باهتمام ملحوظ تابعت وسائل إعلام عربية اعتصام المتظاهرين في محافظة الأنبار، وخصصت الصحف والفضائيات مساحات واسعة من صفحاتها ونشراتها لتسليط الضوء على المستجدات في الساحة العراقية بعد اعتقال عناصر من حماية وزير المالية رافع العيساوي "
وفي بعض افتتاحيات صحف خليجية، وردت إشارات تفيد بتوفر الأرضية المناسبة لاستنساخ السيناريو السوري في العراق، أو التوجه نحو تجديد المطالبة بإقامة إقليم الأنبار بوصفه إجراء قانونيا ودستوريا يمنح لأبناء المحافظة التخلص من هيمنة الحكومة المركزية لتدير شؤونها بنفسها، وذكرت أن زيارة المالكي الأخيرة إلى الأردن تأتي في إطار وضع ترتيبات أمنية مشتركة بين البلدين، في حال تفاقم الأزمة الحالية، ويبدو أنها ماضية نحو التصعيد لأن أطرافها ترفض التنازل عن سقف مطالبها.
الأوضاع في البلاد باتت تثير القلق، بعيدا عما يروج له الإعلام العربي، وخطورة الأزمة تكمن في منحها عنوانا طائفيا، وكشفت عن الوجه الكالح للعملية السياسية،فجهود
الوساطة بين المالكي والعيساوي وصلت إلى طريق مسدود، بحسب الشيخ احمد أبو ريشة:" توجهت إلى بغداد ليس ممثلا لوفد مصالحة أو تفاوض، وإنما أمثل كيانا سياسيا باسم صحوة العراق التقيت المالكي ووزير العدل، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وسمعت تطمينات منهم، ولكن لم تنفذ أية خطوة باتجاه احتواء الأزمة". وذكر أيضا:" الأمور خرجت عن السيطرة وحذرنا الحكومة من خطورة الوضع وقد عرضنا الحلول الصحيحة ولم نحصل منها على استجابة ويجب أن تلتفت لخطورة الوضع وتفادي العواقب"
مايثير الغرابة في التعاطي مع الأزمة أن جهات منضوية في التحالف الوطني أكدت إجراء اتصالات مع القائمة العراقية لحسم المشكلة، في حين أعلن ائتلاف دولة القانون رفضه التدخل في شؤون القضاء، وليس هناك إمكانية للتسوية أو التراجع، وذكر أن العيساوي اعتذر للمالكي بعد أن وصل له شريط يصور اعترافات المتهمين من عناصر حمايته.
في ظل التصريحات المتضاربة، ضاعت الحقيقة، فلا أحد يستطيع أن يستشرف ما يخفيه المستقبل على الرغم من وجود فيلق كامل من المحللين السياسيين بعضهم يطرح الرأي وفقا لمزاجية الفضائية وتوجهاتها، وضبابية المشهد السياسي، تنسجم مع أحوال الطقس، فأصبح بأمسّ الحاجة لهيئة أنواء جوية ترصد حركته وتقلباته، ومفاجآته، لإعطاء صورة حقيقية عن الجهود المبذولة لاحتواء الأزمة، والحد من اندلاع أخريات لقطع الطريق أمام مسعى الإعلام المضاد للترويج لأوهام تأخذ صفة الحقيقة لكثرة تكرارها، وتداولها وعرضها بأسلوب يضمن تأثيرها في الرأي العام المحلي.
العملية السياسية تعاني "طركاعة " مزمنة، وعلاجها بيد من شارك فيها، لأن الجميع يؤكد التزامه بالحوار والتفاوض لتسوية الخلاف، وينبذ الطائفية والمذهبية، ويشدد على تحقيق الاصطفاف الوطني، وهذه الرسالة المعلنة، لم تصل إلى العراقيين، لتبدد قلقهم ومخاوفهم من إعلان بيان رقم واحد.
"انتفاضة" الأنبار
[post-views]
نشر في: 29 ديسمبر, 2012: 08:00 م