وديع غزوانعدا مهلة المئة يوم بنتائجها الشكلية المعروفة ، فإن ردود الانفعال الحكومية والبرلمانية كانت سلبية إزاء موجة التظاهرات التي انطلقت في بغداد والمحافظات ، فموقف الحكومة اتسم ومنذ البدء بردة فعل انفعالية مهّد لها رئيس الوزراء بسيل الاتهامات للمحتجين ما أعطى غطاءً ومسوغاً للأجهزة الأمنية لممارسة ( شطارتها ) على العزل من المواطنين شباباً ونساءً وشيوخاً.. ولم تكتف الحكومة بسياستها تلك واستخفافها بمطالب المواطنين ، بل عمدت إلى تشديد إجراءاتها من مطاردات وقمع وإرسال مأجورين وغيرها ،
وبالضد من أي أسلوب يمت بصلة إلى الحدود الدنيا من المبادئ الديمقراطية . في إقليم كردستان كانت الصورة مختلفة ، حيث عكف المسؤولون جميعاً على دراسة التظاهرات وأسبابها ،وأعلن رئيس إقليم كردستان برنامجاً إصلاحيا واسعاً ، كما عقد البرلمان الكردستاني جلسة استثنائية خرج منها بسبع عشرة نقطة وضعها قاعدة للحوار ، واتخذت الحكومة حزمة إجراءات على طريق معالجة المشاكل . ورغم أهمية ما حصل فان الأهم من كل ذلك هو هذا الإصرار على أن يكون الحوار الصريح مع المعارضة هو الطريق لإصلاح الأخطاء . لا ندعي أن ما حصل لحد الآن كافٍ، فما زالت بعض العقبات تواجه المباحثات الخماسية بين الأحزاب الكردستانية , غير أن الجميع رغم تمسك المعارضة بمواقفها السابقة ، متمسك بمصلحة المواطن ويسعى لأن يقدم برنامجا يقترب فيه من طموحاته ، خاصة في مجال تدعيم أسس البناء الديمقراطي للتجربة الكردستانية , وإبعادها عن شبح الاستبداد وترسيخ مبدأ ترسيخ الحريات للمواطن لاختيار من يراه مناسباً لقيادة المرحلة . قد يكون الطريق ما زال طويلاً أمام المسؤولين في كردستان , لكنه على الأقل واضح المعالم ، وهذا ما نفتقده في بغداد وبقية المحافظات ، ما يعني استمرار التذمر الشعبي الذي يرجح أن يتصاعد إذا بقيت أطراف العملية السياسية بهذا المستوى من التعاطي مع الأحداث التي يمر بها البلد وعلى مختلف الصد السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وقد يكون بيان عدد من المنظمات الشبابية الذي أعلنته قبل أيام والمتضمن إعطاء مهلة شهر للحكومة لمراجعة مواقفها وتحديد يوم 9/ 9 كموعد أخير لذلك، فرصة أخرى ليس للحكومة ومجلس النواب فحسب، بل لجميع أطراف العملية السياسية لمراجعة مواقفها بالنسبة لعملية التغيير التي تنشدها الغالبية العظمى من المواطنين . ليس من العيب على النخب السياسية أوالحكومة أو مجلس النواب أن تعترف بأخطائها بحق مواطنيها وان تعلن صراحة تقصيرها تجاه تلبية حاجات المواطنين الأساسية، ولكن العيب كله هذا الإصرار على تجاهل ما يحدث من معاناة وخيبات أمل . ما يعوزنا الكثير ، خاصة في مجال تعزيز قيم المواطنة والعدالة والابتعاد عن تحويل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات لتعيين الأبناء والأقارب.. ما يعوزنا ديمقراطية ومنهج صحيح في بناء الدولة ،عندها يمكن أن نطمئن إلى أن الكهرباء والخدمات الأخرى ستجد طرقها إلى الحل .
كردستانيات: من وحي بيان الشباب
![](/wp-content/uploads/2024/01/bgdefualt.jpg)
نشر في: 19 أغسطس, 2011: 06:17 م