يغادر الرياض حيث يتوقع أن تطول إقامته رغم ما يعلنه شخصياً ومعه أبواقه الاعلامية من أنه سيعود إلى البلاد بعد فترة نقاهته المحددة من الأطباء.ينسى الاميركيون وهم يفتشون في ثنايا الدستور اليمني أن صالح لم يعد شرعياً, إذ يتحدث الدستور اليمني عن أنه إذا خلا منصب رئيس الجمهورية أو في حال عجزه الدائم يتولى نائبه صلاحيات الرئيس لمدة شهرين يتم خلالهما إجراء انتخابات رئاسية, وينسون أيضاً أنه استناداً إلى الدستور اليمني فإن نائب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يقوم بأعمال رئيس الجمهورية منذ الثالث من حزيران الماضي هو نفسه لم يعد بقاؤه دستوريًا لكون المدة الدستورية مضت، ولم يدع إلى انتخابات رئاسية.ثمة في أروقة نظام صالح من يجادل في أن من يتحدثون بهذا المنطق لا يستندون إلى أي نص دستوري أو أنهم يرغبون في تفسير نصوص الدستور على هواهم وبما يخدم أغراضهم, مستندين إلى أن المادة 116 من الدستور لا تنطبق على حالة الرئيس، ومنصب رئيس الجمهورية لم يخل، ولم يصب صالح بعجز دائم وهو يمارس عمله أثناء وجوده في الخارج، ويرون أن المادة التي يتحدث عنها المعارضون تتحدث عن العجز الكلي عن إدارة الدولة، لكن رئيس الدولة مثله مثل أي مواطن أو وزير خرج بداعي الإصابة، وهو يمارس صلاحياته الآن، ويحدث أن يأخذ رؤساء الدول إجازة بقدر هذه المدة، ولا تفسر على أنها عجز تام.لكن المعارضين يؤكدون أن عبد ربه بصفته نائب رئيس الجمهورية الذي يقوم بممارسة صلاحيات الرئيس وفقا للدستور أصبح خارج الدستور، فالرئيس يعتبر حالياً بحكم العاجز،وفي خضم هذا النقاش علينا معرفة أن شباب الثورة يرفضون الدستور الحالي لانه لم يكن عقداً اجتماعيًا، وكان صالح مرر مواده باستخدام أموال السلطة، وهم اليوم يثورون على صالح ودستوره، ويؤكدون أن ما يدور حالياً هو صراع قوى، وليس صراعاً قانونياً، هناك بقايا نظام يتمترس، وهناك ثورة شعبية تحاول أن تجتث هذا النظام، وهنا الشرعية شرعية ثوار، وليس شرعية قانون أو دستور، بمعنى لو جاءوا بفريق دستوري وقيل لهم النص الدستوري كذا وكذا، فإنهم لن يلتزموا لأن الأمر أصبح صراع قوى.وهكذا فان اليمن اليوم تعيش فراغاً حقيقياً وهي تدار حاليًا بقدرة قادر في ظل غياب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ونوابه ورئيس البرلمان، في حين ينتظر اليمنيون حلاً لا يعلمون ما هو قد يأتي لإنقاذهم من الكوارث الاقتصادية والأمنية والمعيشية.
في الحدث: صالح يبشر اليمنيين بقرب عودته
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 17 أغسطس, 2011: 08:28 م