TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثـامـن: تعالوا ندفع "الجزية" لقاسم عطا

العمود الثـامـن: تعالوا ندفع "الجزية" لقاسم عطا

نشر في: 17 أغسطس, 2011: 09:59 م

علـي حســينأتابع صولات اللواء قاسم عطا، وقد حرصت منذ أن تم تعيينه -ناطقا لكل شيء- على مشاهدة الفضائيات التي يطل منها وهو يعلن للعراقيين جميعا، أن العناية الإلهية أرسلته ليعيدهم إلى طريق الحق، بعد أن حاول البعض ومنهم "مؤسسة المدى" السير بهم في طريق الضلالة، ولان الرجل تربى على منهج "القائد الملهم" فهو يعتقد أن الجماهير بحاجة دائمة لمن يرسم لها طريق الخلاص،
لقد عاش العراقيون عقوداً طويلة في زمن القائد الذي لا يفارق شاشة التلفزيون، يعطي كل يوم دروساً في التربية والتثقيف لهذا الشعب المغلوب على أمره، حتى ذهب به الأمر ليخصص حلقة من "طلاته" التلفزيونية ليقدم فيها نصائح لأفضل طرق طبخ "الباميا"، ويبدو أن هواية صدام انتقلت لبعض المسؤولين الجدد من الذين ليس لهم اليوم سوى السير على خطى قائد النصر والسلام، فوجدنا اليوم من يصر على الظهور أكثر من مرة في اليوم ليقدم لنا فقرات كوميدية باتت محفوظة للجميع، وبعيدا عن كوميديا التفوق الأمني التي يتحفنا بها اللواء عطا بين الحين والاخر، خرج علينا بكوميديا من نوع جديد لم تخطر على بال المقربين من الحكومة أنفسهم، ففي حوار رمضاني أجرته معه قناة الديار بشر قاسم عطا العراقيين بأنه سيكسب حتما الدعوة التي أقامها على مؤسسة المدى والتي طالبها فيها بتعويض مالي قدرة "ثمانية مليارات دينار" وحين سأله مقدم البرنامج؛ ماذا ستفعل بهذا المبلغ؟ ابتسم ابتسامته التي تسحر قلوب العذارى، تبعها تصريح خطير قال فيه انه سيتبرع بالمبلغ إلى عوائل الشهداء، ومما لا شك فيه أنه لا يقصد عوائل شهداء الخروقات الأمنية التي يتسبب بها مسوؤلون وسياسيون على شاكلته. ويبدو أن الناطق لا يزال يعمل بعقلية وسيكولوجية الحزب "الضرورة" فهو يتهم كل من يناقش الملف الأمني بأنه ينفذ أجندة خارجية، حتى ذهب به الهوس إلى اتهام "المدى" بتلفيق القصص والحكايات ضده، فهو يعتقد ان الوضع الأمني ممتاز، وان الأخبار التي تنشر عن تفجيرات واغتيالات بالكواتم ما هي إلا هلوسات أصابت صحفيي المدى، ومن ثم، فهو منشغل بإعادتهم إلى طريق الصواب. وللحق فقد ذكرتني جمل السيد عطا بما كان يفعله رفاقه أصحاب "الزيتوني" فيما مضى، فإذا ما تجرأ أحد ووجه لهم نقدا، فهو من الحاقدين والشيوعيين والمجرمين.. وأزعم أن عطا صاحب الابتسامة الخلابة لابد أن يعلم أن وجوده في هذا المنصب الذي يخشى عليه من الهواء الطائر يحتم أن تكون خطواته وكلماته مرصودة وخاضعة طول الوقت للمناقشة والتحليل والانتقاد والهجوم عليها أحياناً، وإذا لم يكن كذلك، فالأفضل له ولنا أن يتفرغ للمناظرات التلفزيونية.أما أن يرى عطا أن مهاجميه ليسوا إلا مجموعة من الذين توهموا أنهم يملكون الحقائق، فهذا هو الوهم بعينه، ذلك أن الحقائق على طريقة السيد الناطق ليس بشيء يتمنى عاقل أن يدعى إليه، أو يشارك فيه، كونها ليست سوى بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع. إن عطا ورفاقه من الذين يصرخون كل يوم مثل الثكالى خوفا على الحكومة واعتبروا أن المطالبة بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين، نوع من الافتراء والشطط في المطالب، هؤلاء ليس من حقهم أن يتحدثوا باسم شهداء هذا الوطن الذين ذهبوا ضحية ممارسات سياسية خاطئة وتقصير امني واضح. بالمناسبة، أسأل السيد عطا أين كان يوم الاثنين الماضي والتفجيرات تهز معظم مدن العراق؟ سيقول البعض انه كان في غرفة العمليات يتابع الوضع الأمني، والحقيقة أن الرجل كان يجلس إلى جانب الحاج كامل الزيدي يوزع الابتسامات لكاميرا العراقية وهي تنقل مباراة الزوراء وأربيل. ولعل ما قاله ويقوله "عطا هذا الزمان" عن الانتصار في المعركة الأمنية يكشف إلى أي مدى جرى قصف أدمغة العامة والبسطاء بأسلحة مجرمة في الممارسة السياسية، أحدثت دمارا هائلا في الوعي الوطني النقي البسيط الذي يحاول عطا والمقربين من الحكومة تسطيحه. إن أحاديث عطا عن انتصاراته الوهمية والنشوة التي تملكته دفعته إلى اعتبار العراق بلده وحده وعلى الذين يعارضوه أن يبحثوا عن تأشيرة هجرة إذا لم يعجبهم الحال.و أظن أنها منتهى الإنسانية والرحمة من اللواء عطا المنتفخ بانتصاراته الوهمية  أنه لم يفرض على المدى ومحرريها أن يدفعوا له "الجزية"، كما أن الرجل كان كريما معنا ولم يعتبرنا من الإرهابيين ولم يطلب تجريدنا من الجنسية لأننا تجرأنا وكتبنا عنه.من باب التكرار والإعادة القول، إن من حق الشعب الذي دفع ثمنا باهظا للتغيير الشامل، بسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، أن يطالب بما يريد، وان يعرف عطا ومن لف لفه أن العراق لن تبتلعه حرائق الإرهاب لو رحل عنه البعض من الناطقين، وان هذه البلاد ليست هبة لأحد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram